رئيس التحرير
عصام كامل

إرهاب "الشقق المفروشة".. خلايا تكفيرية تستغل انشغال الحكومة بمكافحة كورونا.. وتسعى لتنفيذ هجمات ضد الكنائس ..ومطالب بتعديل تشريعي

محمود توفيق..صورة
محمود توفيق..صورة أرشيفية

في ظل انشغال الحكومة بكافة وزارتها في مجابهة فيروس كورونا المستجد، كانت طيور الظلام من الخلايا الإرهابية تواصل مخططاتها الخبيثة لنشر الفوضى في ربوع مصر، وإفساد فرحة أقباط مصر بأعياد القيامة، من خلال خلية الأميرية التي نجح قطاع الأمن الوطنى في كشفها وإحباط مخططها والقضاء على 7 من عناصرها واستشهاد ضابط وإصابة 3 آخرين.

 

 

خلية الأميرية

خلية الأميرية الإرهابية طرحت العديد من التساؤلات أهمها كيف تسلل الإرهابيون وسط السكان؟ ولماذا اتخذوا من شقة بمنطقة شعبية وكرا لهم ومكانا لتخزين الأسلحة، وآليات مواجهتهم ؟.. وغيرها من التساؤلات نجيب عنها مع مصادر وخبراء أمنيين.

تشير التحقيقات الأمنية إلى أن الخلايا الإرهابية تلجأ إلى اتخاذ الشقق المفروشة والمستأجرة بالمناطق المكتظة بالسكان، أوكارا لها ومراكز لانطلاق عملياتها الإجرامية وذلك لعدة اعتبارات ودراسات يقومون عليها قبل اختيار أي مكان ودراسة وتأمينه بشكل جيد.

المناطق الشعبية

وأوضح مصدر مطلع أن التحقيقات كشفت اختيار المناطق الشعبية للاختباء فيها لصعوبة اكتشافهم وسط الزحام، وصعوبة تعامل قوات الأمن معهم في حالة اكتشافهم، وسهولة استئجار الشقق المفروشة.

بالإضافة إلى انشغال الجميع بمشكلات الحياة وعدم اهتمام أهالي المنطقة الأصليين بظهور غرباء فيها، بالإضافة إلى أن عناصر الخلايا الإرهابية تلجأ إلى اختيار مناطق قريبة من موقع تنفيذ عملياتهم ، أو قرب تواجد عناصر دعم ومساندة لهم سواء بالأسلحة أو الأموال أو الاختباء.

وأضاف المصدر: إن تمركز وتواجد العناصر الإرهابية في الأميرية لم يكن مصادفة، فالخلية امتداد إستراتيجي لمحاور خطتهم التي كانوا ينوون تنفيذها، وتشمل مهاجمة كنائس بالقرب من المنطقة، إلا أن جهود ضباط قطاع الأمن الوطنى نجحت في القضاء على الخلية الإرهابية قبل تنفيذ خطتها، والتي ارتكزت على تنفيذ سلسلة من العمليات باستهداف قوات تأمين الكنائس، وقيام أحد العناصر التكفيرية بتفجير نفسه باستخدام حزام ناسف في وسط المواطنين لتحقيق أكبر قدر من الخسائر.

الضربات الأمنية

ويوضح المصدر  أن الضربات الأمنية التي يوجهها رجال الشرطة والقوات المسلحة للعناصر التكفيرية في شمال سيناء دفعتهم إلى نقل عملياتهم إلى قلب العاصمة لتخفيف الضغط عليهم، ومحاولة رفع الروح المعنوية للعناصر التكفيرية.

مشيرا إلى أن بعض أصحاب العقارات في المناطق الشعبية، لا يهتم سوى بتأجير عقاره بأعلى سعر ممكن، وفى سبيل ذلك هو على استعداد لتأجيره لمجهول ، دون أن يسأل حتى عن اسمه، فالمهم عنده هو المال فقط، والعناصر الإرهابية تستغل هذا الطمع، وتدفع أموالا طائلة كإيجار للشقة، ومن ثم يبدأ المجرمون التخطيط لعملياتهم والتجهيز لها دون أن يعترضهم أحد.

الأمن الوطني

وأكد المصدر أن قطاع الأمن الوطنى، يولى اهتماما كبيرا بتلك المناطق، ويكثف من تواجده هناك لجمع المعلومات عن السكان والمغتربين، ومتابعة أنشطة وتحركات المشتبه فيهم ، وهناك عناصر من الشرطة السرية متواجدة على مدار الساعة، فضلا عن إجراء تحريات حول سماسرة الشقق والوحدات المؤجرة مفروش.

