من ثقوب الغربال الواسعة
الآن أكاد اقترب إلى حد اليقين، أن النظام السابق عائد.. عائد بقضِّه وقَضِيضِه، برأسه وأطرافه، ببرلمان 2010، بحكومة نظيف، وربما بجمال مبارك مرشحًا لرئاسة الجمهورية.
الآن أيضًا أعزز ما ناديت من قبل، عندما قلت إن على التيارات الإسلامية أن تلملم أوراقها وتغادر طاولة الحياة السياسية، وحَسْبُها أنها ربما تكون الفائز الأكبر، بل الأوحد، بنتائج ثورة يناير2011، إذا ما وضعنا بالحسبان أن منظومة الاعتقالات وخنق حرية الرأى والتعبير والحركة الدعوية قد ولَّت إلى الأبد.
السؤال.. ما الذى أوصلنى إلى حد اليقين الذي أشرت إليه؟ ..الجواب.. من لا يرى من ثقوب الغربال أعمى.. ومن يفقد ذاكرته أبله.
في ذاكرتى ما أعلنه رجب هلال حميدة، بعد حصوله على البراءة بحكم محكمة الجنايات في قضية موقعة الجمل، عندما قال إن أحمد عز قال له إننا عائدون بعد مرور عامين على ثورة يناير.
في يناير2013 يكون قد مر عامان، والآن عامان ونصف العام، وكل الطرق تؤدى إلى صحة ما أعلنه عز.
الطريق إلى انهيار آخر مؤسستين منتخبتين بعد الثورة (الرئاسة ومجلس الشورى)، يجرى تمهيده بوتيرة سريعة ومحمومة وواضحة.
بالتزامن تتوالى مشاهد فك أسر رموز وأركان النظام السابق، أيضًا بوتيرة سريعة.. آخرها حكم البراءة الجماعى للواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق ورجاله، في قضية فرم المستندات.
غير أن مشهدا آخر، جلسات ما يسمى محاكمة القرن، أي محاكمة الرئيس السابق مبارك، وقيادات الداخلية وولديه جمال وعلاء أو"عباس"، كما يحلو للمستشار الرشيدى رئيس المحكمة أن يناديه!.. ربما كان المشهد الذي أوصلنى إلى حافة الاقتراب من اليقين "بعودة الأمور إلى مربع ما قبل يناير2011.
ذلك أن مبارك بدا في حالة معنوية عالية وهو يتطلع بثقة وارتياح إلى مؤيديه، كما بدا جمال مبارك ممشوقًا واثقًا، يتحرك بخفة وحيوية، ويوزع ابتساماته هنا وهناك في جنبات القاعة، ويهمس في أذنى أبيه وأخيه.. بيد أن لقطة البطولة المطلقة في ذلك المشهد، كانت لقطة حديث جمال مبارك إلى أحد ضباط الحراسة حال دخوله القفص، والتي ظهر فيها الضابط وهو ينصت بأدب جم وطاعة عسكرية، بدت في طريقة هز رأسه التي تقول دون أن نسمعها "تمام يا افندم".
خبر عاجل وهام.. عقد الرئيس السابق مبارك والسيدة قرينته وولداه علاء وجمال جلسة خاصة بمحبسهم للترتيب لمرحلة ما بعد خروج علاء وجمال من السجن.