الشيخ عبد الرحمن تاج: رمضان فرصة لتنقية النفس من علائق الدنيا

فى مجلة الأزهر عام 1376 هجرية كتب الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر ــــ رحمه الله ـــ رحل عام 1975 ،مقالا بمناسبة قدوم شهر رمضان يشرح فيه الحكمة من الصوم وكيف انه تهذيب للنفس واضا جزاء الصائمين عند ربهم .قال فيه :

قال تعالى :يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ،فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من أيام أخر ، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له ,وأن تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون ، شهر رمضان الذى أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون "سورة البقرة  وأخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة عن النبى فيما يحكيه عن الله عز وجل (كل حسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الا الصيام فإنه لى وانا أجزى به ) ..وهذا واضح فى أن جزاء الصوم لا يقف عند حد وثوابه يتجاوز معايير الحساب والتقدير  أنه من أعظم دلائل الاخلاص وأقوى مظاهر الجلد والصبر فقال تعالى (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب )  وأخرج الشيخان أيضا عن أبى هريرة عن رسول الله قال (والذى نفسى بيده لخلوق فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك )  وخلوف فم الصائم هو مايكون من تغير رائحة الفم من اثر الصوم ، وهذا من أقوى الشواهد على فضل الصوم وما له من الاثار الطيبة وحميد العاقبة . وروى البخارى عن مالك عن ابى الزناد عن الاعرج عن ابى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله (الصوم جنة فإذا كان احدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل ) اى لا يتكلم بما فيه فحش وقبح ، ومعنى ان الصوم جنة انه وقاية وحماية من المعاصى ومن العذاب .وقوله (وان امرؤ قاتله او شاتمه فليقل انى صائم انى صائم ). والصوم شريعة من اهم الشرائع التى جاء بها الاسلام وقد بين الرسول انه أحد الاركان الخمسة التى قام عليها هذا الدين الحنيف فقال عليه السلام (بنى الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا ) . الصوم تهذيب للنفوس وسمو بالارواح يعلم الناس كيف يترفعون عن المظاهر الحيوانية التى كل همها الاكل والشرب واشباع البطن ، يعلمهم كيف يسمون بأنفسهم الى مستوى الملائكة الذين غذاء ارواحهم مراقبة الله وعبادته وتقواه ويربى فيهم ملكة الصبر ، ويعودهم على احتمال الشدائد والصبر على مكاره الحياة . والصوم ينمى فى النفوس فضيلة الامانة والاخلاص فى العمل ، وهو تصفية للنفوس من علائق الدنيا وشهواتها وحتى لا تطغى المادية ويشتد سلطانها على سلوك الناس فى هذه الحياة حتى تسود الفضائل الطيبة . وقد فرض صوم رمضان فى السنة الثانية للهجرة وقد أخذ فى التدرج بالموعظة وقد بينت الايات منزلة هذا الشهر وجلال مكانته بين شهور السنة .

وزير الأوقاف: علينا اغتنام شهر رمضان في الذكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي

كذلك فإن الصيام وحكمته يبعث على الاحساس والرحمة والصدق والاخلاص ومراقبة الله ويمرن النفس على الصبر ، فصوم رمضان هو احياء سنوى مجيد لذكرى نزول القران الكريم وهو اعظم آيات الشكر على امتنانه بهذه النعمة الجليلة ولذا كان رسول الله يعنى بتعظيم هذا الشهر والاحتفال به بكثرة العبادة وبذل الجهد فى شكر الله على نعمه