ملحمة البرث.. الدراما قادرة على صنع ما لا تصنعه الخُطب
نصف ساعة فقط على الشاشة لم تكن كافية لإظهار عظمة أبطال كمين البرث في الدفاع عن مكانهم وقتالهم لآخر نفس حتى لا يرفع علم التكفريين على مبنى الكمين.. نصف ساعة لم تكن كافية لوصف تلك الملحمة وإظهار بطولة مجموعة من خيرة شباب مصر أفنوا حياتهم وأهدوها لأرض الوطن بكل حب وعن طيب خاطر لكي لا يتركوا أماكنهم وسلاحهم لمجموعة من العصابات والإرهابيين الذين يدعون التدين والحرب باسم الدين.
الحلقة 28 من مسلسل “الاختيار” كانت أفضل حلقة بين كل حلقات المسلسلات في دراما رمضان فقد أوضحت الحلقة الوجه الخبيث والقذر للتكفريين الذين لا يملكون ذرة من الدين أو الإنسانية أو أي شيء مما يدعون ، وعلى الرغم من تعاطف وإثارة المشاعر مع جنودنا وأبطالنا من ناحية إلا أن هناك شعورًا بالغضب والكره انتابهم ناحية هؤلاء التكفيريين ، وامتلأت صفحات السوشيال ميديا على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بكلمات مؤثرة وغاضبة من هؤلاء الإرهابيين.
الحلقة التي كانت الأقوى والأهم في رمضان هذا العام تم تصويرها في مواقع مشابه تمامًا للموقع الأصلي لكمين البرث حتى المبنى الذي ظهر في الحلقتين 27 و28 من العمل هو نسخة طبق الأصل من المبنى الحقيقي لكمين البرث حتى في ألوان الدهان الخارجي وفي الشكل وعدد الطوابق وكل شيء ، لا فرق بين الأصل والصورة.
أول تعليق من مخرج "الاختيار" على حلقة ملحمة "البرث"
أما الموقع المحيط بالمبنى فقد تم إعداده بشكل يظهر مطابقًا لما كان عليه الموقع الأصلي وتم الإستعانة بالفيديوهات التي صورها التكفيريون لإظهار أن ما ظهر في الحلقات هو نفس ما حدث في تلك المعركة ، وحرص المخرج بيتر ميمي على أن تكون المعركة مشابهة تمامًا حتى في توقيت الهجوم عند الفجر.
الهجوم الإرهابي الذي استهدف كمين البرث لم يكن مجرد هجوم عادي بل كانت معركة كبيرة بأعداد كبيرة من التكفيريين وتم استخدام كمية أسلحة كبيرة من جانبهم في هذا الهجوم الخسيس لكن شهداءنا تصدوا لهم بأقل عدد ممكن من الأسلحة والذخيرة بعد تدمير مخزن السلاح الخاص بالكمين في الدور الأرضي ، وهو ما وضح خلال الحلقة بعدما واجه الأبطال صعوبة في إيجاد خزن طلقات لرشاشاتهم الآلية.
الحلقة لم توضح فقط المعركة ولم تكن مجرد أرشفة لما حدث ، لكنها أظهرت ندالة هؤلاء التكفيريين وطريقة حربهم القذرة ، كما أظهرت ضعف نفوسهم وعدم ثباتهم لأنهم يحاربون من أجل أطماع وليس بعقيدة دينية كمال يدعون ، ففي الوقت الذي تمتعوا فيه بالأفضلية في العدد والتسليح لم يستطيعوا دخول الكمين نظرًا لقوة وشجاعة أبطال الكمين بالرغم من عدم توافر السلاح اللازم لهم وتأخر الدعم عليهم بسبب زرع التكفيريين عبوات ناسفة في الطرق المؤدية للكمين.
الجميع يعلم ما حدث في الكمين وربما عدد كبير من المصريين قد شاهد بعض الفيديوهات التي تم تصويرها في المعركة الحقيقية ولكن مشاهدة تجسيد لهذه المعركة وإظهار الثبات والقوة التي كان عليها أبطالنا في ظل حصارهم وقلة الذخيرة المتاحة لهم أثار مشاعرنا أكثر فأكثر.
لقد كانوا يتسابقون على نيل الشهادة ، واحتوت الحلقة على عدد من المشاهد العظيمة ، لعل أجملها على الإطلاق مشهد استشهاد منسي الذي أوصى بدفنه بـ “الأفارول” وألا يُغّسل ثم وقوفه كالبطل في مواجهة سرب التكفيريين القادم في وجهه دون خوف أو تردد ، وكذلك مشهد انقضاض جنديين على المدافع الرشاشة فوق مدرعات الجيش في بداية الهجوم وكأنهم يتسابقون لنيل الشهادة ، وشجاعتهم وبسالتهم في الوقوف في الخط الأول في مواجهة هذا الطوفان القدم في وجوههم دون خوف أو تراجع.
الحلقة 28 من مسلسل “الاختيار” كانت عظيمة بدرجة كبيرة أثارت مشاعر الحب لدى المصريين ، وأيقظت حب الوطن النائم في صدور الكثيرين منذ فترة ، هكذا هي الدراما قادرة على فعل ما لا تستطيع مئات الخطب والبرامج على إيصاله للجمهور.. فشكرًا لكل فريق العمل.