هل الحسد بالعين حقيقة؟!
ابنى أصابته عين نظرا لتفوقه الدراسي بين أقرانه، وكعادته دعا الله كثيرا أن ينجح ويتفوق كعادته، ولكن عند ظهور النتيجة كان أقل زملائه نجاحا، فهل يتغلب الحسد على دعاء الإنسان الخالص لربه؟ وما التفسير الصحيح؟ وما هو جزاء الشخص الحسود؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف في الجزء السادس -المتفرقات- من كتابه "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام"، فيقول فضيلته:
الحسد بالعين حقيقة واقعة وجاء فيها الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العين حق، ولو كان شىء سابق القدر لسبقته العين" رواه مسلم .
وكذلك الحسد وهو تمنى زوال نعمة الغير موجودة بين الناس، زهو مذموم. والذى يحسد غيره بمعنى من المعنيين السابقين إنسان ارتكب محرما، وعليه أن يعود نفسه الدعاء بالبركة لمن رأى فيه شيئا طيبا، وأن يحب للناس ما يحب لنفسه.
والمؤمن معرض لأن يحسده إنسان آخر ، وما عليه إلا أن يتحصن بقوة الإيمان والثقة بالله وقراءة القرآن ، وبخاصة آية الكرسى وأواخر سورة البقرة وسورة يس، ويدعو الله أن يقيه شر الحاسدين "قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس" مهمة في هذا المجال.
اقرأ ايضا: حكم الشرع فى أخذ الزوجة من مال زوجها
وعليك أيها السائل أن تستمر في نشاطك ولا تبال بما يقال أو يفعله أو يضمره لك غيرك، وأن تقوى ايمانك بالله ، والرضا بقضائه، وألا تيأس عند حلول نقمه أو فشل في مشروع ، فذلك إمتحان من الله، والله تعالى يقول: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (البقرة:214).
لا تيأس من رحمة الله ابدا، فكم في السابقين من توالت عليه المحن فصبر فكان النجاح الباهر، ولكم في رسولف الله صلى الله عليه وسلم إسوة حسنة ، وقد قال اله لرسوله صلى الله عليه وسلم : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (الاحقاف: 35) .
اقرأ ايضا: حكم الشرع في منع المرأة من حقها في الميراث
وحسد الإنسان لغيره حرام لأنه ضرر، والإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار كما نص عليه الحديث وجاء في رواية لمالك أن عامر بن ربيعة لما حسد سهل بن حنيف على جمال جسمه وكان يغتسل فأصابه اضطراب ولما عرف الرسول قال: "علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت؟" أي دعوت له بالبركة.
فمن عرف بحسده وجب عليه العمل للتخلص منه عن طريق الإيمان بالله وحب الخير للناس والرضا بما قسم الله له ، وأجاز بعض العلماء فيمن لا يستطيع التخلص من الحسد أن يحبس حتى يمنع شره عن الناس.