رئيس التحرير
عصام كامل

قرار الخليج بشأن حزب الله سيؤثر"سلبا"على الاقتصاد اللبناني ..محللون: حزب الله "منظمة إرهابية"وهددت بضرب مصالح الخليج الاقتصادية..الشيعة تتربص بـ"بضائع"الخليج في البحر..المخابرات عجزت عن إحصاء حزب الله

حسن نصرالله الأمين
حسن نصرالله الأمين العام لـحزب الله اللبناني

أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي أنها قررت اتخاذ إجراءات "ضد المنتسبين لحزب الله في إقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية"، داعية الحكومة اللبنانية إلى "تحمل مسئولياتها تجاه سلوك حزب الله وممارساته غير القانونية واللاإنسانية في سوريا والمنطقة".


وقالت دول المجلس في بيان -يوم الإثنين الماضي-: إن ممارسات الحزب ستضر بمصالحه فيها كما دانت "بشدة التدخل السافر لحزب الله اللبناني في الأزمة السورية" معتبرة أن "مشاركة حزب الله في سفك دماء الشعب السوري الشقيق كشفت طبيعة الحزب وأهدافه الحقيقية التي تتعدى حدود لبنان والوطن العربي".

وأعلنت دول الخليج في ختام اجتماعها الدوري في جدة -الأحد الماضي-: إن حزب الله "منظمة إرهابية" وهددت باتخاذ إجراءات ضد مصالحه.

وتعليقا على البيان وآثاره على اللبنانيين العاملين في الخليج، والاقتصاد اللبناني، يرى الخبير الاقتصادي المقرب من حزب الله غازي وزني أن البيان يتحدث عن أي لبناني منتسب لحزب الله، واللافت هنا أن هناك سنة يتعاطفون معه وكذلك مسيحيين، ما يجعلنا نتحدث عن وضع الرعايا اللبنانيين ككل في الخليج من دون أن يكون لدينا الإمكانية لتحديد المنتسبين من غير المنتسبين.

وبرأي "وزني" أن دول مجلس التعاون الخليجي يأتيها معلومات من أجهزة الاستخبارات الخاصة بكل بلد عن اللبنانيين المتواجدين فيها، وأحيانا تكون هذه المعلومات دقيقة وأحيانا غير دقيقة (كالإشاعات مثلا)، ثم تلجأ إلى اتخاذ قرارات بحقهم استنادا إلى تلك المعلومات.

ويضيف وزني في حديثه لوكالة الأناضول للأنباء: "إنه من الصعب جدا تحديد عدد المنتسبين أو المتعاطفين مع حزب الله من الطائفة الشيعية، أو من الطوائف الأخرى المسيحية والإسلامية، ومن الصعب -جدا أيضا- تحديد أو معرفة حجم استثماراتهم ونشاطهم وما إلى ذلك.

ويكشف وزني أن حجم العمالة اللبنانية في الخليج تقارب 500 ألف، بينها 200 ألف في المملكة العربية السعودية و150 ألفا في الإمارات و40 ألفا في الكويت و30 ألفا في قطر، ومن ضمن هؤلاء يوجد متعاطفون أو مؤيدون لحزب الله من جميع الطوائف الإسلامية والمسيحية.

وقال وزني: إن حجم التدفقات المالية، التي يحصل عليها لبنان من اللبنانيين في عالم الاغتراب يبلغ 4 مليارات دولار تقريبا، وهذا من جميع اللبنانيين من دون تمييز"، لافتا إلى أن المصارف اللبنانية تدقق في صحة وسلامة هذه التحويلات، كي تكون غير مرتبطة بعمليات تبييض أموال أو عمليات غير مشروعة.

ويوضح وزني أن هذه التدفقات تراجعت في الفترة الأخيرة 5% تقريبا من 8 مليارات عام 2010 إلى 7 مليارات عام 2012.

ويضيف أن الاقتصاد اللبناني يعتمد -بشكل كبير جدا- على الاقتصاد العربي على الأصعدة كافة، فمثلا على صعيد السياحة هناك 35 % من الحركة السياحية الإجمالية سنويا هي من السياحة العربية و45 % من المداخيل السياحية هي من مداخيل السياح العرب.

