الفنانة رجاء حسين: حجيت بيت الله 11 مرة.. وملتزمة بالصلاة في أوقاتها منذ 20 عامًا.. ولم أتناول كأس بيرة أو خمرة بحياتي (حوار)
عندما أشاهد الأعمال الفنية الجديدة أنسى التمثيل وأصاب بالعمى.. كفى إخراجا للموبقات والفواجع
واجهت ثورة عارمة من والدي بسبب رغبتي في التمثيل.. وغنائي «يا دبلة الخطوبة» شهدت انطلاقتي الفنية
عانيت ظروفا صعبة مع ماري منيب وميمي شكيب على مسرح الريحاني بسبب أدوار «الخلاعة».. و«سكة السلامة» أول عمل عرفني بالجمهور
«كفر البطيخ» أول بطولة تسند إلي على خشبة المسرح القومي.. وتعرضت لهجمة شرسة بعد تعييني
سيدة الشاشة العربية صرخت في وجهي خلال تصوير «أفواه وأرانب» لهذا السبب
لا يعجبني رقص تحية كاريوكا لكنها ممثلة بارعة وقوية.. ورأيت عادل إمام فنانا عظيما داخل البلاتوه
طظ في الدراما لو تعارضت مع المسرح.. ودوري في«مارد الجبل» أتعبني وأرهقني كثيرا
تعرضت للظلم في «ذئاب الجبل» ونادمة على مشاركتي في هذا المسلسل
سعدت بتجرِبتي مع هند صبري في«عايزة أتجوز».. وتمنيت تجسيد الأدوار التي لعبتها هذه الفنانة
أنا الممثلة الوحيدة في مصر التي قدمت 5 أفلام مع يوسف شاهين وكنت أفهم دون باقى الفنانين ما يريده من الممثل
لن يجود الزمان بفنانة مثل سعاد حسنى وكانت تتحدث تمثيل «من شعر رأسها إلى إصبع قدمها الصغير».
فاتن حمامة بسيطة ومتواضعة وحساسة ولم تكن تحب التحدث عن حياتها الشخصية ولا أتذكر أنها جرحت شعور أحد مطلقًا
المسرح أبو الفنون ومن يتربي على خشبته من المستحيل أن يستغني عنه
اشتركت في مسلسل «زيزينيا» مجاملة للراحل أسامة أنور عكاشة والمخرج جمال عبدالحميد ولم يكن هذا الدور يليق يقيمتي
عفاف شعيب قلبها أبيض من وجهها وإلهام شاهين على المستوى الإنساني لا يضاهيها أحد وليلى علوي ويسرا من أعظم شخصيات الوسط الفني
أعترف بالغيرة الفنية من الفنانة سناء جميل وتمنيت لو كنت مكانها في تجسيد الأدوار التي لعبتها
لا أحد الآن ينظر للثقافة بـ«نكلة».. وأصبحنا نعيش «عوالة» على ماسبيرو زمان
«من خشبة المسرح إلى بلاتوهات التصوير وشاشات عرض السينما».. رحلة ممتدة وثرية عاشتها الفنانة القديرة رجاء حسين، رحلة لم تكن بدايتها سهلة على الإطلاق، وإن كانت الصدفة لعبت دورا في حدوثها، غير أن الأب رفض في البداية رفضًا قاطعًا- أن تعمل ابنته في الفن، الابنة التي كانت الأزمة الصحية الطارئة لزميلة لها في مدرسة طنطا الثانوية، بمثابة بوابة مرورها إلى «عالم الفن»، لتأتى بعد ذلك حفلة خطوبة، بعد انتقال العائلة إلى القاهرة، يشاء القدر أن يحضرها أعضاء فرقة «ساعة لقلبك» الشهيرة، الذين استمعوا إلى الطالبة «رجاء» وهى تغنى «يا دبلة الخطوبة» ليقدموا لها نصيحة بالعمل في الفن.
