"كورونا والدولار".. موجة غلاء جديدة تضرب الأسواق.. القمح على رأس القائمة.. و"المنتج المحلي" يساهم في تقليل معدلات الخسائر
مجددًا عاد الدولار الأمريكي للصعود أمام الجنيه المصري كنتيجة حتمية لأزمة انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) والتي ترتب عليها حدوث تراجع الموارد الدولارية مثل إيرادات السياحة أو عائدات قناة السويس أو تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
إضافة لهدوء حركة تراجع التجارة الدولية وانكماش اقتصاديات الدول المجاورة بما انعكس سلبيًا على إيرادات مصر الدولارية ما ترتب عليه لجوء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي للسحب من الاحتياطي الأجنبي لـ«سد عجز» الإيرادات الدولارية.
صعود الدولار
«صعود الدولار» يشير أيضًا إلى احتمالية استقبال شواطئ الاقتصاد المصرية موجة غلاء جديدة وحدوث ارتفاع في أسعار بعض المنتجات لا سيما تلك التي يتم استيرادها من الخارج كالقمح على سبيل المثال أو تستورد موادها الخام من الخارج في ظل إصرار الدولار على استكمال رحله صعوده.
كما أنه يظل دائمًا الحجة القوية التي يقدمها التجار لتبرير قراراتهم واتجاههم إلى رفع أسعار بعض المنتجات.
مؤخرًا.. وتحديدًا بعد انتهاء إجازة عيد الفطر كانت الأسواق على موعد مع عودة «صعود الدولار» بعد أشهر طويلة تأرجح طوال أيامها بين الثبات في أحيان والتراجع في أحيان أخرى وعادت العملة الأمريكية لتتخطى حاجز الـ 16 جنيهًا في الوقت الذي شهد فيه احتياطي النقد الأجنبي المصري تراجعًا ملحوظًا.
التأثير
وحول تأثير الارتفاع الجديد لسعر الدولار أكدت قيادات الغرف وروساء الشعب النوعية بالاتحاد العام للغرف التجارية أن ارتفاع الدولار لن يظهر بشكل مباشر بينما هناك بعض القطاعات التي لن تتاثر بسبب وجود احتياطي من مستلزمات الإنتاج.
وبحسب الدكتور علاء عز الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية فإن ارتفاع سعر الدولار في الفترة الأخيرة لن يظهر تأثيره في الفترة الحالية ومن المتوقع أن يظهر بعد مرور ما يقرب من 90 يومًا على الأقل منذ تاريخ الزيادة.
«د.علاء»، أوضح أيضا أن الزيادات في سعر الدولار تقريبا 2 % وهى 10 قروش وتحاول الكثير من الشركات المنتجة العمل على امتصاص هذه الزيادات في الأسعار ، مع الأخذ في الاعتبار أن تحريك أسعار السلع ليس بالأمر السهل ولهذا تلجأ الشركات لتنفيذ سيناريو امتصاص الزيادة وعدم الاتجاه إلى تحريك الأسعار إلا في حالة احتمالية تكبد خسائر كبيرة.
الدواجن
ومن جهته قال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية: أسعار الدواجن لن تتأثر بارتفاع سعر الدولار في الفترة الحالية وبشكل عام فإن الأسعار تظل ثابتة حتى لو ارتفعت أسعار الدولار أكثر من ذلك.
خاصة وأن الاحتياطي الإستراتيجي من مستلزمات الإنتاج الذرة الصفراء والفول الصويا يكفى حتى 18 شهرا على الأقل ما يعنى أنه لن تكون هناك أية أزمات في توفيرها.
كما أوضح رئيس الشعبة أن «قطاع الثروة الداجنة مستقر ولن يتأثر بارتفاعات الدولار لا سيما وأن مصر لا تستورد الدواجن الحية من الخارج وكل ما يتم استيراده هو مسلتزمات الإنتاج وأكبر الأزمات التي تواجه الصناعة في الفترة الحالية تتمثل في عدم وجود أطر حاكمة للصناعة ولضبط الأسعار بحيث تكون أكثر استقرار ولا تتأثر بشكل سريع باى من المداخلات.