أما على صعيد الصادرات اللبنانية فإن لبنان يصدر -حاليا- وفق وزني إلى الدول العربية مليارا و300 مليون دولار، ما يوازي 30% من إجمالي الصادرات اللبنانية.

وفيما يتعلق بالاستثمارات العربية في لبنان فقد بلغت خلال السنوات الأخيرة 12 مليار دولار تقريبا منها 5 مليارات استثمارات سعودية وهي موجهة بالدرجة الأولى نحو القطاع العقاري والقطاع السياحي.

ويتابع أن كل هذه المعطيات تجعلنا نستنتج أن الإجراءات الجديدة لمجلس التعاون الخليجي سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد اللبناني على كافة الصعد لاسيما على السياحة والاستيراد والتصدير والقطاعات العقارية والاستثمارية.

ويرى وزني أن تحويلات اللبنانيين في الخليج إلى لبنان تقارب الـ 7،5 مليار دولار، مشددا على أن التأثير هو على القطاعات الاقتصادية وعلى التدفقات المالية من اللبنانيين في الخليج إلى لبنان والتي تمثل تقريبا 4 مليارات دولار سنويا، والتي تساهم بتعزيز الاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي وبتحسين وضع ميزان المدفوعات.

ومن التأثيرات السلبية الهامة التي يحملها هذا القرار تلك التي تتعلق بسوق العمل، ففي حال تم طرد اللبنانيين من الخليج أو إقفال الأبواب في وجوههم فإن ذلك سيخلق أزمة اجتماعية في الداخل اللبناني لأنه من المعروف أنه لا يوجد فرص عمل في لبنان لهذه الأعداد الكبيرة، فضلا عن إقفال أبواب هذه الدول أمام خريجي الجامعات من الشباب والشابات بحسب وزني.

ويشرح وزني: أنه علينا ألا ننسى التأثير السلبي على اللبنانيين العاملين في هذه الدول، الذين لديهم محلات تجارية ومطاعم وما شابه دون أن يكون لدينا أرقام دقيقة لهذه المؤسسات المعرضة حاليا للإقفال.

ويرى وزني أن هذه الإجراءات ستترك تأثيرا سلبيا على العلاقات اللبنانية الخليجية، مؤكدا في هذا المجال أن التواصل الحكومي مع دول الخليج من شأنه تبديد مخاوف هذه الدول، لأنه من شأنه التخفيف من هذه الإجراءات.

ودعا وزني الدولة اللبنانية إلى الإسراع بتشكيل الحكومة كي تتمكن من التواصل مع الحكومات في دول الخليج من أجل معالجة هذه المشكلة واستيعاب هذه الإجراءات والتخفيف منها، دون نسيان الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه الهيئات الاقتصادية في هذا المجال.

ويؤكد الخبير الاقتصادي مازن سويد (مدير الأبحاث في بنك البحر المتوسط) عدم توافر معلومات عن حجم وأعداد المنتسبين لحزب الله العاملين في الخليج، معتبرا أنه من المفترض بدول الخليج توضيح هذه الأعداد.

ويضيف أنه وبشكل عام عندما نتكلم عن عقوبات بين بلدين أو بين مجموعتين أو بين بلد ومجموعة، نكون نتكلم دائما عن عقوبات ذات أبعاد ثلاثية.

فالبعد الأول برأي سويد هو البعد الإنساني وهو الناس بحد ذاتهم، وفي الحالة التي نحن فيها هم إما من اللبنانيين المنتسبين إلى حزب الله الذين يعملون في دول الخليج (أي المحازبين) أو الذين هناك شكوك حول انتسابهم، واللافت هنا أن بعض دول الخليج لم تنتظر كي يكون لديها اليقين بل استندت إلى شكوكها فقط حيث لجأت حكوماتها إلى تطبيق القرار.

ويلفت وزني إلى أن من النتائج السلبية للقرارات المشابهة لهذا القرار والتي صدرت سابقا هو تغيب الرعايا الخليجيين عن زيارة لبنان منذ أشهر عدة، فضلا عن عدم قدرة اللبنانيين الراغبين بزيارة دول مجلس التعاون الخليجي كزيارة عمل أو كزيارة سياحية كوجه سلبي من تداعيات هذا القرار.

