رئيس التحرير
عصام كامل

الدروس المستفادة من غزوة بدر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

التقى الجمعان صبيحة اليوم السابع عشر من رمضان ليبدأ التاريخ عهده الجديد بعد هذه الموقعة العظيمة التى تجلت فيها قدرة الخالق سبحانه وتعالى .وكما كتب الأديب أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة ـــــ رحل فى 12 مايو 1968 ــــــ فى مجلة الازهر عام 1373 هـ يقول :

 

 

اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تحاول ان تكذب رسولك الكريم ، اللهم فنصرك الذى وعدتنى ، اللهم ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد فى الارض ..ذلك كان دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وجهه الى القبلة ويداه الى السماء.فيرده ابوبكر الصديق بقوله (بعض هذا يانبى الله فإن ربك منجز وعده ) وماهى الا خفقة من خفقات الوحى حتى نزل الوعد بالنصر وجاءت البشرى بالجنة ، فغاب المسلمون فى اشراق غريب من الايمان لايرسم فى اخيلتهم الا الحور ، ولا يصور فى عيونهم الا الملائكة .وقذف الله فى قلوب المشركين الرعب فانهارالسد الغليظ أمام النبع النابض من صخوربدر، وانقشع الظلام عن النور الوامض من ربوع يثرب ..وانكشفت المعجزة الالهية فى رمضان . كانت معركة بدر فى رمضان حكما قاطعا من احكام القدر غير مجرى التاريخ وعدل وجهة الدنيا ومكن للعرب فى دورهم ان يبلغوا رسالة الله ويؤدوا أمانة الحضارة .كان المسلمون فى بدر على قلة عددهم وفقرهمثلث المشركين ، وكان المشركون على كثرتهم وعدتهم صفوة قريش ، وعليه كان موقف الاسلام من الشرك موقف محنة .

الممرضة البطلة صاحبة مبادرة تغسيل ضحايا كورونا بالنجيلة لـ"فيتو": الإيمان بالله والشجاعة والأخذ بالأسباب يصنع المعجزات كان بين العدوتين فى بدر مفرق الطريق ..فإما ان يؤم محمد زمام البشرية فى سبيل الله فتنجو ، وإما ان يردها الجهل الى مجاهل التيه والضلال فتهلك .وقفت مدينة الانسانية بأديانها وعلومها وراء محمد على القليب ..ووقفت همجية الحيوان بأصنامها وأوهامها وراء ابى جهل على الكثيب فكان طريق وعقبة ، ونور وظلمة ، وإله وشيطان ...فإما ان يحترق تراث الانسانية على هذا الصخر ويتبدد نورالله فى هذا القفر واما ان تتم المعجزة فتفيض الحياة على الناس . وقد أراد الله ان تتم المعجزة فانتصر لثلاثمائة مسلم على قرابة الف مشرك ،وموقعة بدر الكبرى لاتذكر بخطتها وعدتها وثقفتها فى تاريخ الحرب فلعلها فى كل ذلك لا تزيد عن معركة بين جيشين فى مدينة ،انما تذكر بنتائجها وآثارها فى تاريخ المسلم. لم يكن النصر فيها ثمرة من ثمارالسلاح والكثرة ..لكنه كان ثمرة من ثمار الايمان والصدق ، والايمان الصادق قوة من الله فيها الملائكة والروح ، وفيها الامل والمثل ، وفيها الحب والايثار ، فلا تبالى العدد ولا ترهب السلاح ولا تعرف الخطر . بهذا الايمان الصادق خلق الله من الضعف قوة فى بدر والقادسية واليرموك ، وبهذا الايمان الصادق جعل الله من البادية الجديبة والعروبة الشتيتة عمرانا طبق الارض بالخير ، وملكا نظم الدنيا بالعدل ..ودينا ألف القلوب بالرحمة .

الجريدة الرسمية