القمح والسكر
«مصر تستورد 60% من احتياجاتها».. رقم كبير يكشف في الوقت ذاته حجم التأثير المتوقع أن يحدث في الأسواق خلال الفترة المقبلة بعد عودة الدولار الأمريكي إلى الصعود مرة أخرى.
وبحسب توقعات عدد من الصناع الذين تحدثت إليهم «فيتو» فإنه من المتوقع حدوث ارتفاع أسعار الأقماح تبعا لارتفاع سعر الدولار بينما تشير التوقعات إلى استقرار الأرز والسكر.
وفى هذا السياق قال حسين بودى رئيس رابطة المطاحن عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات: من المتوقع أن تشهد أسعار القمح المستورد بشكل عام ارتفاعا تبعا لسعر الدولار في حال استمراره خلال المرحلة المقبلة على نفس الوتيرة الحالية، مع الأخذ في الاعتبار أنه يتم استهلاك 60% من القمح المستخدم في إنتاج الدقيق البلدى بكمية أكثر من 6 ملايين طن.
والنسبة المتبقية تتراوح ما بين 35 إلى 40% للقمح المستخدم في إنتاج الدقيق البلدى من القمح المحلى ويتم استهلاك ما بين 6 إلى 7 ملايين طن من القمح المستورد لإنتاج الدقيق الفاخر استخراج 72% بنسبة 100 % من الكمية المستهلكة وسعر القمح يصل 230 دولارا خلال شهر يونيو الجارى بينما كان سعره 220 دولارا خلال مايو الماضى.
وتابع: سعر الدولار يؤثر بشكل مباشر على أسعار الدقيق الفاخر وليس الدقيق البلدى حيث إن الحكومة ممثلة في هيئة السلع التموينية تتحمل فارق سعر القمح المستورد المستخدم في إنتاج العيش البلدى بينما القمح المستخدمة في الدقيق الفاخر يتحمله أصحاب المطاحن الدقيق الفاخر استخراج 72%.
من جهته كشف خالد الطاروطى، عضو شعبة المكرونة بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن «أسعار طن الدقيق الفاخر استخراج 72% تتراوح بين 4800 إلى 5000 آلاف جنيه في الوقت الراهن، في حين أن سعر الدقيق الفاخر كان من 4400 إلى 4500 جنيه خلال فبراير الماضى.
ومنذ بداية أزمة انتشار وتفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) خلال مارس الماضى بدأت الأسعار تشهد ارتفاعا، كما أن توقف الاستيراد من دول الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا وأوكرانيا على سبيل المثال نتيجة تداعيات فيروس كورونا تسبب في اتجاه بعض المستوردين وأصحاب المطاحن لرفع سعر الدقيق الفاخر ما بين 200 إلى 450 جنيها في الطن، وأى ارتفاع في سعر الدولار سوف ينعكس ذلك بشكل مباشر على استيراد الأقماح من الخارج، في حال استمراره على نفس الوتيرة.
كما أن سعر المكرونة بالسوق المصرى يشهد ارتفاعا بنسبة 10 إلى 15% نتيجة ارتفاع أسعار الدقيق تبعا لارتفاع أسعار القمح والتأثير الكامل للزيادة التي تشهدها أسعار الدولار ستظهر آثارها على أسعار المكرونة خلال 30 إلى 45 يومًا.
في حين أكد حسن الفندى، رئيس شعبة السكر سابقا بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن أسعار السكر في السوق المصرى تشهد حالة من الاستقرار، وسعر السكر عالميا بلغ 360 إلى 365 دولارا ويتراوح السعر على المستوى المحلى ما بين 6800 إلى 7 آلاف جنيها وفى مصر لدينا مخزون كاف من محصول البنجر والقصب والذي يتم استخراج السكر منهما، والمصانع كانت تعمل على استخراج السكر حتى نهاية الشهر الماضى حيث يتم استهلاك 3 ملايين طن لإنتاج مليوني و200 طن.
الأرز
أما رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات فأكد استقرار أسعار الأرز بالسوق المحلى ، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن حدوث أي تغير في سعر الدولار لن يكون له تاثير واضح على أسعار سلعة الأرز بالسوق المحلى حيث إنه لا توجد أي تعاملات سواء تصدير أو استيراد على الأرز ، والأسعار تتراوح بين 6 إلى 7،5 جنيه للحبة العريضة والرفيع يبدأ من 7 جنيهات.
