رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب الريحاني يروي حكايته مع كشكش بيه

الفنان نجيب الريحاني
الفنان نجيب الريحاني

فى مجلة آخر ساعة عام 1944 كتب الفنان نجيب الريحانى الذى رحل فى مثل هذا اليوم 8 يونيو 1949 قال فيه: بدأت حياتى العملية موظفا بشركة السكر ثم فصلت ولا تسألنى عن أسباب الفصل وذهبت يوم الفصل إلى قهوة ما زالت تعشش فى رأسى كل معالمها حيث كنا نلتقى مع مجموعة من الشباب الخايبين وكان يرأس المجموعة المذكور  المرحوم الأستاذ عزيز عيد وكان من بين أعضائها أستيفان روستى وأمين صدقى.

 

كان جرسون القهوة رفيقا بنا مطلعا على ظروفنا فلم يسألنا فى يوم من الأيام عن الحساب لكننا كنا ندفع ولكن متأخرا ، وبعد أيام بدأ صاحب المقهى يسأل: مين دول؟ فقيل له: أرتست. فقال: ومتلقحين كده ليه ، وجاءه الرد: محتاجين عشرة جنيهات بس يا خواجة ينى ، فأعلن استعداده دفعهم بشرط يشرف على صرفهم.

أخذنا العشرة جنيهات واستأجرنا مسرحًا ودفعنا أجرا أربعة جنيهات ودفعنا الستة الباقين فى التذاكر والإعلانات والملابس وغيره ، ومثلنا يومها رواية فرنسية ترجمها عزيز عيد اسمها (خلى بالك من إميلى) وأسندوا لى دور مضحكا ، ونجحت الرواية إلى حد كبير وبلغ الإيراد اليومى لها 18 جنيها ، فأعدنا إلى الخواجة ينى العشرة جنيهات ، وكان حصتى فى المسرح الثلث.

قدمنا بعد ذلك روايات "فودفيل" وكانت أدوارى كلها مضحكة وأصبح زبون المسرح يسأل عن وجودى أولا قبل دخول المسرح مما أصابنى بالغرور.

اكتشفت أن هناك معجبين بشخصى الهايف الضعيف فعرضت على عزيز عيد أن يذكر فى الإعلانات أسماء ممثلى الرواية البارزين وممثلاتها لكنه رفض فتركت الفرقة ، وعدت إلى قهوة ينى واختفت القروش من حياتى.. لكن كان زميلى أستيفان روستى يأتينى بين الحين والآخر ومعه طعام وعلبة سجاير تساوى شلن ويقول لى خذ بر نفسك ، وعلمت بعد ذلك أن أستيفان أصبح دون جوان فى السينما.

وفى يوم حكى لى أستيفان أنه وقع على خواجة صاحب كباريه فى شارع الألفى وأنه يمثل عنده ادوار استعراضية نظير أجر يومى 60 قرشا وقال إنهم طالبين ممثل يقوم بتمثيل دور خادم بربرى والأجر 40 قرشا فى اليوم فمثلت ونجحت وأصبحت من الأغنياء وانقطعت ثانية عن قهوة ينى.

 

ومرت الأيام ، وذات يوم تمثلت لى فى المنام شخصية كشكش بيه شخصية العمدة الفالح الذى غادر الريف وحضر إلى المدينة وانغمس فى ملاهيها وملذاتها ، فقلت لنفسى لماذا لا أظهر فى هذه الشخصية على المسرح.

كتبت اسكتش من فصل واحد عنوان (كشكش بيه فى مصر) وقدمناه بطريقة الفرانكو آراب فنجح نجاحا كبيرا وارتفع مرتبى من 14 قرشا إلى 14 جنيها فى الشهر وأصبحت كشكش بيه وعندما وصلت الرابعة والثلاثين من عمرى ارتفع دخلى إلى 314 جنيها فى الشهر وأصبحت ثريا ألعب بالألوف.. لكن كان النسوان ورايا ورايا وكانت حواء التى طردت آدم من الجنة هى حواء التى طردتنى من الكباريه وأعادتنى إلى قهوة ينى.

نجيب الريحانى يكتب: الشيخ رفعت هز كيانى

ودارت الأيام وحضر إلى مصر ممثل فرنسى مشهور وذهبت لأشاهد مسرحية قدمها فقال لى الشخص الجالس بجوارى: هذا هو الفن مش الأراجوز كشكش بيه ، أصابنى الخجل ووافقته على ما يقول ومن ذلك اليوم حاولت تقديم نوع آخر من الروايات لكن انسحب الجمهور من المسرح وافتقرت مرة أخرى وعدت إلى قهوة ينى.. لكنى عدت ثانيا إلى كشكش بيه.

الجريدة الرسمية