"أردوغان" يوزع المناصب الكبيرة على "رجال الملالي".. الرئيس التركي يستعين بأصدقاء طهران في السلك الدبلوماسي ووسائل الإعلام
تحت ولاية رجب طيب أردوغان أولًا كرئيس للوزراء وحاليًا كرئيس أصبح الدور الإيراني أكثر وضوحًا داخل غالبية أجهزة الدولة التركية حيث شهدت السنوات الماضية صعود شخصيات مؤيدة لإيران وتوليها مناصب مهمة في وزارة الخارجية التركية.
تحالف تركي إيراني
وذلك في إطار التحالف التركي الإيراني الذي حرص عليه «أدوغان» رغم الخلافات العميقية بين الدولتين في العديد من القضايا والمواقف، إلا أن المصالح طغت على الخلافات في وجهات النظر.
وبحسب تسريبات جديدة نشرها موقع «نورديك مونيتور»، فإنه في أغسطس 2019، عين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أستاذ اللاهوت الموالي لإيران، محمود إيرول كيليك، الذي كان يكتب عمودًا منتظمًا في صحيفة Yeni Safak اليومية، لسان حال نظام أردوغان، سفيرًا لتركيا في إندونيسيا، وتولى مهامه الدبلوماسية الجديدة رسميًا في 7 أغسطس 2019.
وعندما زار «أردوغان» طهران في عام 2014، قال: «إن إيران تشعر وكأنها وطن ثانٍ، وأظهرت كلمة «أردوغان» وجود نوايا لتحالف كبير مع رئيس النظام الملالي في إيران، ودعمه حديث دوجو برينتشك رئيس حزب العمال، والذي يعد أكبر داعمي سياسات أردوغان الموجهة ضد الغرب، وهو مؤيد قوي لإيران.
إيران قوية تعني تركيا قوية
وقال في وقت سابق إن «إيران قوية تعني تركيا قوية»، وأطلق على إيران اسم «واحدة من أكثر الحصون القوية للقتال ضد الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل في غرب آسيا» بعد تشكيل التحالف مع أردوغان.
ومن ثم بدأ نفوذ برينتشك يتزايد في عدد من القطاعات الرئيسية في تركيا شملت النظام القضائي والجيش ووسائل الإعلام. وفي عموده المنشور بصحيفة Yeni Safak، أشاد «كيليك» أكثر من مرة، بالنظام الإيراني وسياسته الخارجية في حين كشف عن وجهات نظره المعادية للعرب والسامية.
وزعم أن الوعي العربي يتحكم فيه التفسير السلفي للدين وأن السلفية جمدت دماغ العالم العربي الإسلامي، وأن الفكر الشيعي انتصر عليها وبدأ في التمدد داخل العديد من الأماكن ولاسيما في أفريقيا، مطالبا الدول العربية التوقف عن التعامل مع بلاده بشكل سيئ حتى يتمكنوا من الاستفادة من التجارب التركية، بل ووصل الحد الذي قال فيه :«مستعدون لتعليمهم القاليد التي فقدوها».
وفي مقال آخر له، دافع «كيليك» عن إيران وزعم أنها ستتعرض لهجوم من قبل دول عربية وأمريكا وإسرائيل، مطالبًا بضرورة حماية إيران من خلال ما أسماه «تحالف الأخوة»، على اعتبار أن النظامين يتشاركان العداوة مع إسرائيل، في الوقت الذي تتوالى فيه فضائح العلاقات السرية بين النظام التركي وقيادات إسرائيلية.
كما كيّل الاتهامات للسعودية ودول عربية أخرى وادعى أنها تدعم الجماعات المتطرفة في أفغانستان وباكستان والصومال، كما وصل مزاعمه بأن إيران وقطر وتركيا تحدوا إسرائيل وقاموا مخططات غزو إيران.
يذكر هنا أن «كيليك» عمل كأمين عام للاتحاد البرلماني للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بين عامي 2008-2018، وفي أبريل 2018، قال في مقابلة مع Gerçek Hayat، مجلة تركية مملوكة لـ Yeni Safak، أن أردوغان أصر على ترشحه لرئاسة تركيا على الرغم من مقاومة عبد الله جول، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي آنذاك أكمل الدين إحسان أوغلو وقد انزعج الأتراك منذ سنوات من تصاعد الإسلاميين المتشددين، بمن فيهم البعض من أصحاب الصلة القوية بالنظام الإيراني، والذين باتوا يشغلون مواقع حساسة في السلطة بأنقرة.
