بيرم التونسي يكتب: ثقيل على الجيب والمعدة

ثلاثين صاج من ملف النواعم.. تكفى للسنة السواد اللى جاية وفاح البيت من شمخة عظيمة.. على الصايمين والفاطرين هنية ويفضل كعكهم قدام عنينا.. مشكل زى صدقات التكية  حذيفة كعكها معجون بديزل.. زناخته للسموات العلية وفاطمة كعكها أسود منقوش.. يبان للعين أفاعى ملتوية وأما كعك خالتنا العجوز.. تروح بين القرافة مستحية شوية قال.. وجايلنا الهدية من الجيران.. داخلة بالصينية وأنجر من طرف بدرية هانم.. مغطى بالقطيفة العثمانية.

هذه الكلمات وهذا الزجل كتبه الشاعر الزجال بيرم التونسى فى بداية مقال نشره فى مجلة مسامرات الجيب عام 1950 بمناسبة كثرة الحوادث القائمة فى البيوت المصرية بسبب كعك العيد قال فيه: أعتقد تمامًا أن كعك العيد.. هذا الذى يتردد اسمه على ألسنة الملايين من الشعب فى كل عام.. أعتقد أنه تقيل على المعدة وثقيل على الجيب.

وحوادث كعك العيد لا تنتهى ، ففى موسمه السنوى تجد الزياتين يغشون السمن احتفالًا بعيد إخواننا المسلمين والطحانين يخلطون الدقيق إكرامًا منهم لعيد إخواننا الموحدين حتى بائع السمسم يضيف إليه نسبة كبيرة من التراب والحصى مساهمة منه فى الترفيه عن الأمة الإسلامية.

إننى أعتبر هذا الكعك كارثة سنوية تحل بنا عن طريق الورائة ولا تنتهى بخير ، فإذا سلمت من الغشاشين لا تسلم من لؤم الفرانين ، فالمعلم فتيحة يسرقه أو يحرقه ، والجيران بها دونك بكعكهم الجاف المتحجر لتهاديكم بكعكك السخى الناعم اللذيذ.. ففى كل سنة يتبدل كعكنا بكعك الجيران.

ومع كل هذه المصائب تجد أن سيدة البيت وهى الزوجة المصونة تحتم على زوجها عمل هذا الكعك ولو استلف أو سرق وينتهى الأمر بكارثة تنتهى بالسجن أو الطلاق.

فكم من حادثة شنيعة كان مبعثها الأول كعك العيد وكم من الجرائم الكبرى حدثت فى مصر بسبب هذا البلاء المحتم الذى نسميه كعك العيد.

إنه فى نظرى بلاء محتم فرضته علينا الطبيعة الشعبية فى مصر فأصبحنا نؤمن به كما نؤمن تمامًا بالعيد وليس هذا الإيمان مقصورًا على العائلات الفقيرة ذات الفهم الضيق المحدود بل انتقل أيضًا إلى العائلات الكبيرة الراقية.. إنه كعك العيد العجيب.

محافظ الغربية: توزيع كعك العيد على الأطقم الطبية والمرضى بمستشفيات العزل

وأعتقد أن الشرق هو صاحب فكرة العيد لكن الذى تعجب له أن البلاد الأوروبية المتمدينة قد أخذت ضمن عاداتها كعك العيد لكنه هناك كعك خفيف فى كل شيء حتى لا تمرض المعدة بعد أكله.