وهنا غادر القطار محطته الأولى، لتتوالى محطات النجاح وتتنوع ما بين (المسرح، السينما، الدراما التليفزيونية والإذاعية).
القديرة «رجاء» يمكن القول إنها تحولت بمرور السنوات إلى نموذج يحتذي به في الصبر والإصرار، حفرت اسمها بموهبتها وحدها وسط عمالقة الزمن الجميل، حتى تمتعت بقدرات تمثيلية هائلة، جعلتها تنال مكانة مميزة في الساحة الفنية، مكنتها من اختراق قلوب ملايين الناس.. وفى الحوار التالى لـ"فيتو" تروي حكايات وأسرار مسيرة 60 عامًا في التمثيل وتاريخًا حافلًا في المسرح والسينما والدراما، وحكايات أخرى.. فإلى نص الحوار:
*نعود إلى سنوات البداية.. حدثينا عن خطوتك الأولى في عالم الفن؟
كان لدى فضول التلصص على كل ما يدور في مسرح مدرستي طنطا الثانوية للبنات؛ حيث كان التمثيل يستهويني بشكل غريب للغاية، وفي أحد الأيام وجدت «هرج ومرج» بشكل غير طبيعي في مسرح المدرسة، وعندما حاولت معرفة السبب أخبروني أن الطالبة التي تجسد دور السندريللا تعرضت لالتواء في الكاحل، والأطباء منعوها من الوقوف، وتحتاج إلى الراحة لمدة 10 أيام، وقتها وقفت وبشجاعة قلت لهم «أنا حافظة الدور»، فلقد كنت أتابع البروفات كالسامع الشارب، وبالفعل جسدت الدور بنجاح، وأؤكد لك أن التمثيل لم يكن يعنيني في شيء، لكن تصفيق الناس لي خلال العرض جعلني أحب التمثيل وليس التعلق بفنانة معينة.
*وما الذي حدث بعد هذه المصادفة التي أدخلتك دُنيا التمثيل؟
بعد انتقالنا للقاهرة، التحقت بمدرسة شبرا الثانوية، ونشبت بيني وبين زميلة لى صداقة قوية، جعلتها تطلب مني حضور فرح خالتها، وعندما ذهبت ألحت على بشكل عنيف من أجل غناء «يا دبلة الخطوبة»، وبالفعل استجبت لها، وصادف خلال غنائي تواجد فرقة «ساعة لقلبك» والكاتب الكوميدي والمؤلف يوسف عوف، فأعجب بصوتي، وطلب مني الذهاب معه للإذاعة والتقديم في برنامج اكتشاف المواهب «ركن الهواة» وبالفعل استجبت له، وغنيت عدة أغانٍ للفنانة الراحلة شادية، والراحلة ليلى مراد، ونجحت في الاختبار، وتم تخصيص أحد الملحنين ليتولي موهبتي الغنائية.
وبالفعل غنيت للإذاعة لمدة 15 دقيقة ، وعندما علم والدي بهذه القصة هاج وماج، وقالى لي وقتها: «إحنا هنشتغل عوالم.. إيه اللى إنتى بتعمليه ده؟»، وأظهر ثورة عارمة ضدى، حينها قلت في نفسي: «يا نهار أسود.. أمال لو عرف إنى همثل هيعمل إيه؟».
*وكيف نجحتِ في إقناعه بقبول فكرة التمثيل؟
قررت إرسال خطاب لعمي محمود في طنطا يشبه العريضة، وأطلعته على تفاصيل الحكاية، ورغبتي في التمثيل، وفي أحد الأيام فوجئت به يحضر إلى منزلنا لإقناع والدي بفكرة التمثيل، وسألني أبي: ما حكاية معهد التمثيل؟ فأكدت له عشقي للتمثيل، وقصصت عليه الحكاية بحذافيرها، وأخبرته أن أنور محمد مؤسس فرقة «ساعة لقلبك»، والمسرح الحر، سيوفر لي استمارة المعهد العالي للفنون المسرحية، فاشترط على من أجل الموافقة عدم الذهاب لمنزل أي فنان أو فنانة، أو استقبال أحد في المنزل، وعدم التأخير، وأن يكون خط سيرى محددا من معهد التمثيل للمنزل، وأستجبت له.