الانقلاب الفاشل
ومن بينهم هاكان فيدان، المقرب من أردوغان وصوهو من أشد المتعاطفين مع إيران، والذي عين رئيسًا لجهاز المخابرات الوطني التركي (MIT) في عام 2010.
ومن المثير للاهتمام أن بيروقراطية الدولة طورت علاقات أوثق مع إيران بعد الانقلاب الفاشل في تركيا يوليو 2016، وأقالت الحكومة التركية على إثره أكثر من 130 ألف موظف عام، بمن فيهم الجنود والقضاة والمدرسون وضباط الشرطة والدبلوماسيون، دون تحقيق قضائي أو إداري فعال.
كما رفضت وزارة الخارجية التركية تعيين دبلوماسييها المؤهلين، وتم منح العديد من الشخصيات الموالية لإيران منصب سفير، علاوة على ذلك، تمت إقالة جميع الضباط الموالين للناتو تقريبًا من ثاني أكبر جيش للناتو واستبدلوا بضباط موالين لإيران أو قوميين جدد أو إسلاميين بعد محاولة الانقلاب، والتي يعتقد الكثيرون أنها عملية كاذبة نظمها الرئيس أردوغان وفيدان، وأن إيران كانت على علم بما سيجري.
وكانت عمليات الإقالة للعناصر الموالية للناتو من المواقع العسكرية في أعقاب الانقلاب الفاشل تطورًا مرحبًا به من منظور إيران.
الدعم الإيراني
وفي أغسطس 2017، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، إن الانقلاب الفاشل سهّل بداية انفراجه في العلاقات الثنائية بين أنقرة وطهران، قائلًا: «دعم إيران لتركيا في أعقاب محاولة الانقلاب صنعت موسما مهما للعلاقات الثنائية، وأن إيران مستعدة لتلبية أي طلبات من تركيا».
من جانبه، قال كرم سعيد الخبير في الشأن التركى: إن «العلاقات التركية الإيرانية شهدت صعودا كبيرا برغم من التحديات التي تقع حجر عثرة أمام تحول هذه العلاقة إلى علاقة إستراتيجية»، موضحًا أنه «كان هناك عداءا تاريخيا بين الدولتين منذ زمن الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية، وتسعى كلا البلدين إلى زعامة إقليمية، فكلا البلدين مختلفين أيدلوجيا وعقائديا، لكن هناك ظروف إقليمية ومتغيرات إقليمية والدولية قد تدفع لتقارب البلدين في هذا التوقيت».
العقوبات الأمريكية
وأوضح الخبير في الشأن التركي، أن «أول هذه المتغيرات هي العقوبات الأمريكية على إيران وبالتالي حاجة إيران إلى تركيا باعتبرها أداة اقتصادية مهمه لها، بالإضافة إلى حاجة إيران بشكل كبير إلى دعم دولي في مواجهتها مع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا في المؤسسات الدولية، وتركيا يمكن الاعتماد عليها في هذا الأمر باعتبارها دولة محورية ودولة إقليمية».
كما أشار إلى أن «إيران وتركيا تجمعهما علاقات مشتركة فيما يتعلق بمواجهة الخصوم بمعنى تركيا وإيران لديهما علاقات مضاده للمحور العربي سواء السعودية أو الإمارات أومصر، بالإضافة إلى أن الدولتين استفادا من المقاطعة العربية لـ قطر من خلال زيادة ضخ المواد الغذائية وغيرها إلى الدوحة».
وأكد «سعيد» أنه على الناحية الأخرى فإن تركيا تشكل مناخا آمن للاستثمارات الإيرانية التي تريد الهروب أو الالتفاف على العقوبات الأمريكية، ورأينا ذلك في عدد العقارات الرهيب التي اشتراها الإيرانين داخل تركيا، بالإضافة إلى نقل عدد كبير من مصانع السيارات والاستثمارات الحيوية من إيران إلى تركيا للهروب من العقوبات.
وفي المقابل الحقيقة فإن تركيا بحاجة إلى إيران في هذا التوقيت في ظل التوتر الحادث في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الاتحاد الأوروبي ومع الدائرة العربية.
التحالف التركي الإيراني
ولفت أيضًا إلى أن «تركيا بحاجة إلى التحالف مع إيران أو أن تكون لها علاقة مع إيران لـإدارة الملف السوري هي بحاجة إلى إيران في ظل ضعف مناعة تركيا إقليميا ودوليا والاستعانة بـإيران في عدد من الملفات سواء في ليبيا أو في فنزويلا رأينا هناك مواقف متقاربة مابين إيران وتركيا في الملف الليبي وفي دعم الرئيس الفنزويلي (مادورو) في غيرها من الملفات.