البورصة
«أسواق المال».. واحدة من الكيانات ذات الارتباط الوثيق بحركة الدولار ، صعودًا كانت أو انخفاضا لهذا فإن أي تحرك في سعر العملة الأمريكية سرعان ما تظهر تداعياته على سوق المال.
ومنذ بدء انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) بدأت أسواق المال تعانى من قرارات الإغلاق التي اتخذتها غالبية الدول لا سيما وأنه على خلفية هذه القرارات توقفت حركة التجارة والسياحة وبدأ شبح الركود التضخمي العالمى يطارد اقتصاديات جميع الدول.
وهو ما دفع بعض الدول للبحث عن مصدر ثان لتلبية احتياجاتها يتمثل في الاحتياطي النقدى حيث تلجأ الحكومات إلى السحب منه مع الأخذ في الاعتبار أن احتياطي النقد الأجنبي يعتبر بمثابة حائط الصد المسئول عن عمل توازن لسعر الدولار وعدم ارتفاعه.
أسباب الارتفاع
وفى هذا السياق قال محمد عبد الهادى خبير أسواق المال: هناك أسباب عدة تبرر ارتفاع سعر الدولار الأمريكي خلال الأيام القليلة الماضية غير أن أهمها يتمثل في انتشار وتفشى فيروس كورونا حيث توقفت حركة التجارة والسياحة وهو ما دفع بعض الحكومات – ومن بينها الحكومة المصرية- للسحب من احتياطي النقد الأجنبي لتلبية احتياجاتها الداخلية، ما ترتب عليه معاودة الدولار الأمريكي للصعود مرة أخرى بعدما ظل لأشهر عدة يتأرجح بين الانخفاض أو الثبات في بعض الأحيان.
وتابع: قطعًا سيؤثر ارتفاع الدولار أمام الجنيه مستقبلا على الصادرات المصرية، كما أنه سيكون له تأثير سلبى على البورصة المصرية ما يعنى تأثر أصول الشركات، ولكن هذا التغير يعتبر مؤقت ومرهون باكتشاف علاج لمرض كورونا وفتح الاقتصاد جزئيا كي تعيد الأوضاع إلى نصابها مره أخرى.
ومن جهته قال أحمد العطيفى، خبير أسواق المال: كل الطرق حتى الآن تؤدى بالدولار لتحقيق ارتفاع محلي، وعودة المستثمرين الأجانب في أدوات الدين مرتبط بسعر الفائدة على الجنيه المصري وسعر الصرف مع منافسة الأسواق المحيطة بنا، والسياحة التي تعتبر أحد أهم المصادر للعملة الأجنبية بعد أن حققت العام الماضى ١٣ مليار دولار حاليا على أقصى تقدير في حال تم فتح الطيران الدولى مع ارتفاع البطالة على مستوى العالم وانخفاض إنفاق الأفراد ربما نحقق ٥ مليارات دولار.
كما أن تحويلات الطيور المهاجرة تأثرت هي الأخرى بجائحة كورونا وأصبحت في موقف لا تحسد عليه لا سيما وأن عددا كبيرا من العمالة المصرية في الخارج عادت إلى مصر وهناك من فقد وظيفته شأنه شأن بقية الجنسيات العاملة في البلدان الخارجية ، كما أن حركة التجارة العالمية التي أصبحت هادئة بعض الشيء خلال الفترة الماضية كان لها تأثير واضح على عائدات قناة السويس.
وبشكل عام يمكن القول أننا نواجه معادلة صعبة في ظل ظروف فرضت علينا جميعا وأصبحنا أمام سيناريوهات أفضلهما سيئ مع الأخذ في الاعتبار هنا أن التصنيع المحلى والاعتماد على المنتجات محلية الصنعة من أهم الخطوات الواجب اتخاذها خلال الفترة الحالية للعبور من هذا المأزق هذا إلى جانب العمل على فتح أسواق خارجية للمنتجات المصرية.
نقلًا عن العدد الورقي...