*هذا فيما يخص الخطوات الأولى.. إذن كيف بدأت علاقتك بالمسرح؟
اختارني بديع خيري للعمل في مسرح الريحاني، بعدما أعجب بأدائي في مسرحية «شارع البهلوان»، وكنت سعيدة للغاية بالتمثيل إلى جانب العمالقة ميمي شكيب، عباس فارس، حمد شوقي، ماري منيب، وعبد العزيز أحمد.
*صراحة.. هل واجهتك أية صعوبات في بداية عملك على مسرح الريحاني؟
البداية كانت صعبة وغريبة جدا، فأثناء بروفات إحدى الروايات كانت ماري منيب توجهني: «انزلي يمينك..اقعدي على الكرسي..اقفي..اضحكي ضحكة خليعة..انثري شعرك»، ولكنني امرأة لا تجيد هذه المسائل، فسخرت مني ميمي شكيب، الأمر الذي أثار غضبي فقلت لهم: «أخبروني إيه الحكاية، أنا مش عايزة دلع ومش هعمل اللى انتوا عايزينه»، فأبلغوني أن هذه الأدوار تخص الفنانة زوزو شكيب، وحدث خلاف بينها وبين إدارة مسرح الريحاني، وبالتالي رفضت التمثيل مع الفرقة، لذلك تم التفكير في رجاء حسين، حينها ذهبت مسرعة إلى بديع خيري وقلت له:«ربنا يخليك..أنا معرفش أعمل الأدوار دى»، وظللت فترة ليست بالقصيرة في مسرح الريحاني غير قادرة على الانسجام مع الفرقة أو أداء الأدوار المخصصة لي في الروايات.
*هل تتذكرين أول أجر لك في مسرح الريحاني؟
كنت أتقاضى 20 جنيها شهريا، سواء اشتركت في أعمال أو لم أشترك.
*أين كنتِ في هذا التوقيت من المسرح القومي؟
كنت ما أزال طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وحاول أحمد حمروش إقناعي بترك مسرح الريحاني والتفرغ للمسرح القومي، فرفضت في البداية، حيث كنت أتقاضي راتبا كبيرا هناك حتى أقنعني عباس فارس بتفضيل «القومي» فتقدمت باستقالتي لإدارة مسرح الريحاني.
*ألم يتسبب تعيينك في المسرح القومي وأنتِ لم تتخرجي بعد في أي المشكلات؟
تعرض المسرح القومي لانتقادات واسعة وهجمة شرسة من الصحافة والإعلام، ووصفت خلالها بعبارات قاسية، وكان أبرز عنوان كتب: «المسرح القومي رمرم.. وعين ناس ليسوا خريجين»، حينها كان راتبي 15 جنيها، الصافي منهم بعد خصم الضرائب 13 جنيها و34 قرشا، في المقابل كان صافي ما أحصل عليه من «الريحاني» 20 جنيها.
*ومتى أسندت إليك الأدوار على خشبة «القومي»؟
ظللت لمدة عامين لا أعتلي الخشبة، وخلال هذه الفترة قدمت استقالتي لأحمد حمروش أكثر من مرة، وكنت أقول له: «أنا مبشتغلش..انتوا جايبيني ليه؟»، وأتذكر أن الفنان الراحل فاخر فاخر كان يطالبني دائمًا بالصبر، وبعد فترة من السكون انطلقت، وتوالت أدواري مع عدد من المخرجين الكبار، مثل نبيل الألفي، وعبد الرحيم الزرقاني، وفتوح نشاطي، وكمال ياسين، والمخرج العظيم سعد أردش، وشاركت في جميع روايات المؤلف الراحل سعد الدين وهبة، ما عدا رواية «المسامير»، وصراحة جميع عمالقة المسرح القومي وقفوا معي، ولم أترك المسرح إلا بعد وصولي سن المعاش.
