رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الأوقاف: دعاء الوالدين كنز في الحياة وبعد الموت

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن القرآن الكريم  تحدث عن الوالدين حديثًا خاصًا يقول سبحانه : "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" حيث جعلت الآية الكريمة الإحسان إلى الوالدين تاليًا للأمر بعبادته سبحانه وليس هذا قاصرًا على هذه الآية فحسب أو في الإسلام وحسب بل فيما سبق من الأديان ورسالات الرسل (عليهم السلام)  يقول سبحانه: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " ويقول جل وعلا : "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " ويقول تعالى : "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " كل هذا تأكيد على حق الوالدين ومكانتهما وفضلهما.

وأوضح  خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : " حديث القرآن الكريم عن الوالدين" أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حذر من عقوق الوالدين حيث يقول ( صلى الله عليه وسلم ) : " أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ؟ ثَلاثًا "، قَالُوا : بَلى يا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ( صلى الله عليه وسلم) : " الإِشْراكُ بِاللهِ ،  وَعُقوقُ الْوالِدَيْنِ" ،  وَكانَ مُتَّكِئًا فجلس ، وقالَ( صلى الله عليه وسلم) : " أَلا وَقَوْلُ الزّورِ " ,  فَما زَالَ يُكَرِّرُها حَتّى قُلْنا لَيْتَهُ سَكَتَ " ، فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله تعالى .

وأشار الى أن الآية الكريمة في سورة الإسراء تناولت مرحلة خاصة يكون الوالدان في أشد الحاجة إلى العناية والرعاية فيها وهي مرحلة تقدم السن  قال سبحانه :" إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا " سواء الأب أم الأم أم كلاهما  "فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُف"  فلا تؤذ مشاعر أي منهما ولو بكلمة "أف" التي يفهم منها التضجر   ولا تتجاوز أكثر من ذلك "وَلَا تَنْهَرْهُمَا"  وإنما تأدب بآداب الإسلام وأخلاق القرآن الكريم ، " وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا".

وأوضح وزير الأوقاف  أنه إذا كان الإسلام والقرآن الكريم يأمران بالقول الحسن للناس جميعاً " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " ، فما بالنا بالوالدين  أصحاب الفضل ( الأم التي حملت وأرضعت وربت وسهرت وعلمت ، والأب الذي كافح وتعب وناضل وربى  وأدب وعلم ) ،  "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " رد للجميل ، ولما سأل رجل  سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟  قال(صلى الله عليه وسلم )  : "أمك" ، قال : ثم من؟ قال(صلى الله عليه وسلم ): "  أمك" ، قال: ثم من؟ قال(صلى الله عليه وسلم ) : "أمك "، قال: ثم من؟ قال(صلى الله عليه وسلم )  :" أبوك" ، وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم ) يستأذنه في الْجِهَادِ ،  فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم):" أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ " ،  قَالَ : نَعَمْ ،  قَالَ(صلى الله عليه وسلم ) :" فَفِيهِمَا فَجَاهِد" ، وعندما جاء آخر وقال : يا رسول الله لقد أصبت ذنبًا عظيمًا، فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ؟ قَالَ(صلى الله عليه وسلم )  :  " هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ "  قَالَ : لَا ، قال (صلى الله عليه وسلم ) : " هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قال (صلى الله عليه وسلم) : "فَبِرَّهَا" . كما بين معاليه أن الإسلام أمر بصلة الرحم بصفة عامة ، ونهى عن قطيعة الرحم ،  يقول تعالى :"  فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ، أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" ، وفي الحديث القدسي يقول سبحانه :" أنا الرَّحمنُ خلَقْتُ الرَّحِمَ وشقَقْتُ لها اسمًا مِن اسمي فمَن وصَلها وصَلْتُه ومَن قطَعها قطعته " ، فإذا كان هذا في عموم الرحم فما بالنا بقطيعة الوالدين ثم ما بالنا بالإساءة لهما ، فمن لا خير فيه لوالديه فلا خير فيه لنفسه ، بل لا خير فيه أصلاً ، يقول (صلى الله عليه وسلم): " لا يدخل الجنة عاق " ، والوالدان يستحقان الشكر ودعاء الأم ودعاء الأب كنز  في الحياة وبعد الممات.

الجريدة الرسمية