أنيس منصور يكتب: أنا وعريس فاطمة
فى جريدة الشرق الأوسط عام 2011 كتب الصحفى أنيس منصور مقالا قال فيه :
في حوار تليفزيوني بين العقاد وطه حسين والحكيم كنت أسأل العقاد عن رأيه في طه حسين ثم أسال العقاد عن رأى طه حسين فيه ، ثم أسأل طه حسين عن رأي العقاد فيه، وأسأل الحكيم عن رأيه فيهما ثم أعود إلى العقاد وأناقشه في رأي الحكيم.
وقد نشرت هذا الحوار التليفزيونى وكان للعظماء الثلاثة رأى فى كل منهم وفى دوره التاريخى، وكان من الممكن أن يصبح هذا الحوار أساسا لكتاب فى أدب ونقد وفلسفة هؤلاء الثلاثة ... لكنى لم أفعل.
نشرت رواية مسلسلة فى مجلة الجيل بعنوان"عريس فاطمة" وظللت أحلل شخصية فاطمة وأضعها فى ظروف اجتماعية صعبة ومعقدة حتى وجدتنى عاجزا عن إكمال القصة ، وعاجزا عن إخراجها من المصاعب التى غرقت فيها ، وتوقفت ورحت أتعلل بأسباب كثيرة لعدم إكمال هذه القصة ولكن الحقيقة أننى لم أستطع .
وأخيرا وجدت الحل ..فقد كنت أقرأ رواية "المعنى الحزين للحياة"للفيلسوف الإسبانى الوجودى أونامون ، فقد وقع الفيلسوف العظيم فى الحفرة نفسها ، لكنه خرج من المأزق بأن أدار حوارا بينه وبين البطل ــ أى بين المؤلف والبطل ـــ يقول له البطل كيف قررت أن تميتنى ؟فهو يسأله على أي أساس قرر أن يموت البطل ولماذا لا يعيش أطول ؟ولماذا لا يجد حلا أفضل له ؟ إنه هو الذى اختار له النهاية واختار له البداية.
إن هذه عقدة المؤلف الذى لا يستطيع ان يدفع الموت عن نفسه فيتسلى بأن يحكم بالموت على الآخرين، وهكذا اكملت قصتى بحوار بينى وبين البطلة التى عاتبتنى واتهمتنى بأننى أنا الذى وضعت نفسى فى مأزق.. فأنا الذى اخترت صفاتها وأهلها وظروفها وأنه كان من الممكن أن تكون النهاية أفضل لو أننى غيرت البداية .. ولو اتسع وقتى لفعلت ذلك .
اقرأ أيضا:
أنيس منصور يكتب: فائدة اليقظة المبكرة
أنا لست مشغولا بالصورة النهائية لكل الذى أكتبه ..ولكن الذى يشغلنى هو ما أفكر فيه الآن وما أكتبه الآن ..ولا أكاد أكتبه حتى أنساه ..لكن عقلى وروحى يجيء ويلف ويروح ويدور ويعلو ويهبط ويلقى ضياء على ما سبق أن رأيت وتأملت وقرأت..فإننى عندما انشغل بالتهيؤ لكتابة شيء كبير لا أحب أن أنشغل عنه بشيء آخر .