*ماذا عن أول بطولة مطلقة لكِ؟
مسرحية «كفر البطيخ» كانت أول بطولة تسند إليّ من تأليف سعد الدين وهبة، بالاشتراك مع عبد الرحمن أبو زهرة.
*بشكل عام.. كيف تختار رجاء حسين أدوارها؟
أقرأ السيناريو وعندما يعجبني وتتولد داخلى القدرة على وضع بصمتي، أوافق على الاشتراك في العمل، ولا تغريني الماديات بالمرة، ولم أفكر للحظة واحدة في الاشتراك بأدوار الإغراء.
*وماذا عن أول مسرحية قدمتك للجمهور؟
لم أجد نفسي إلا مع المسرح القومي، ولم أحب العمل في المسارح الخاصة، حيث اعتدت أن تفتح الستارة في التاسعة إلا الربع وتغلق بحد أقصى منتصف الليل، أما المسارح الخاصة فيظل العرض مستمرًا حتى الساعات الأولى من الصباح، وهذا لم يكن يناسبني، بخلاف الروايات التي كانت تقدم، وحصلت على شهرتي من خلال خشبة هذا المسرح، وأول رواية عرفتني على الجمهور كانت «سكة السلامة» سنة 1964 بالاشتراك مع سميحة أيوب وتوفيق الدقن، شفيق نور الدين، وعبد المنعم إبراهيم.
*وماذا عن التليفزيون؟
جاءت انطلاقتى في التليفزيون خلال فترة السبعينيات، وكانت خلال مشاركتي بطولة مسلسل «أحلام الفتى الطائر» مع الزعيم عادل إمام، ثم جاءت مشاركتي في مسلسل «مارد الجبل» سنة 1977 مع نور الشريف ومحمود المليجي.
*وماذا عن أول تجرِبة سينمائية؟
اختارني المخرج الراحل حسن الإمام للاشتراك في فيلم «قلوب الناس» سنة 1954، وقدمت دورًا صغيرًا بالفيلم، كطالبة تزامل الفنانة فاتن حمامة في المدرسة، بعد ذلك اشتركت في عدد من الأفلام، أبرزها «حياتي هي الثمن»، ثم «الليالي الدافئة»، وعدد من الأعمال مع هند رستم وصباح، ولكن عندما وجدت نفسي لا تسند لى إلا الأدوار الصغيرة أخذت خطوة إلى الوراء، ورفضت عددا من الأدوار.
*كيف أعادك يوسف شاهين إلى السينما بعد قرارك الابتعاد عنها؟
أقنعني بتجسيد دور الفتاة الصعيدية في فيلم «العصفور» سنة 1974، ونجحت في تجسيد الشخصية، بعد ذلك توالت أدواري في السينما مع المخرج العبقري يوسف شاهين، من خلال «عودة الابن الضال» سنة 1976، و«حدوتة مصرية»، و«إسكندرية كمان وكمان».
*5 أعمال سينمائية مع يوسف شاهين.. هل تعتبرين نفسك محظوظة بذلك؟
بالتأكيد.. لا سيما وأننى الممثلة الوحيدة في مصر التي قدمت 5 أفلام معه.
*وما السر في ذلك؟
كنت أفهم ما يريده من الممثل، حيث إن الكثيرين من الفنانين لم يفهموه، وأرى أنه كان سابقا لعصره في التفكير، وكانت أفكاره سابقة للجميع لأنه كان يقرأ كثيرًا.
*ما الذي كان يطلبه «شاهين» من الممثل؟
كان يرغب في تفرغ الممثل للعمل حتى يمكنه تجسيد كل أفكار الشخصية، وبصراحة لم ينج من براثن يوسف شاهين في مصر إلا اثنين، محمود المليجي ورجاء حسين؛ لأن عيب الممثلين الذين عملوا معه محاولة تقليده بعيدًا عن قراءة الشخصية والإبداع في تجسيدها بشكل مطلق.