وبالإمكان القول: إن التداعيات لن تنحصر بالمنتسبين إلى حزب الله أو بمؤيديه بل ستطال على الأرجح كل اللبنانيين العاملين في الخليج ومن مختلف الطوائف وهذا هو البعد الأول أي البعد الإنساني أي تبادل الناس.

أما البعد الثاني فهو بعد البضائع أي الاستيراد والتصدير، فالعقوبات من الممكن أن تطال شركات ومؤسسات معينة محسوبة على حزب الله أو ثمة شكوك حول علاقتها به، حيث ستمنع من التصدير أو الاستيراد من لبنان إلى الخليج والعكس بالعكس.

أما البعد الثالث فهو البعد المالي وهو يتمثل بالتحويلات المالية والمصرفية والاستثمارات بالأسهم.

وعن كيفية تطبيق دول الخليج هذه القرارات على المنتسبين إلى حزب الله بالتحديد، علما أنه ليس دولة بل حزب ضمن لبنان، يقول سويد: "مهما حاولوا التمييز بينهم وبين المنتسبين فإن هذا الإجراء سيضر بلبنان بشكل عام وسيترك تأثيره السلبي لا سيما على القطاع السياحي في لبنان وعلى قطاعات الاستثمار فيه".

وما يجدر التوقف عنده هو أننا بدأنا نرى وبوضوح تأثير العقوبات السابقة ومنها انخفاض عدد السياح الخليجيين في لبنان في العام 2012 إلى نصف ما كان عليه في العام 2010، فيما انخفض حجم الاستثمار الخليجي في لبنان من 4 مليارات عام 2010 إلى مليار دولار عام 2010.

ويشير سويد إلى أنه من المعروف أن لبنان هو مصدر للعمالة، ويعتمد بشكل كبير على تحويلات المغتربين في تحسين نموه الاقتصادي.

وفي لغة الأرقام يرى سويد أنه وللمرة الأولى ومنذ خمس سنوات نرى ارتفاعا في الدين العام مذكرا بما أوردته النشرة الشهرية الصادرة عن جمعية مصارف لبنان لشهر مارس 2013 بأن الدين العام اللبناني بلغ 58،1 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي، مسجلًا زيادة بقيمة 500 مليار ليرة خلال سنة واحدة.

وفي التفاصيل، وفي نهاية فبراير 2013، بلغ الدين العام الإجمالي 87551 مليار ليرة (أي ما يوازي 58،1 مليار دولار) مقابل 87490 مليار ليرة في نهاية الشهر الذي سبق و86959 مليار ليرة في نهاية العام 2012، ليكون بذلك قد ازداد قليلا (+61 مليار ليرة) في شهر واحد وبقيمة 592 مليار ليرة في الشهرين الأولين من العام 2013 مقابل زيادة بقيمة 500 مليار ليرة في الفترة ذاتها من العام 2012.

وختم سويد: "اللافت أن عدد اللبنانيين العاملين في الخليج يوازي ثلث عدد اللبنانيين العاملين في لبنان، فيما يصل معدل الدخول لدى العاملين في الخليج إلى 3 أضعاف العاملين في لبنان". وهذا يعني أنهم يشكلون كتلة نقدية أو بمعنى أدق قدرة شرائية توازي القدرة الشرائية الداخلية.

ويذكر سويد أنه مما لا شك فيه أن هذه القرارات ستؤثر سلبا على الاقتصاد اللبناني خاصة أن المجتمع اللبناني هو مجتمع استهلاكي فضلا عن تأثيرها على ضريبة القيمة المضافة ومداخيلها وعلى واردات الخزينة.

وما يجدر التوقف عنده التقرير الذي نشرته مجلة "الاقتصاد والأعمال" في هذا الشأن والمتعلق بالتداعيات السلبية للوضع السياسي في لبنان على العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي وما تتسم به من جفاء مؤخرًا، مما أدى إلى نتائج خطيرة لامست كافة القطاعات وأبرز ما تضمنه التقرير:دول الخليج مصدر لـ 60% من تحويلات اللبنانيين. استثمارات الخليجيين المباشرة تمثل 80% من إجمالي الاستثمارات في لبنان، بلدان الخليج تستقطب 20% من الصادرات اللبنانية، الجاليات اللبنانية في الخليج تقدر بـ 500 ألف شخص.
الجريدة الرسمية