ضربات دراما الاختيار

استمر شهداؤنا في تحقيق المزيد من الانتصارات حتى بعد وفاتهم، فقد نجح مسلسل الاختيار الذي رصد تفاصيل حياة قائد الكتيبة 103 وعرض يومياً لقطات من حياة أبطال جمعهم اختيار الشهادة عن رضا وإخلاص لربهم ووطنهم..

اختتم المسلسل حلقاته بااستشهاد القائد “أحمد المنسي” هو وأبطال آخرون في كمين البرث يوم الجمعة السابع من يوليو عام 2017، بشكل لافت داخل مصر وخارجها، فاحتل قائمة الأكثر بحثاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ورأينا فيديوهات لأطفال يعلنون رغبتهم للالتحاق بالجيش للانتقام لشهدائنا..

بل ورفعت إحدى البنايات في فلسطين صورة مكبرة للشهيد أحمد منسي. إلا أن النجاح الحقيقي كانت العزيمة والحماس، التي خلقتها تلك القصة الواقعية الثرية ، وكانت تلك هبة أبطاله الذين اعتادوا على ذلك وهم أحياء، فما بالك بمن يسطرون تاريخهم ويقتربون من محبيهم وذويهم، ويرسمون ملامحهم وتفاصيلهم في كلمات وكادرات تعيد لهم الحياة، وهنا كانت البداية.

اقرأ ايضا: الشهيد أحمد منسي أطلق رصاصة عقب استشهاده

لقد أيقظنا هذا العمل من سبات الاعتياد، فكما نعتاد السيىء فلا نرى عيوبه، نعتاد الجيد فيفقد بريقه، فتفاعل المشاهد مع قصة واقعية بملامح مصرية وتضحيات إنسانية لا تعرف ديانة أو لون، فتوحد مع أبطاله وحفظ أسمائهم واشتاق لرؤيتهم وحزن على فراقهم..

وحرص المسلسل على إشباع هذا الشغف بعرض صور وفيديوهات للأبطال الحقيقيين. ورسم ببساطة ودقة أمامنا صورة حية لحروب العصابات التي تسعى لاستنزاف إمكانيات مصر المادية وتشتيت جهودها، وأثار ذلك تساؤلا في نفوس المصريين عمن وراء تلك العمليات التدريبية ومن يمولهم؟..

وسلط المسلسل الضوء على البعد النفسي المحرك لهم، وهي رغبتهم الانتقامية ونزاعهم على الزعامة وتخليد اسمائهم بإراقة مزيد من دمائنا.

اقرأ ايضا: الدراما قادرة على صنع ما لا تصنعه الخُطب

ولم يكتف بذلك، بل إنه فضح الأبواق الإعلامية المضللة التقليدي منها والحديث، التى لا تألو جهدا عن نشر الشائعات وفبركة فيديوهات لتغيب عقول شبابنا، ليقع بين شقي رحى المضللين والتكفيريين، ليأتى يوما تنضب فيه أرضنا من بذور الأبطال، فخرجت مهرولة معلنة تارة إنها أبدا لم تدعو للشر وإنها تحترم حق الآخر فى الحياة، وأعادت إحياء الممثل والمقاول والزعيم الإلكترونى الوهمى تارة أخرى، فازدادت نسبة المشاهدة وكثرت التعليقات..

لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد وجد المصريون ضالتهم للانتقام من ناشري الشر بالتعليق بالترحم على شهدائنا عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

لقد راهن هذا المسلسل بأبطاله وقبلهم بشهدائنا على وجدان المصري وحبه لوطنه، ذلك الحب الذي انهزمت أمامه كل القوى واعتى الجيوش على مدار العصور، فكان هو الرابح.