*ما حقيقة ترشيح الفنانة يسرا بدلا من سعاد حسني في فيلم «حدوتة مصرية» بعد اعتذار السندريلا؟
قولًا واحدًا لم يحدث ذلك، كما أن يوسف شاهين إذا أصر على ممثل بشتى الطرق سيكون متاحا معه وسيقنعه بالدور.
*بالحديث عن السندريلا.. كيف كان تعاونك مع سعاد حسني؟
اشتركت معها في «مال ونساء» سنة 1960 إخراج حسن الإمام، وفيلم «المتوحشة»، وربطتني بها علاقة عظيمة جدا، ووجدتها فنانة كبيرة في كل تصرفاتها، وعاقلة لأبعد الحدود، ومتواضعة للغاية، وكانت تعيش في الشخصية التي تجسدها بشكل غريب، وتتقمصها بشكل غير طبيعي، وأؤكد لك أنه لن يجود الزمان بفنانة مثلها؛ حيث كانت تتحدث تمثيل «من شعر رأسها إلى إصبع قدمها الصغير».
*قدمت دورًا قويًا في فيلم «أفواه وأرانب» وواحدًا من أقوى أدوارك (جملات) شقيقة (نعمة) التي جسدتها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة..هل تعتبرينه من أهم أعمالك؟
أعتبره دورًا عاديًا رغم كونه محفورا في أذهان الناس بشكل غير طبيعي، ولا يرتقي لمرتبة الأدوار القوية التي قدمتها.
*قدمتِ مع فاتن حمامة العديد من الأدوار في السينما.. برأيك لماذا أصبحت سيدة الشاشة العربية؟
كل الصفات الجميلة اجتمعت في فاتن حمامة، فرأيتها سيدة محترمة ومتزنة وبسيطة ومتواضعة وحساسة للغاية، وتأتي إلى البلاتوه قبل ميعادها حافظة النص جيدًا، ولم تكن تحب التحدث عن حياتها الشخصية، وكل فلكها يدور حول الشخصية التي تلعبها في الفيلم، ولا أتذكر أنها جرحت شعور أحد مطلقًا، وقدمت معها فيلمي «أريد حلا»، و«أفواه وأرانب»، والمسلسل الإذاعي «كفر نعمت».
*هل جمعك بها موقف مؤثر لا يمكنك نسيانه؟
خلال تصوير فيلم «أفواه وأرانب» كان لدى مفهوم عن الشخصية التي ألعبها للزوجة كثيرة الإنجاب، بأنها ترتدي ملابس معينة ليلا من أجل زوجها، وإذ بي أفاجأ بثورة عارمة داخل ستوديو التصوير من جانب فاتن حمامة، وجدتها تصرخ:«لأ يا رجاء..غلط»، فطلبت منها توضيح الدور، فردت:«هم فقرا قوى»، وملابسك لا تناسب الشخصية، فاستقبلت ملاحظتها بترحاب، وطلبت عدم تصوير المشهد في هذا اليوم، فاستجابت والمخرج هنري بركات لطلبي، وذهبت للأستوديو في اليوم التالي، وقد غيرت ملابسي ووضعت كحلا دون مكياج، وشققت الفستان بمطواة من الأمام والخلف، حينها قابلتني سيدة الشاشة بفرحة عارمة، وعانقتني بشدة وقبلتني، لذلك أعتبرها سيدة فريدة من نوعها في الفهم والإدراك.
*وماذا عن الممثلة التي يعجبك أدائها خلاف فاتن حمامة؟
أرى أن الفنانة الراحلة شادية لا تقل عظمة عن فاتن حمامة، وكانت بارعة في أداء كل أدوارها.
*وماذا عن رأيك في تحية كاريوكا؟
بصراحة لم يكن يعجبني رقصها، لكنها كانت ممثلة قديرة، ولا يختلف اثنان على موهبتها التمثيلية، وكانت قوية في أداء الأدوار التي جسدتها.
