بعد الحديث عن «عدم دستورية» مد عمل البرلمان الحالي بسبب «كورونا».. شرعية مجلس النواب تحت التهديد.. وسلطة الرئيس طوق النجاة
ردود أفعال متباينة شهدتها أروقة وطرقات مجلس النواب بعد نشر «فيتو» في عددها الماضي تقريرًا حول أزمة «موعد انتخابات البرلمان الجديد» في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضت نفسها على العالم أجمع بعد تفشي وانتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد – 19».
موعد الانتخابات
وهو ما فرض احتمالًا بإمكانية تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها المحدد دستوريًا في نوفمبر المقبل وهو ما دفع بعض الأصوات للخروج والمطالبة بالمد للبرلمان الحالي حال استمرار أزمة «كورونا».
في هذا السياق علمت «فيتو» من مصادر مطلعة أن عددًا كبيرًا من النواب يرون أن مد فترة ولاية مجلس النواب الحالي لمدة عام جديد بعد انتهاء مدته الدستورية في ٩ يناير المقبل فكرة جيدة حيث سيواصل المجلس دوره التشريعي في تلك الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
فراغ تشريعي
ولا يمكن إجراء انتخابات مجلس جديد خلالها حتى لا يحدث فراغ تشريعي عقب انتهاء ولاية المجلس.
ومن جانبه قال النائب كمال أحمد عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب: ولاية مجلس النواب الحالي تنتهى في ٩ يناير المقبل وإجراءات انتخابات المجلس الجديد من المقرر أن تبدأ قبل انتهاء مدة ذلك المجلس بـ ٦٠ يومًا ما يعنى أنها لا بد أن تبدأ في شهر نوفمبر المقبل وهذه فترة طويلة تجعل من الصعب التكهن بمصير الانتخابات والقدرة على إجرائها من عدمه.
سلطة رئيس الجمهورية
وتابع: حال القدرة على إجراء الانتخابات في موعدها فلن تكن هناك أزمة حيث سيبدأ المجلس الجديد عمله في اليوم التالي لانتهاء المجلس الحالي من مدته أما حال عدم القدرة على إجراء الانتخابات فسيكون هناك خياران أمام رئيس الجمهورية ، أولهما أن يتولى سلطة التشريع بموجب الدستور لحين تشكيل مجلس جديد ، يعرض عليه القوانين التي سيصدرها رئيس الجمهورية في فترة غياب البرلمان.
وهو ما يأتي تفعيلا لنص المادة ١٥٦ من الدستور التي تنص على أنه “إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه”.
وإذا كان مجلس النواب غير قائم يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد ، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون ، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب عليها من آثار.
مد العمل
أما الخيار الثانى فيتمثل في أن يصدر رئيس الجمهورية قرارًا بمد عمل البرلمان الحالي لمدة عام ليواصل دوره التشريعى حتى يتم إجراء انتخابات المجلس الجديد.
وحول مدى دستورية خيار «المد» أكد عضو اللجنة التشريعية أنه دستوري مائة بالمائة نظرًا لأن الدستور لم يمنع في أي من نصوصه قيام رئيس الجمهورية بمد عمل مجلس النواب وهناك قاعدة قانونية تقول «غير الممنوع يكون مسموح» مع الأخذ في الاعتبار أن الظروف الحالية التي تتعرض لها البلاد تندرج تحت تعريف «ظروف قاهرة» وهي التي يمكن خلالها اتخاذ أي قرارات من شأنها الحفاظ على تماسك البلاد وحمايتها.
ومن جانبه رأى المستشار محمد نور الدين الخبير الدستوري أنه حال تأجيل إجراء انتخابات البرلمان في تلك الظروف الاستثنائية فلن يكون هناك حل دستوري سوى إنهاء ولاية مجلس النواب في موعده الدستورى ٩ يناير المقبل ليتولى رئيس الجمهورية مهام التشريع في البلاد وفقًا لنص المادة ١٥٦ من الدستور.
مضيفًا أن «فكرة مد عمل المجلس غير دستورية لأن الدستور لم يتطرق لها من قريب أو بعيد ، ونص على إجراءات التشريع حال غياب المجلس ، والتي تعرف بتشريعات الضرورة الموقتة والتي سيتم عرضها على البرلمان الجديد فور تشكيله ، ومد عمل البرلمان الحالي سيكون بمثابة مخالفة دستورية لأنه سيتعارض مع نص المادة ١٥٦ التي منحت للرئيس حق التشريع بعد انتهاء مدة المجلس ، وفكرة المد للبرلمان تجعل هنا سلطة تتحكم في مصير سلطة أخرى ، وهو الأمر الذي يتعارض مع الدستور».
وأضاف: فترات غياب البرلمان تكون دائمًا فترات مؤقتة ، وليست دائمة ، ودساتير العالم تعالج ذلك الغياب بهذا الشكل ، وهو السماح لرئيس البلاد بإصدار القوانين الضرورية لتيسير الحياة مؤقتًا حتى يتم تشكيل البرلمان الذي يتولى السلطة التشريعية رسميًا ودستوريًا.
رفض التأجيل
في حين رفض النائب عبد المنعم العليمى عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان ، فكرة أو مقترح البعض بتأجيل الانتخابات البرلمانية والمد للبرلمان الحالي أو قيام رئيس الجمهورية بتولي مهام التشريع ، مؤكدًا أن أي إجراء من هذه الإجراءات يعد مخالفة دستورية واضحة وتعديًا على نصوص الدستور.
وقال: الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر شخص مسئول يلتزم بنصوص الدستور فهو لم يخالف أي نص في الدستور منذ توليه رئاسة البلاد وهو أمر يحسب له ، متابعًا: وأنصح بعدم مخالفة الدستور حتى في ظروفنا الحالية نظرًا لأن هناك العديد من المتربصين لنا في الداخل والخارج ، وينتظرون أي شائبة حتى يجدوا ضالتهم في توجيه سهامهم المسمومة ضدنا ، والدستور لم ينص على جواز المد للبرلمان.
كما لم ينص على جواز تجاهل المواعيد الدستورية لإجراء الانتخابات ، وبالتالي فلا بد من الالتزام بإجرائها في مواعيدها الدستورية.
وحول نص المادة ١٥٦ من الدستور التي تجيز لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين في غياب المجلس أوضح «العليمي» أن فترة غياب المجلس المقصودة هنا هي فترات الثورات وتعطيل الدستور ، ولا بد من وجود نص دستوري صريح يجيز لرئيس الجمهورية مد العمل للبرلمان أو تأجيل الانتخابات ، وإصدار قوانين في مثل تلك الظروف الاستثنائية، ويمكن هنا اللجوء إلى تعديل الدستور لتكون هذه الخطوات دستورية.
وفيما يتعلق برؤيته حول إمكانية إجراء الانتخابات ، قال«العليمي»: بالفعل تستطيع الهيئة الوطنية للانتخابات إجراءها باستخدام الوسائل التكنولوجية سواء في إجراءات الترشح أو أساليب الدعاية للمرشحين والتصويت الإلكترونى والإشراف عبر الـ«فيديو كونفرانس».
نقلًا عن العدد الورقي...