وقد ساهمت المعلومات التي تم جمعها في توجيه ضربات استباقية لعناصر إجرامية خطيرة على سبيل المثال  في مناطق " كرداسة – الجيزة – الهرم – 15 مايو – أكتوبر – الشيخ زايد – المرج – الخصوص..وغيرها".

مسح شامل

وفى سياق متصل، أكد مصدر مسئول بأن اللواء محمود توفيق وزير الداخلية كلف مساعديه ومديري الأمن بالتنسيق بين كافة قطاعات الوزارة المعنية بإجراء مراجعات ومسح شامل لكافة الشقق المفروشة وحصرها والكشف الجنائى عن قاطنيها والمتابعة مع أصحاب العقارات لاستيفاء البيانات الكاملة.

بالإضافة إلى إعداد قاعدة بيانات كاملة عن الأشخاص قاطنى الشقق المؤجرة بكل محافظة وإعادة تدقيقها، وعقد اجتماع أمنى على مستوى رفيع ضم قطاعات الأمن العام والأحوال المدنية والأمن الوطنى ومصلحة الجوازات والهجرة وقيادات البحث الجنائى بالوزارة لوضع خطة عمل مكتملة الأركان لإجراء المسح الشامل، والدفع بعناصر سرية لجمع البيانات والمعلومات عن المناطق المحتمل اختباء عناصر تكفيرية بها.

أو التي تمثل بؤرا إرهابية، تمهيدًا لشن أكبر حملات تفتيشية عليها بحثا عن الهاربين من أحكام قضائية صادرة ضدهم، وملاحقة العناصر التكفيرية والمتطرفة الهاربة من الضربات الأمنية الضارية التي تلقتها في شمال سيناء.

خطط أمنية

وفى ذات السياق أوضح اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية الأسبق أن الخطط الأمنية لمواجهة الإرهاب، يتم وضعها وفقا لمعلومات دقيقة تجمعها الأجهزة المختصة، سواء في الأمن الوطنى أو رجال الشرطة السريين.

وتعد المواجهات التي تحدث في الشقق السكنية المستأجرة بالمناطق الشعبية، من أصعب أنواع المواجهات، نظرا لوجود مواطنين بينهم أطفال ونساء وعجائز، يصعب إخلاؤهم في وقت قصير، لذلك تتم مراجعة وتعديل خطة التعامل عدة مرات قبل التنفيذ تفاديا لسقوط ضحايا أبرياء، ثم يتم اختيار أفضل العناصر وذوى الخبرات الكبيرة من رجال الشرطة سواء الأمن الوطنى أو العمليات الخاصة أو الأمن العام، لتنفيذ خطة الهجوم بدقة متناهية.

وأشار الخبير الأمني إلى أنه في الاشتباكات مع عناصر خلية الأميرية كانت قوات الشرطة حريصة على توعية المواطنين، وإطلاق التحذيرات للحفاظ على سلامتهم، فالمهمة الأولى لجهاز الأمن حماية المواطنين من أي خطر.

بدوره قال مصدر أمني مسئول بقطاع الأمن العام، بأن الشقق المفروشة مشكلة تحظى باهتمام كبير لما لها من تهديد على الأمن في مصر بعد أحداث 25 يناير 2011 وأعقاب ثورة 30 يونيو 2013، ويتخذها الإرهابيون وكرا لتصنيع العبوات المتفجرة.

 

وأكد المسئول الأمني، بأن الشقق المفروشة غير مقصورة على محافظة القاهرة بل تمتد لكافة المحافظات، فقد تم ضبط بعض الخلايا في منطقة البيطاش بالإسكندرية، ومحافظة أسيوط، والطريق الأبيض بمنطقة العجوزة ومنطقة أكتوبر، موضحا أن المواطن يخاف الإبلاغ عن مستأجري الشقق المفروشة، خوفا من فرض ضرائب عليه في حالة الإبلاغ، مشيرا إلى أن الحبس شهر أو الغرامة عقوبة تأجير شقة دون إبلاغ.

تعديل تشريعي

وطالب المصدر بإجراء تعديل تشريعى لتغليظ عقوبة عدم الإبلاغ عن الشقق المؤجرة، حيث تستخدمها العناصر الإجرامية والإرهابية، مأوى لهم مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط مئات الوقائع من قبل قطاعي الأمن العام والوطني.