*لكِ تجربة مع عادل إمام من خلال مسلسل «أحلام الفتي الطائر»..كيف رأيتِ الزعيم؟
رأيته إنسانا عظيما للغاية، ومعاملته مع فريق العمل كانت رقيقة، ويحترم الكل، يواظب على مواعيد التصوير، وفاهم لأبعاد الدور الذي يجسده، ولا يتدخل في شئون أحد، وداخل البلاتوه متواضع لدرجة لا يمكن تخيلها، ولم يكن متعاليًا على الإطلاق، وسر تربعه على عرش الفن إخلاصه وتنوع أدواره.
*وماذا عن أبرز الأدوار التي تعتزين بها خلال مسيرتك السينمائية؟
قدمت في فيلم «أبناء وقتلة» مع المخرج الراحل عاطف الطيب، دورا إنسانيا غير طبيعي، كما أن دوري في فيلم «امرأة آيلة للسقوط» مع الفنانة يسرا «يجنن»، كما أحببت جميع أدواري مع يوسف شاهين، وتحديدًا «العصفور»، «حدوتة مصرية»، «إسكندرية كمان وكمان»، و«عودة الابن الضال».
*هل دخولك عالم السينما والدراما أبعدك عن المسرح؟
لم أحد أو أستغني عن المسرح، وقدمت كل الأعمال السينمائية والدرامية، ولم أبتعد للحظة واحدة عنه، وأجعلني أقولها لك بصراحة: «طظ في الدراما والسينما والإذاعة إذا تعارضت مع المسرح»، فمن يتربى على خشبة أبو الفنون من المستحيل أن يستغني عنه حتى إن يوسف وهبي أحد نجوم السينما لم يبتعد مطلقًا عن المسرح.
*خلافات الوسط الفني كثيرا ما كانت مادة دسمة لـ«نميمة المجتمع»..هل عانت رجاء حسين من الخلافات خلال مسيرتها الطويلة؟
طوال عمرى لم ينشب بيني وبين زميل أو زميلة أو مخرج ممن عملت معهم أي خلافات؛ لأنني بطبيعتي إنسانة لا تحب أن تطرق المشكلات بابها.
*ماذا عن أبرز أعمالك المسرحية؟
«الفرافير»، «السبنسة»، «وطني عكا»، وجميع أعمالي مع سعد الدين وهبة، تعد من أمجاد المسرح القومي، وللأسف معظم أرشيف المسرح الذي يعتبر ذاكرة التاريخ وتراث المسرح المصري لا نعرف عنه شيئًا.
*قدمتِ العديد من الأعمال المسرحية مع المخرج سعد أردش.. برأيك ما الذي كان يميزه؟
أكثر ما كان يميزه واستفدت منه ثقافته ورؤيته وبعد نظره.
*كيف تقيمين تجربتك مع «الفوازير»؟
كانت تجربة لذيذة، واستمتعت بالعمل مع سيدة عظيمة مثل شريهان في حلقات «حسن ونعيمة»، وكنت أتمنى العمل في فوازير ثلاثي أضواء المسرح.
*ما أكثر الأعمال الدرامية التي تعتزين بها وتحرصين دوما على مشاهدتها على الشاشة الصغيرة؟
أحب مشاهدة مسلسلات «الشهد والدموع»، «المال والبنون»، «أحلام الفتى الطائر»، «لدواعي أمنية»، و«مارد الجبل»، ولدى مسلسل قديم أمنية حياتي مشاهدته ولو لمرة واحدة.. بنبرة ملؤها الحنين والاشتياق: نفسي ومنى عيني أتفرج على مسلسل «خيال المآتة» 1964 إخراج نور الدمرداش.
*هل هناك شخصية أجهدتك وأتعبتك كثيرًا خلال تجسيدها؟
دوري في مسلسل «مارد الجبل»، حيث كان الدور بعيدا كل البعد عن شخصيتي، كان يدور حول امرأة ثرثارة تؤجج الصراع بين الجميع بكثرة نقلها الكلام، ما يؤدى في النهاية إلى أن يقطع الفنان الراحل محمود المليجى لسانها، حتى يتخلص الناس من شرها.
