مشكلة حكم.. أم إدارة أزمة؟
في عام ١٩٥٢، مرت مصر بمرحلة تحول تاريخية على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ما استلزم وقتها قيام قيادة جماعية كمجلس إدارة رئاسى مرحلى، تَمَثَّلَ في مجلس قيادة الثورة الذي أدار البلاد في فترة الحراك الثورى، حتى استقر المجتمع في وجهته الجديدة، ففرض نظام الدولة الراتب نفسه بعد ذلك في صورة رئيس وحكومة ومجلس تشريعى.
ومصر تمر الآن بأخطر مراحل تاريخها على الإطلاق، وسط تحولات إقليمية وعالمية بالغة التعقيد، ولا يصلح أن ينفرد فصيل أو حزب أو فرد لقيادتها في تلك الظروف العصيبة، فالقضية في مصر الآن قضية مصير ووجود وليست قضية دستورية لرئيس أو ترتيب حكم لوزارة، وإذا لم يكن هناك مجال لمجلس رئاسى ليدير أزمتها ويضبط إيقاعها في تلك المرحلة التاريخية ففى أي ظروف أخرى تتقرر تلك القيادة الجماعية؟
عندما تواجه السفينة قضية مصير، كاحتمال الغرق وسط أجواء عاصفة يصير على كل راكب فيها واجب للتصدى لهذا الخطر، وتترتب عليه في الحال مسئوليات جسام، ولا يمكن لفرد واحد فيها أن يحصر تلك المسئوليات في ذاته ويسفه واجبات الآخرين، فلو تخاذلوا وأذعنوا لداعى حب القيادة والسيطرة لذلك الفرد المتسلط هلكوا جميعًا.
وعلى ذلك، يقع على كل فرد في المجتمع دور وطنى استثنائى في المواجهات والمحن، فيصير عضوًا في الجمعية العمومية الشعبية لإدارة الأزمة بواقع الحال، فتنهض حالة وطنية ثورية تلزم المواطن بواجباته تجاه بلاده، وهى تشبه حالة نفير الحرب الذي يقوم كل شباب الوطن القادرين لتلبية ندائه.
المشكلة الكبرى في مصر تكمن في استمرار النظام الإخوانى في سياسة تقسيم المجتمع في وقت هو أحوج مايكون فيه للاتحاد، وإصراره على كبح الحالة الثورية المتأججة، ومحاولة تحويلها لمجرد عملية إصلاح مؤسسى، وفرض دستور ونظام حكم يقبع عليه الإخوان، ولا تمثل لهم مصر إلا عرشًا يتخذونه منطلقًا لتحقيق هدفهم الوهمى في الخلافة، ولكن الجماعة لا تشعر أن تحت ذلك العرش مرجل مازال يغلى ويفور، وسوف ينفجر حتمًا في من يجلس عليه.