هل التوكل على الله يتنافى مع الأخذ بالأسباب؟.. المفتي السابق يجيب
قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، لقد ذهب عامة الفقهاء ومحققو الصوفية إلى أن التوكل على الله لا يتنافى مع السعي والأخذ بالأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من الأعداء وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله المعتادة.
وأشار إلى الاعتقاد أن الأسباب وحدها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا بل السبب "العلاج" والمسبب "الشفاء" فعل الله تعالى والكل منه وبمشيئته قال سهل: «من قال: التوكل يكون بترك العمل فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأضاف المفتي السابق: قال الرازي في تفسير قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل على الله أن يراعي الإنسان الأسباب الطاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على الله تعالى وقد حث النبي الكريم صلوات الله عليه وسلامه في أكثر من موضع على العمل والاحتراف وعدم ترك الأسباب.
وأضاف أن ابن عمر مرفوعا «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف» (ابن مردويه) وعن أنس قال: «ذكر شاب عند النبي صلى الله عليه وسلم بزهد وورع فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كانت له حرفة» (ابن أبي الدنيا) وعن الحسن قالوا يا رسول الله : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «كسب الحلال وأن تموت ولسانك رطب من ذكر الله» (ابن أبي الدنيا) وأجمع جمهور علماء المسلمين على أن التوكل الصحيح إنما يكون مع الأخذ بالأسباب وبدونه تكون دعوى التوكل جهلا بالشرع وفسادا في العقل.
وعن آثار التوكل أجاب: وللتوكل آثار عظيمة في حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحسن السلوك إلى الله والسير إليه وزيادة الإيمان وغفران الذنوب والترقي في درجات الجنان وللتوكل أيضا آثار إيجابية على المسلم في حب الوطن والمجتمع والنفع حيث حل فإذا دخل التوكل الصحيح في قلب العبد المؤمن لا يؤذي الناس ولا يحسد الناس ولا يحقد على أحد بل لن تراه إلا متعاونا معهم على الخير راضيا بكل ما يقضيه الله من الأمور.. نسأل ربنا الكريم أن يجعلنا من المتوكلين عليه ومن المطمئنين به وبقضائه سبحانه وتعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.