*وماذا عن دورك في مسلسل «ذئاب الجبل»؟
بنبرة حزينة: ظلمت أنا والفنان الراحل محمد الدفراوي في هذا المسلسل، فبعد وفاة الفنان عبد الله غيث قبل اكتمال تصوير العمل، اضطر المخرج مجدي أبو عميرة إلى إعادة المشاهد من جديد، وتم اختصار أدوارنا، رغم امتدادها في النص الأصلي، لكن في النهاية هي ظروف طارئة لا يمكن التدخل فيها.
*هل غضبتِ من مشاركتك في مسلسل «زيزينيا»؟
اشتركت في العمل مجاملة للروائي الراحل أسامة أنور عكاشة والمخرج جمال عبدالحميد، ورفضت لعب الدور في البداية، لكن بعد إلحاح المؤلف والعمل وافقت.
*وما سبب عدم حبك لدورك في المسلسل؟
لم يكن هذا الدور يليق يقيمتي، ولم أحب ما قدمته في العمل، وكنت أتخيل تطور الدور مع تتابع الحلقات، لكنى فوجئت بهم ينساقون إلى أشياء معينة، لذلك تم تهميش دوري.
*كان لك ظهور مميز ومختلف في مسلسل «عايزة أتجوز»..كيف تنظرين لتجربتك مع الفنانة هند صبري؟
سعدت للغاية بهذه التجربة، وفي الحقيقة دور الجدة نال إعجاب الناس بشكل لم أكن أتوقعه، لكن المفارقات الغريبة دائما تلعب دورًا في حياتي المهنية بشكل يسعدني.
*حدثينا عن صداقاتك في الوسط الفني؟
الفنانة عفاف شعيب من أكثر الفنانات القريبات إلى قلبي، وجمعتنا العديد من الأعمال، وأشهد الله أن قلبها أبيض من وجهها، كما أنني أعتز بصداقتي مع الفنانة إلهام شاهين، ورأيت أنها على المستوي الإنساني لا يضاهيها أحد، وتجمعني علاقة صداقة قوية بليلي علوي ويسرا، وجميعهن من أعظم الشخصيات في الوسط.
*بصراحة.. هل كان للغيرة الفنية مكان في حياتك؟
بالفعل، كنت أغير فنيًا من الفنانة سناء جميل والشخصيات التي تلعبها، وتمنيت لو كنت مكانها في تجسيد الأدوار التي لعبتها.
*ما أكثر اللحظات سعادة في حياة رجاء حسين؟
اللحظة التي أرى فيها أي إنسان سعيد، فليس لدى مرض الحسد، أسعد وأعظم لحظات حياتي أنني راضية بما قسمه الله لي؛ لذلك عندما أضع رأسي على الوسادة أخلد للنوم بارتياح شديد دون أرق، كما أجده سبحانه وتعالي يبارك لي في معاشي وأولادي، وعند وفاة ابني العقيد كريم الذي كان يعني لي كل الحياة، رضيت بقضاء الله؛ لأن الدوام للمولى عز وجل فقط، ورفعت يدي للسماء أطلب من ربي أن يبارك الله لي في أولاده وابنتي وأولادها.
*هل نالت الشائعات منكِ؟
منذ عدة سنوات فوجئت بوضع صورة لي على «فيس بوك» أرتدي فيها فستانا خليعا وشعري أصفر وأجلس في الكباريه، وبجواري مطربة تغني، وتعرضت لهجمة شرسة من قبل القنوات والإعلام، وأؤكد أن الصورة مفبركة، ورددت عليهم:«فيه حسنة على خدي الشمال..هل الدكتور اللى عمل لي ده شالها ورجع ركبها تاني».
