في ذكرى فتح عكا.. كيف قضى المماليك على أهم ممالك الصليبيين ؟
تعرضت منطقة دول وممالك العالم الإسلامي خلال الفترة من 1095 وحتى 1492م، للعديد من الحملات الصليبية التي قامت بها الممالك الأوروبية المختلفة، في فترات ضعف وانقسام دب في العالم الإسلامي، وصراع فيما بينهم بدأ تزامنا مع العصر العباسي الثاني.
وكان من ضمن أهداف تلك الحملات منطقة الشام ومصر، حيث وصلت عددها على تلك المنطقة إلى قرابة 10 حملات، نجح بعضها في تأسيس إمارات صليبية وممالك قوية على ساحل البحر المتوسط، كما تمكن الصليبيون في بعض الحملات والحروب من الاستيلاء على منطقة بيت المقدس ذات الأهمية الدينية.
واعتبرت مملكة عكا أحد أبرز وأحصن الإمارات التي أسسها الصليبيون على ساحل البحر المتوسط بمنطقة الشام، حيث ظلت قرابة المائة عام تخضع للاحتلال الصليبي، وفشل العديد من الحكام والخلفاء المسلمين المتعاقبين في منطقة الشام ومصر في تحريرها، إلى أن تمكن من فتح عكا، السلطان المملوكي الأشرف صلاح الدين خليل ابن قلاوون، في مثل هذا اليوم 18 مايو من عام 1291م، وإعادتها للدولة الإسلامية ممثلة في دولة المماليك والتي كانت تحكم مصر ومنطقة الشام في ذلك الوقت.
وبدأت حرب استرداد عكا، حينما تمكن السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، من القضاء على كونتيه طرابلس الصليبية في الشام عام 1289م، لكنه توفي قبل أن تتم رغبته بفتح إمارة عكا، ليكمل ابنه الأشرف صلاح ابن قلاوون حلم أبيه بعد وفاته.
أرسل الأشرف خليل، إلى وليام أوف بوجيه رئيس طائفة فرسان المعبد "الداوية" بعكا يعلمه بأنه قد قرر الهجوم عليها وطلب منه عدم إرسال رسل أو هدايا إليه لأن ذلك لن يثنيه عن مهاجمة عكا، إلا أنه أرسل إلى القاهرة وفداً محملاً بالهدايا، يرأسه فيليب ماينبيف، ليطلب من الأشرف العدول عن خطته فرفض الأشرف خليل مقابلتهم وقام بحبسهم، معلنا نيته تحرير عكا.
وبالفعل جهز السلطان الأشرف جيوشه من مصر والشام، وبالإضافة إلى جيش السلطان الذي خرج من مصر انضمت أربعة جيوش يقودها نواب السلطان، وهي: جيش دمشق يقوده حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقى الدين، وجيش من طرابلس يقوده سيف الدين بلبان، أما الجيش الرابع فقد كان من الكرك وكان على رأسه الأمير المؤرخ بيبرس الداوادار.
وطلب أمراء عكا دعما أوروبيا فلم يصلهم سوى من هنري الثاني ملك قبرص الذي قام بتحصين أسوار عكا وأرسل قوة عسكرية على رأسها أخوه أمالريك.
وفي 5 أبريل من عام 1291م، وصل جيش الأشرف إلى حدود أسوار عكا، وفي اليوم التالي انطلقت مجانيق جيش المسلمين تلقي بالأحجار الضخمة والنيران على أسوار عكا.. وراح رماة السهام من المسلمين يمطرون المدافعين من الصليبيين المتمركزين فوق أبهاء الأبراج، وبعد ثمانية أيام من الدك والمناوشات والاشتباكات تقدم الفرسان والمهندسون المسلمون وقد تغطوا بالدروع في موجات متلاحقة نحو سور عكا حتى سيطروا على حافته دون أن يتمكن المدافعون الصليبيون من إيقاف موجات زحفهم لكثرة أعدادهم.
بدأت أبراج عكا تصاب بأضرار بالغة نتيجة لدكها المستمر بالمجانيق، فانهار برج الملك هيو وتبعه البرج الإنجليزي وبرج الكونتيسة دو بلوا، وفي السادس عشر من مايو قام المسلمون بهجوم مركز على باب القديس أنطوان.
وفي فجر يوم الجمعة 18 مايو 1291م، سمع صليبيو عكا دقات طبول المسلمين، وبدء الزحف الشامل على المدينة بامتداد الأسوار، رفقة دقات الطبول.
وقبل حلول الليل، كانت مدينة عكا قد صارت في يد المسلمين بعد حصار دام 44 يوما، وبعد أن احتلها الصليبيون مائة عام.