إحسان عبد القدوس يكتب تحقيقا عن الواحات المصرية

نشرت مجلة روز اليوسف عام 1961 تحقيقا صحفيا فى منطقة الواحات المصرية اجراه الاديب الصحفى احسان عبد القدوس بنفسه يصف كل ما رآه فى جولته بين الواحات المختلفة الخارجة والداخلة والفرافرة وغيرها وكان وقتها رئيسا لتحرير المجلة قال فيه:

واحة الخارجة عاصمة الواحات19 .. تبدو لأول وهلة بلدة بلا طابع خاص ، نفس ملابس القرى المصرية الاخرى ونفس الدكاكين ونفس الشوارع، سكانها ليسوا من البدو الرحل ، ليس فيهم شئ من طبيعة الصحراء لكنهم فلاحون مساقرون فى قراهم، على جانبى الطريق الرئيسى للواحات مداخل مظلمة ضيقة تبدو كا لكهوف الممتدة العميقة مسقوفة بجذوع النخل ، الممرات ضيقة لا يمر فيها سوى شخص واحد ، بيوت من الطين ، نهاية الحوارى ابواب تفتحها تجد نفسك امام حارة اخرى وكلها مظلمة صامتة.

هناك عين ماء خارج الحوارى هى عين الخارجة وهى مصدر الحياة فيها يشرب منها السكان ..لكن هناك كمية ذباب ضخمة تغطى وشوش الاطفال وبالرغم من ذلك هى وجوه سليمة ناضرة تضج بالصحة والعافية.

نساء الخارجة محافظات فهن محجبات اذا صادفت الواحدة منهن رجلا ادارت وجهها الى الحائط ، ورغم ذلك ففى الخارجة مدرسة ثانوية مشتركة واكثر الطالبات من بنات الموظفين.

خرجنا من الخارجة الى الواحات الاخرى ، معروف ان الشوارع تشق ليسير فوقها السيارات لكن فى الواحات السيارات هى التى تشق الطريق بعيدا عن الرمال الناعمة ويسمى الشارغ لديهم "مدق" وتكثر فى طريق الواحات الرمال الناعمة وتسمى غرود والمفرد غرد .

هناك قطار يصل بين واحة الخارجة ونجح حمادى والغريب ان كل هذه الصحراء التى تحيط بالواحات كانت ارضا زراعية خصبة كوادى النيل بدليل الاثار الفرعونية الضخمة التى لا تزال قائمة هناك ، ثم بدأت الغرود تهجم على الوادى الخصيب وعلى مر السنين احالته الى صحراء ولم تترك منه الا هذه الواحات تعيش تحت خط الغرود .

والغرود نوعان ذكر وانثى ، الغرود الذكر متحجر يمكن السير عليه ، أما الانثى فهى رمال ناعمة تغوص فيها الاقدام ، وانا كرهت هذه الغرود اناثها وذكورها .

 

انتقلنا بالسيارة الى الكانجرو وهو مجرى مياه وسط الصحراء محفورا فى الرمال يجرى فيه الماء بهدوءبطول 12 كيلو متر يبدأ من بئر فى واحة "جناح" ويلف حول الجبل "قرن جناح "وتكثر فى جناح اشجار النخيل وتزرع القمح والشعير .

جذبنى امر تحت النخيل اشعر شعور غريب ، هناك احس بإسلامى ، أحس كأنى ارتفعت فوق النخلة لأكون قريبا من الله ، ولا أدرى لماذا يثير فى النخيل احساسا بالدين ، ربما لأن النخلة شجرة غريبة اصيلة.

وهناك ايضا شجر الدوم وهى تثير فى احساسا افريقيا ، احس انى فى افريقيا رغم ان شجر الدوم لا ينمو فى افريقيا وحدها وهو موجود منذ ايام الفراعنة.

ذهبنا الى عين "مجارين "وهى ذات مياه راكدة توقفت عن الحياة وبعدها زرنا عين "ليش تخرب" ومعناها لماذا تخرب ، وهى اقدم عين فى الواحات .

إحسان عبد القدوس: "فى بيتنا رجل" تجربة شخصية

البلح هو المحصول الرئيسى فى الواحات ومنه انواع الصعيدى ، الفالج ، المنتور ، ويصنع من البلح العجوة وموسم البلح هو موسم الزواج فى الواحة وهو ايضا موسم الشراء وتسديد الديون.