*من المستفيد من نشر هذه الشائعة؟
لا أعرف، ولكن أؤكد لك: «عمري في حياتي ما طلعت عليا إشاعة بالشكل ده.. ولا أدخل بيت فنانة أو فنان، ولا أسمح لأحد أن يدخل بيتي، وفي حياتي لم أتناول كأسا واحدا من البيرة أو الخمر؛ لأنني أحترم مشاعر الناس وصورتي في أعينهم»، وأتساءل: كيف لامرأة كانت أبًا وأمًا لأشقائها في سن صغيرة، وربت رجالًا أن تكون مثلما أظهروني في الصورة المفبركة؟
*كيف هي حياة رجاء حسين الآن؟
الحمد لله أديت فريضة الحج 11 مرة، وفي كل عام أذهب لأداء مناسك العمرة، وأحمد الله أنني أصبحت ملتزمة في أداء الصلاة في أوقاتها، ولا أفوت فرضًا، كنت أصلي صلاة الصبح فقط، وتركت الصلاة فترة طويلة، وفجأة وبلا مقدمات وجدت ضميري لا يهدأ ، ويذكرنني بأنني سأحاسب عند دخول القبر عن صلاتي ومالي وصحتي، وعندما كبرت في الوسط كنت أقول لـ«لبيستي» وتدعي كريمة بأن تنبهني بكل صلاة، حتى لو أدي الأمر إلى قطع التصوير في الاستوديو أمام المخرج والعالم أجمع، وطلبت لها أن تقول لي: «يا حاجة رجاء اطلعي صلي»، وبالفعل كانت تقوم بذلك على أكمل وجه، وكنت حينها أترك المشهد وأذهب لأداء الصلاة حتى أصبحت عندي عقيدة عدم ترك الصلاة مهما كان، وبدأ التزامي بالصلاة في أوقاتها منذ 20 عامًا.
*ألم تعاني من مشكلات بسبب قطع التصوير لأداء الصلاة؟
بعض المخرجين كانوا يصابون بالضيق الشديد، وعندما يرونني وأنا أسجد أمامهم يعلقون: «حبكت دلوقتي»، ولكنني لم ألق بالا لهذا، وأحرص الآن في أيامي الأخيرة على صلاتي وقراءة القرآن الكريم.
*كيف ترين حال الثقافة في مصر في وقتنا الحالى؟
لا أحد الآن ينظر للثقافة بـ«نكلة»، وأناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي الاهتمام بالثقافة والدراما التليفزيونية، وأتساءل أين التليفزيون المصري صاحب الأمجاد منذ إنشائه في الستينيات.. لماذا أصبحنا نعيش «عوالة» على ماسبيرو زمان؟
*برأيك من المسئول الحقيقي عن انهيار ماسبيرو؟
المهيمنون على الثقافة في مصر، ولا بد أن يضع وزير الدولة للإعلام، حدًا للنشرات الإخبارية «الهايفة»، ويضع خطة للتنسيق بين القنوات، وعودة الإنتاج الدرامي بقوة.
*وماذا عن رأيك في حال الفن الآن؟
عندما أشاهد الأعمال الجديدة التي تعرض على الشاشة أنسي التمثيل وأصاب بالعمي، فلا أجد فكرًا أو ثقافة أو خطًا للشخصية، أو نصا لائقًا، ويصل الأمر أحيانا أنني أكون مبصرة للشاشة ولكني لا أرى شيئًا، ولجأت مؤخرًا للأفلام الهندية فعلى الأقل أرى ديكورا وملابس وثنائيات جيدة ، وطرح للمشكلات الاجتماعية بشكل محترم، وبصراحة العنف السائد في الأفلام والمسلسلات غير طبيعي، «هو إحنا معندناش إلا العنف والسلاح وتجارة المخدرات والمدمنين والاغتصاب والتحرش»، كيف يمكنني مشاهدة رجال تهز مؤخراتها؟.. كفي إخراجًا للموبقات والفواجع، المجتمع به ما يحمل شيئا إيجابيا يمكن إبرازه.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...