وفى خلال عام 2018، تم فحص 310 آلاف شقة مفروشة من بينها 5 آلاف و١٠٣ مخالفات، وفى عام 2019 تم فحص 298 ألف شقة مفروشة، وتم اتخاذ الإجراءات تجاه المخالفين، مؤكدًا بأن الوزارة بمختلف القطاعات المعنية تشن حملات لفحص الشقق المفروشة بصفة مستمرة ، تنفيذا لتوجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.

ويتم أسبوعيا عقد اجتماع للسماسرة لتوعيتهم بمخاطر عدم الإبلاغ، ورغم ذلك لا يتم الإبلاغ خوفا من الضرائب.

من جانبه قال اللواء عبد الفتاح سراج بقطاع الشئون القانونية بوزارة الداخلية: إن من أنجح وسائل مكافحة الجريمة هي ألا يجد المجرم مكانا لإيوائه، مضيفا أنه لا يوجد قانون يلزم مالك العقار بالإبلاغ عن مستأجري الوحدات السكنية حتى الآن.

وأن قانون ٤ لسنة ١٩٩٦ يعاقب مالكي العقارات بغرامة من ١٠٠ إلى ٥٠٠ جنيه أو الحبس شهرا، مؤكدا أنه لا توجد عقوبة قوية على مالكي العقارات الذين لا يبلغون عن بيانات مستأجري الوحدات السكنية، ومع تصاعد استغلال بعض العناصر الإرهابية والإجرامية الشقق المفروشة في الاختباء بعيدا عن أعين أجهزة الأمن، مما يوقع أصحابها تحت طائلة القانون والمساءلة، وأحيانا تصل إلى الحبس، فعلت وزارة الداخلية خدمة تتيح للمواطنين التوجه لأقسام الشرطة لتسجيل الشقق المؤجرة واتباع الإجراءات بقسم الشرطة.

أما الطريقة الثانية فتكون إلكترونية من خلال موقع الوزارة الرسمي لتمكن المواطنين من تسجيل بيانات الشقق والمحال والمزارع المؤجرة على مستوى الجمهورية، ويتم أداء الخدمة باستخدام آليات الدفع والتحصيل الإلكترونى عن طريق الكروت الائتمانية أو شركات التحصيل غير النقدي، وتم مراعاة كافة المعايير القياسية لنظم تأمين وحماية البيانات والمعلومات الخاصة بتلك الخدمة.

طرق جديدة

وفى سياق متصل قال العميد خالد عكاشة الخبير الأمني عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب: إنه منذ عام ٢٠١١ تزايد النشاط الإرهابي للتنظيمات الإرهابية، وقامت باستحداث طرق لتحقيق مخططاتها لاستهداف المجتمع.

ومن هذه الوسائل النزول إلى الكتل السكنية حتى تكون قريبة من الأهداف والتخفي بين سكان المنطقة لتكون أكثر مرونة لرصد أهداف تخطط لها.

وأضاف:" أصبحنا أمام تنظيمات تعمل على مراحل تتولى تنفيذها شخصيات داخل تلك التنظيمات التي تقدم الدعم اللوجيستي لمنفذي تلك العمليات، لأن الدعم اللوجيستي هو من يمكن المنفذ من تحقيق الهدف ومن وسائل الدعم اللوجيستي وسائل الإعاشة ونقل الأسلحة".

وأضاف الخبير الأمني أن تأجير الشقق المفروشة بمعرفة العناصر الإرهابية يتم عن طريق الدفع بسيدات بعيدات عن الشبهات، مؤكدا بأن الدعم اللوجيستي لتلك العناصر أخطر من إطلاق الرصاص، مطالبا المجالس المحلية بتوفير قاعدة بيانات كاملة عن الشقق المفروشة والإيجار الجديد وتقديمها إلى الجهات المعنية، مشيرا إلى أنه إذا تضافرت جهود الوحدات المحلية والمحافظة والمواطن ووزارة الداخلية والإعلام، تكاملت الصورة في مواجهة الإرهاب.

يذكر أن اللجنة التشريعية بمجلس النواب كانت قد وافقت في أواخر 2019، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015، ويمنع القانون المعدل تأجير الشقق السكنية إلا بموافقة الشرطة وإبلاغها عن هوية المستأجر وإخطارها بصورة من بطاقة هويته وعقد الإيجار.

ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أجّر عقارا أو وحدة دون إخطار قسم أو مركز الشرطة الكائن في دائرته، بصورة عقد الإيجار وصورة الرقم القومي للمستأجر المصري، أو إثبات الهوية للأجنبي، وذلك خلال 72 ساعة من تاريخ شغل العقار، أو إبرام عقد الإيجار أيهما أقرب.

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية