رئيس التحرير
عصام كامل

الإبداع الأوربى والإبداع الإخوانى


الإبداع في أوربا يحظى بتشجيع كبير، بل ومحاولات الإبداع البسيطة أيضا تحظى بتشجيع كبير، وكمصرية مقيمة في فرنسا منذ 15 عاما تركت لعقلى العنان يراقب ويحلل كيفية تعامل الفرنسيين وتشجيعهم للمبدعين، فما إن يلمسوا في طفل موهبة إلا وساعدوه على تنيمة موهبته وإظهار إبداعه وهناك برامج ونشاطات مخصصة لإبداع الأطفال، ومن المواقف التي علقت بذهنى منذ سنوات حين ذهبت لحضور عرض السيرك العالمى الثالث والثلاثين بإمارة موناكو والذي يشارك فيه كل عام أكثر الفرق شهرة من مختلف دول العالم، وكان من بين فقرات العرض طفل عمره 10 سنوات يروض فيلا كبيرا ويقفز من فوقه إلى أعلى قفزة خطيرة تحتاج إلى درجة عالية من الإجادة والتوازن، وحين فشل الطفل أول مرة واختل توازنه صفق له الحاضرون بشدة وحين فشل فيها للمرة الثانية صفقوا له أيضا بشدة ولفترة أطول وحين نجح فيها في المرة الثالثة وقفوا وهللوا وغنوا له.. هذا الموقف على بساطته يعبر عن نظرة هذه الشعوب للإبداع، فطفل في هذه السن الصغيرة ينافس كبار محترفى السيرك يستحق من وجهه نظرهم أن يشجعوه ليتخطى توتره وخوفه وينجح.. ولعل هذا الأسلوب في التفكير كان ولا يزال من أهم عوامل التقدم في فرنسا وأوربا بشكل عام.....


التقطت أذنى بعض حوارات وتعليقات في مصر حول الإبداع في زمن الإخوان، وتخوفات من الفنانين والمبدعين في مجالات شتى من وضع قيود صارمة تحجم إبداعهم، لأن شعب مصر المتذوق بطبيعته لكل أنواع الفنون لن يقبل أن يقيد إبداعه، بل يجب أن يترك حرا طليقا يثرى حياتنا ويطفى رونقا حضاريا على مصر التي تصدرت وبجدارة ساحة الإبداع منذ عهد الفراعنة، شريطة أن يكون إبداعا حقيقيا وليس مجرد وسيلة رخيصة لتحقيق مكاسب كبيرة بأعمال لا تمت للإبداع بأى صلة بل تفسد الذوق العام وتنحدر بالفن إلى مستنقع الغرائز.

هناك فنون تتفق شعوب العالم على أنها في حقيقتها ليست فنونا ولا إبداعا، ومنها فن الإغراء والمشاهد الساخنة في الأفلام والتي تعرض لجذب المراهقين ولا تمثل أي نوع من أنواع الخلل النفسى لهم، لأنها لا تتناقض مع واقع الحياة اليومية في أوربا.. أما في بلادنا الشرقية وخاصة مصر فلاتزال الأسرة المصرية تعتز بكثير من التقاليد والعادات الشرقية بشكل يتعارض مع نوعية الأفلام والكليبات والعرى المبالغ فيه.. هذا التناقض أعتبره سببا رئيسيا من أسباب التحرش الجنسى الذي انتشر بشكل كبير في مصر وأثر على سمعتها في الخارج وأقلق بعض السائحات الأجنبيات...ولكن ليس معنى هذا اختيار مسئولين لقيادة الإبداع في مصر كل مؤهلاتهم هي إنتماؤهم للإخوان.. وجب على الحكومة الحالية اختيار مسئولين على قدر من الاحترام لعزل الفن المبتذل وعلى قدر من الرقى في الوقت ذاته لتقدير الإبداع المتميز وإبرازه.
الجريدة الرسمية