«سد النهضة .. لعبة بنوك المياه فى حوض النيل» كتاب جديد يحذر من تداعيات سد النهضة على مصر
حذر كتاب جديد بعنوان «سد النهضة .. لعبة بنوك المياه فى دول حوض النيل» للكاتب الصحفى مصطفى خلاف من تداعيات السد الإثيوبى على مختلف أشكال الحياة فى مصر، حيث أكد أن ما يجرى يكشف عن واحد من أخطر السيناريوهات التى جرى التخطيط لها منذ فترة، وتتلخص فى إنشاء مجموعة من السدود بامتداد الهضبة الإثيوبية لتخزين المياه والتحكم فيها وهو ما تصدت له مصر فى مراحل مختلفة من تاريخها .
وقال مصطفى خلاف، الكاتب الصحفى المتخصص فى الشأن الاقتصادى وشئون الزراعة والمياه: الدراسة تكشف عن وجود مخطط يستهدف الإضرار بمصالح مصر المائية وإلغاء الاتفاقيات التى تؤكد حق مصر التاريخى فى مياه المياه وكذا حصتها البالغة 55.5 مليون متر مكعب ، وإثيوبيا تسعى من وراء انشاء سد النهضة إلى إلغاء دور السد العالى تماما والتحكم فى كميات المياه التى تتدفق لدولتى المصب مصر والسودان .
وأشار الكتاب - الذى يناقش على مدار 12 فصلا أبعاد أزمة سد النهضة وتسعير المياه والصادر عن دار «أوراق» للنشر والتوزيع، إلى أن ما بذلته مصر من جهد على مدار السنوات الماضية خلال المفاوضات وصولا للمحطة الأخيرة التى جرت برعاية من الوسيط الأمريكى على أمل التوصل لإتفاق عادل يضمن عدم وجود تأثيرات سلبية للسد على نواحى الحياة المختلفة، والتى أقل ما توصف به أنها ستكون «مرعبة» يحمل فى طياته أكثر من معنى أهمها تقديم مصر وقيادتها لمبدأ حسن الجوار وعدم الاضرار بمصلحة إثيوبيا وهو ما تضمنه اتفاق إعلان المبادئ 2015 ، غير أن رياح المفاوضات وتعنت الجانب الإثيوبى وخبثه جاء بما لم تشتهيه سفن الثقة والأمان التى كان يسافر بها المفاوض المصرى بين العواصم لحضور هذه المفاوضات وصولا إلى العاصمة واشنطون التى شهدت انسحابا أثيوبيا من الجولة الأخيرة بها وعدم التوقيع على الاتفاق النهائى.
وأوضح «خلاف» فى أحد فصول الكتاب أن إثيوبيا وقوى إقليمية أخرى تسعى لتحويل سد النهضة ليكون أو بنك للمياه فى العالم ويتم من خلاله التعامل مع المياه كسلعة تباع وتشترى شأنها شأن البترول ، وهو ما جرى طرحه على استحياء فى اوقات سابقة ضمن أوراق ودراسات خاصة بالبنك الدولى .
وأضاف أن مياه النيل كانت وستظل مطمعا ومسرحا للتدخلات الدولية ، المباشرة تارة وغير المباشر تارة أخرى ،وقد بذلت مصر جهودا كبيرة على مر التاريخ لتأمين وصول مياه النيل إلى أراضيها لإدركها أنه يمثل شريان الحياة لمصر وللمصريين ، وأنها قدمت على مدى سنوات طويلة خاصة خلال الحملات التى بدأت منذ عهد محمد على وصولا إلى عهد الخديوى إسماعيل الالاف من ابنائها الذين خرجوا فى حملات متتالية لتأمين منابع النيل والتصدى لتهديدات أثيوبيا "الحبشة" المستمرة .
ونبه الكتاب إلى أن مصر قدمت كل الدعم للدول الأفريقية خاصة دول حوض النيل ، وأنها لم تعترض على مشروع سد النهضة طالما أنه لن يؤثر على حصتها من المياه ومن منطلق علاقات حسن الجوار وتفعيلا لمبدأ بناء الثقة بين دول حوض النيل حيث وقعت على اتفاق إعلان المبادئ عام 2015 وجلست إلى مائدة المفاوضات لوضع حلول عادلة ومتوازنة إلا أنها فوجئت بإنسحاب وتصعيد الجانب الاثيوبى .
وأشار إلى أنه مع الزيادة في عدد سكان مصر بالتزامن مع مشروعات التوسع الأفقى الجديدة فإن الطلب على المياه سوف يزداد بوتيرة عالية خلال الفترة المقبلة نتيجة لزيادة الطلب على الغذاء ولتلبية متطلبات الحياة المختلفة، غير أن مكمن الخطورة فى أن الغالبية العظمى من موارد مصر المائية الممتمثلة فى نهر النيل تأتى من خارج حدود القطر المصرى وهي مياه مشتركة تأتى من منابع حوض النيل ونحو 85% منها يأتى تحديدا من المرتفعات الإثيوبية وشدد على أن مشروع سد النهضة لا يزال يمثل خطرا على مصر فى ظل التعنت والمراوغة من الجانب الإثيوبى بما فيها الانسحاب من المفاوضات التى كانت تجرى برعاية الوسيط الأمريكى والبنك الدولى ، مع وجود خلافات معلنة حول فترة الملئ والتخزين وطريقة إدارة السد .
وانتهى كتاب "سد النهضة .. لعبة بنوك المياه فى دول حوض النيل " الصادر عن دار نشر "أوراق" إلى مجموعة من التوصيات من بينها أن الوضع الحالى يفرض على مصر اللجوء إلى بدائل أخرى والتحول والاستعداد جيدا لمواجهة النقص الشديد المتوقع فى حصتها من نهر النيل البالغة 55.5 مليار جنيه والتى تبنى عليها خططها وبرامجها التنموية المختلفة بحيث تكون هذه الرؤية قائمة على إدارة مواردنا المائية فى ظل الندرة وليس الوفرة وتطبيق مبدأ الإدارة المتكاملة للمياه.