رئيس التحرير
عصام كامل

في أزمة سد النهضة "لا ملء بلا اتفاق".. تحركات "اللحظات الحاسمة" تكشف ألاعيب إثيوبيا.."القاهرة" تنجح في إعادة السودان إلى صفها

سد النهضة _ صورة
سد النهضة _ صورة أرشيفية

متمسكة بحقها التاريخي في مياه نهر النيل نجحت مصر مؤخرًا في إثبات قدرتها على استيعاب أزمة سد النهضة والتعامل بتكتيك وإستراتيجية ناجحة مع الأطراف الأصلية في اتفاق واشنطن إلى جانب الأطراف المؤثرة من الخارج.

 

موقف السودان

وبعد أداء جيد للدولة المصرية في الفترة الأخيرة استطاعت القاهرة تغيير دفة القرار السوداني الذي بدا وكأنه يقف في الصف الإثيوبي قبل أن تعلن الخرطوم تضامنها مع قرار القاهرة برفض مقترح إثيوبي لبدء ملء سد النهضة قبل توقيع الاتفاق الإطاري المعد في واشنطن.

وأكد الدكتور طارق فهمي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن السودان شريك وطرف رئيسي في قضية سد النهضة وليس وسيطًا والسودان أخطأ بعدم التوقيع على وثيقة واشنطن والدولة المصرية بذلت جهدًا كبيرًا في إقناع السودان بأنه طرف أساسي في الاتفاق وإظهار المعلومات والمواقف الحقيقية في القضية التي أظهرت أن مصالح السودان تكون في إطار اتفاق معلن أمام العالم وليس في وعود تحفيزية نظرية من الجانب الإثيوبي.

اتفاق ثنائي

وأشار إلى أن فكرة توقيع اتفاق ثنائي بين طرفين في المفاوضات غير جائزة لأن هناك دائرة من أطراف أخرى ضمن الأتفاق في منطقة حوض النيل ، مشيرًا إلى أن الخرطوم تدرك الآن وبعد رفضها الأخير للمقترح الإثيوبي أن مصالح السودان التاريخية مع مصر وليس مع إثيوبيا وهو ما تفهمه نظام الحكم في السودان رغم التحركات الإثيوبية في الملف السوداني من الداخل ، ومحاولة جذب السودان إلى صف أديس أبابا على حساب علاقته مع مصر.

خيارات أثيوبيا

وأضاف "فهمي": "الموقف السوداني أثبت أن خيارات إثيوبيا تنحسر وتضعف بشكل كبير في الفترة الأخيرة ، كما أن تحرك مصر في مجلس الأمن خطوة أولى يعقبها خطوات أخرى خاصة لو اصر الجانب الإثيوبي على الملء منفردًا لأن مصر لن تقبل فرض الأمر الواقع عليها والتحركات المصرية التي قادها وزير الخارجية في أفريقيا كلها دفعت في ناحية توصيل رسالة إلى الجانب الإثيوبي أنه لا ملء بلا اتفاق".

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الوساطة الأمريكية لم تتوقف ولم تفشل وما زال الوسيط الأمريكي موجودا والفريق الأمريكي وعلى رأسه الرئيس ترامب لن يقبل بفشل الوساطة وعند الضرورة سيستخدم أدواته لإنجاح المفاوضات والجانب الإثيوبي أدرك أن الجانب الأمريكي يدعم مصر فيريد التحرك في إطار الدائرة الأفريقية من خلال إشراك جنوب أفريقيا ودول حوض النيل ، مشيرا إلى أن الجانب الأمريكي لن يقبل بدخول وسيط آخر إلى جواره.

وعند الضرورة سيستخدم وسائل ردع تجاه إثيوبيا فمصر موقنة لأى تحركات إثيوبية في هذا التوقيت على المستوى الدولى أو حوض النيل أو الاتحاد الأفريقي والقاهرة لديها أوراق ضغط كثيرة لم تتكشف بعد وعند الضرورة ستستخدمها مصر دفعة واحدة.

القوة العسكرية

وأشار إلى أن مصر لم تلوح بالقوة العسكرية ضد سد النهضة رغم أنه خيار لا يغيب عن ذهن الإثيوبيين خاصة وأن مصر استوفت في مراحل التفاوض كل الشروط والطرق السياسية والدبلوماسية.

إخفاء المعلومات

ومن جانبه قال الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية الأسبق إن خطورة سد النهضة على السودان تتلخص في عدم وضوح إثيوبيا وإخفائها لمعلومات مهمة وأساسية عن السد وأمانه وأبرزها قيمة المخزون الميت والمخزون الأساسي ومخزون الحماية في السد الذي تبلغ سعة تخزينه الكلية 74 مليار متر مكعب.

وأكد علام أن أهم عوامل الأمان هو ربط محطات رصد الأمطار والفيضانات بموقع السد باستخدام الأقمار الاصطناعية ونقل تلك المعلومات لدولتي المصب لتكون جاهزة لمواجهة الفيضانات.

وأكد أن القرار السوداني الأخير برفض العرض الإثيوبي وتمسك السودان بمسار التفاوض ووضع مشكلات الآثار البيئية والاجتماعية وأمان السد ضمن موضوع المفاوضات هو قرار قوي في صالح السودان جملة وتفصيلًا ويماثل رد الفعل المصرى ، ويجنب دولتي المصب محاولة الهروب الإثيوبى من توقيع اتفاق شامل يضمن سلامة السد الانشائية ويجنب مصر والسودان التداعيات الهيدرولوجية والبيئية الكبيرة لسد النهضة وخاصة في أوقات الجفاف وكذلك أثناء الفيضانات العالية.

وأشار إلى أن ما حدث هذه الأيام في خزان أوين ببحيرة فيكتوريا بأوغندا وغرق جنوب السودان بفيضانات بحيرة فيكتوريا ليس ببعيد أن يتكرر عند تشغيل سد النهضة مع غياب المعلومات الكاملة عن طبيعة التخزين وطريقة إدارته بما يضمن سلامة السودان.

كما يثبت الرفض السوداني تمسك الخرطوم بمبدأ عدم التعدي على الإيرادات التاريخية لمصر والسودان من مياه النيل الأزرق ويحول بين إثيوبيا وأهدافها السياسية للهيمنة والتحكم في النيل الأزرق لتنفيذ أجندتها السياسية في المنطقة.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية