رئيس التحرير
عصام كامل

فهلوية استغلال الأزمات

لا أدري إلى متى سنظل نتعامل بمنطق "الفهلوة" واستغلال الكوارث لتحقيق مكاسب من "حرام" على حساب دم وصحة وسلامة الشعب المسكين، وتحديدا مع كل أزمة تحدث فى هذا البلد، على عكس السلوك السوى الذى تتعامل به كل شعوب الكون.

 

ففى الوقت الذى أجبر فيه "كورونا" كل شعوب العالم على التكاتف ومد يد العون لبعضها البعض طمعا فى النجاة، لجئت فئة ضالة من المصريين، إلى جمع الكمامات من أكياس وصناديق القمامة، بمعرفة عدد من معدومي الضمير من الزبالين، وإعادة غسلها وكيها، وبيعها أمام البنوك والمصالح الحكومية المزدحمة بأسعار زهيدة، دون تفكير سوى فى الربح، وصرف النظر عما يمكن أن تسببه من كوارث صحية.

 

وامتدت السلوك الكارثي إلى لجوء عدد من "الجهلاء" من سائقي الميكروباص، إلى محاولة الإفلات من غرامة عدم ارتداء الكمامة فى المواصلات العامة، وبدأوا فى نهج سلوك كارثي، بالاحتفاظ بعدد من الكمامات داخل سياراتهم، وتوزيعها على من لم يرتد كمامة من الركاب، قبل الدخل على لجان المرور، وإعادة جمعها فور عبور الأكمنة، والاحتفاظ بها وتوزيعها على ركاب آخرين في الرحلات الجديدة.

 

اقرأ أيضا: حكايات من زمن "كورونا"

 

وامتد سلوك "فهلوية استغلال الأزمة" الذى يأتي فى توقيت لا يمتلك فيه مواطن الحد الأدنى للنجاة، إلى حد استغلال حاجة الناس الماسة ل "الكمامات" وتشغيل خطوط إنتاج ضخمة فى ورش "تحت بير السلم" لا علاقة لها بصناعة المستلزمات الطبية، ولا تمتلك الحد الأدنى من المواصفات الصحية، تلقى إلى الأسواق يوميا بآلاف الكمامات المصنعة من خامات رديئة وهشة، يتم بيعها للمواطنين عن طريق محلات البقالة والمكتبات واكشاك  السجائر.

 

وهو ما جعل شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات تجزم بأن 80% من الكمامات التى تباع بالأسواق "غير مطابقة للمواصفات، دون أدنى تدخل من الدولة.

 

وبدلا من التكاتف فى مواجهة الفيروس، والاتعاظ من الخطر الذى اطلقته منظمة الصحة العالمية، من احتمال وجود تهديدات من موجة ثانية اكثر شراسة من "كوفيد-19" لجأ عدد من مستوردي المستلزمات الطبية ومعهم الأغلبية العظمى من الصيادلة، إلى رفع أسعار الكمامات بنسبة تزيد عن ال 1000% حيث يتم بيع الكمامة الصينية الصنع بسعر يصل يتراوح بين 4 و 6 جنيهات، على الرغم من أن تكلفتها على المستورد لا تزيد على 20 قرشا، وكانت حتى يناير الماضى تباع في الصيدليات بسعر 50 قرشا، وتورد إلى المستشفيات بسعر 40 قرشا.

 

اقرأ أيضا: "الحرم الإبراهيمي" فى قبضة الصهاينة

 

ولم يتوقف سلوك "الفهلوة" والجشع عند هذا الحد، بل امتد إلى قيام الأغلبية العظمى من الصيادلة، إلى إخفاء كل الأدوية المستوردة والمحلية التى يرد ذكرها فى اى بروتوكول تجيزه وزارة الصحة لعلاج "كورونا" مثل "تامفلو" الذى وصل سعرة إلى نحو 2000 جنيه، والأدوية التي نصح بتناولها لزيادة المناعة مثل "فيتامين سي، والزنك، والبنادول" والتى اختفت تماما، وتباع فى الخفاء ب 10 أضعاف سعرها الأصلي.

 

ووصل حجم الإبداع فى "الفهلوة" والاستغلال، إلى ظهور أنواع ومنتجات غريبة من المطهرات، تحتوى على مواد كاوية ومجهولة، ذات رائحة نفاذة، تصيب الإنسان بأمراض جلدية ورئوية خطيرة، يتم تحضيرها بمعرفة "جهلاء" داخل أحواش فى مناطق نائية، كانت تعمل قبل "كورونا" فى تصنيع الكلور والصابون السائل المضروب، الذى يباع فى الأسواق والمناطق الشعبية فى القرى والنجوع.

 

اقرأ أيضا: إثيوبيا تلعب بالنار

 

أؤكد أن خطورة الأمر يفرض على الحكومة ضرورة التدخل بشكل عاجل وسريع، بإسناد مهمة توزيع الكمامات والمطهرات لوزارة التموين، لتتولى توزعها شهريا على بطاقات الدعم، ضمانا لصحة وحياة المواطن، دون تحميل الدولة أعباء مالية جديدة.

 

والضرب بيد من حديد على رؤوس "فهلوية استغلال الأزمات" وإعادة تقويمهم "عنوة" من خلال تشريعات "رادعة" تجبرهم فى المستقبل على احترام معاناة الفقراء.. وكفى.

الجريدة الرسمية