الدكتور حمدى زقزوق يكتب: التدين المنقوص
يشهد شهر رمضان كل عام حماسا دينيا متزايدا من المسلمين فى اداء الشعائر الدينية ، تردد على المساجد ، أداء صلاة التراويح ، والتهجد والاعتكاف وقراءة القران وكثرة الدعاء وذرف الدموع .وينشط كثير من الموظفين فى مكاتبهم وكل هذا ليس محل اعتراض ..لكن الاعتراض على الفترة الزمنية التى يقضيها الموظف فى عبادته دون مراعاة مصالح الجماهير من المواطنين ، والمواطن هنا لايستطيع التبرم لسلوك الموظف المتعبد الذى لايهتم بمصالح العباد والا اعتبر عدو للدين ..وهنا تكمن المشكلة ,
حول هذه المشكلة كتب الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الاوقاف السابق ـــ رحل فى الشهر الماضى ــ يقول : الملاحظ ان هناك انفصاما لدى الكثيرين من المتدينين بين العمل للدين والعمل للدنيا ، ففى مقابل النشاط الكبير لدى الكثيرين نجد لديهم فى المقابل ادنى اهتمام بالعمل ان مشكلة عالمنا الاسلامى فالانسحاب من الدنيا والانكفاء على الذات والاستغراق فى العبادة يؤدى فى تصور هؤلاء الى رضا الله والفوز بالاخرة ,هذا فى نظرهم هو المطلوب اما لعمل واعمار الدنيا فلا يدخل فى اولياتهم . وقد ادى هذا الانفصام الى ماتعانيه الامة الاسلامية من تخلف لا تخطئه العين فى شتى انحاء العالم الاسلامى ..نجد فيها التراخى فى العمل اكثر من غيرها فإذا ما انتهى موسم العبادة رمضان يلحظ المرء انخفاضا فى درجة الحماس الدينى من ناحية ،ولا يجد لهذا الحماس مردودا ايجابيا على سلوك الناس من ناحية اخرى ان الاسلام دين الوسطية والاعتدال ولا يريد منا ان نعمل للاخرة على حساب الدنيا ولا ان نعمل للدنيا على حساب الاخرة وانما نعمل من اجلهما معا فى تناسق وانسجام كما يقول الله تعالى فى سورة القصص 77 (وابتغ فيما أتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك نت الدنيا ) . وكما جاء فى الاثار المروية "أحرث لدنياك كأنك تعيش ابدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ". وتقديس العمل من اجل الدنيا كما جاء فى الحديث الشريف (اذا قامت الساعة وفى يد احدكم فسيلة ـــ شجيرة صغيرة ـــ فإن استطاع الا يقوم حتى يغرسها فليفعل ) . والعمل المطلوب فى الاسلام يشمل جميع نواحى الحياة والكل مطالب بالعمل الذى يبنى ولا يهدم ويعمر ولا يخرب وكل فرد مسئول عن اداء واجبه فى هذا الصدد والاسهام بما يستطيع ان يقدمه من خير للناس حتى ولو كان مجرد ابتسامة كما جاء فى الحديث (ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى أخاك بوجه طلق ـــ أى بشوش ، وفى حديث آخر" تبسمك فى وجه اخيك صدقة " . واذا كان هو شأن الاسلام فلماذا تخلف المسلمون عن ركب الحياة ؟على رأس الاسباب فى نظرنا ذلك الانفصام القائم فى حياة المسلمين بين الدين والدنيا واختزال الاسلام فى تدين منقوص يقتصر على اداء الشعائر والفروض وهو ليس الا تدين شكلى .
مقال قديم للدكتور محمود حمدى زقزوق عن الحب والإيمان ان المسلمين فى حاجة الى صحوة حقيقية ترتفع فوق صغائر الامور وهامشيات الدين والتخلى عن الخرافات والاوهام. ويقدم شهر رمضان فى كل عام فرصة سانحة امام المسلمين للمراجعة والتقييم واعادة النظر .