محافظ الغربية!
مع كل التقدير للسيرة الذاتية المتميزة لمحافظ الغربية أ. د. طارق رحمى، أرى أنه قد جاوزه التوفيق والحكمة فى أسلوب وتوقيت قراره الخاص بإعفاء مدير مستشفى المنشاوى العام من منصبه، وإحالته للتحقيق..
نتيجة قيامه بالاحتفال بشفاء بعض المرضى المتعافين من فيروس "كورونا"، بصورة اعتبرها المحافظ تضر بهيبة الكادر الطبى، وتتعارض مع الإجراءات الإحترازية الوقائية المتبعة فى الوقت الحالى.
فعندما اطلعت على تفاصيل الواقعة قفز إلى ذهنى على الفور الفروق الجوهرية بين المدير والقائد، والتى درستها فى بداية حياتى العملية، وكنت حريصًا كل الحرص على تطبيقها طوال فترة مسيرتى المهنية..
اقرأ أيضا: العودة الواجبة!
فالعديد من المسئولين مع الأسف لا يدركون الفرق بين ممارسة الإدارة وممارسة القيادة أثناء توليهم مناصبهم، معتقدين أنهما وجهان لعملة واحدة، أو أنهما مترادفتان وتحملان المعنى نفسه، لكن واقع الأمر ليس كذلك، فالقائد يختلف تمام الإختلاف (إيجابيًا) عن المدير، لذا فهو يفوقه بكثير فى تحقيق معدلات الإنجاز المؤسسى، ورفع مستوى كفاءة ومعنويات العاملين.
فينما يقتصر دور المدير على توجيه وتحريك العاملين، فإن القائد يلهمهم، وبينما يستند المدير إلى المنصب، فإن القائد يستند إلى ثقة الفريق فيه، وبينما يشير المدير إلى صلاحياته من وقت لآخر، فإن القائد يفوضها، وبينما المدير يقول أنا، فإن القائد يقول نحن، وبينما يشعل المدير الخوف بين العاملين، فإن القائد يشعل حماسهم ويستخرج منهم أفضل ما فيهم..
اقرأ أيضا: الاستخدام الصحيح!
وبينما المدير يعرف كيف تنجز الأمور، فإن القائد يشرح ويوضح كيف تنجز الأمور، وبينما المدير يملى توجهاته، فإن القائد يصنع القرارات مع الفريق، وبينما المدير يفكر بالأسلوب النمطى المعتاد فى المواقف والأزمات، فإن القائد يفكر بأسلوب مبدع وخلاق، وبينما المدير يضطر العاملين أن يتبعوه، فإن القائد يحب العاملين أن يتبعوه.
لذلك من المهم أن يرى محافظ الغربية ببصيرته وليس ببصره، أن كل العالم حاليًا - وفى القلب منه مصر- يخوض معركة ضروس ضد فيروس شرس وسريع العدوى، يتحمل الأطباء وأطقم التمريض فيها المسئولية والمخاطرة والضغوط الأكبر على مدار الساعة، وهو ما يتطلب منا مساندتهم بكل ما أوتينا من وعى وحكمة وقوة وعزم..
اقرأ أيضا: نحن وليس أنا!
وليس أن نفت فى عضدهم ونوهنهم بقرارات تحمل الكثير من المغالاة وعدم حسن تقدير الأمور، وإذا حدث خطا غير مقصود فإنه يجب أن يوجه المسئول بتصحيحه بالأسلوب الأمثل الذى يتوافق مع كونه "قائدًا" وليس "مديرًا"، لأنه من غير الصحيح أبدًا أن يتم عزل وتنحية المقاتل وهو على رأس معركته، وفى أتون نيرانها.
حقيقى ما أحوجنا فى المستقبل تحقيقًا للصالح العام لبلادنا الغالية، أن ندرب مسئولينا على كيفية التفكير والتصرف طبقًا لمنهج ومنطق "القادة"، وليس منهج ومنطق "المديرين"، لأن علوم الإدارة تخبرنا أنه ليس كل مدير قائد، ولكن كل قائد مدير.