رئيس التحرير
عصام كامل

ثمن الخلاص


تجاوز الأمر الآن إطلاق التهديدات التى بدأت من قبل أنصار ومؤيدى ومشايعى الحكم، وبدأت بالفعل عملية تنفيذ هذه التهديدات، لذلك نحن للأسف سنشهد عنفا واسعا فى ٣٠ يونيو ستراق فيه الدماء وسيسقط فيه الضحايا.


لقد بدأت بواكير ومقدمات هذا العنف مبكرا قبل بلوغنا ٣٠ يونيو، فها نحن نشهد اشتباكات دامية وعمليات اقتحام وحرق لمقرات، بعد أن تبين أن الملاحقات الأمنية لعدد من الشباب والنشطاء السياسيين لم تعد كافية لإخماد روح التمرد التى سرت فى المجتمع بحثا عن خلاص من استبداد سياسى وإخفاق اقتصادى وظلم اجتماعى يحتمى بالدين ويتلاعب بالقانون.

وغير صحيح أن أهل الحكم وأنصارهم غير مكترثين بزيادة الغضب الشعبى الذى حصدوه جراء ما فعلوا على مدى قرابة العام منذ اعتلائهم حكم البلاد، وإن كانوا لا يفعلون شيئا لاحتواء وتقليل حدة هذا الغضب.

غير صحيح أيضا أنهم واثقون من قدرتهم على مواجهة هذا الغضب والبقاء فى مواقعهم، ولا يخشون الإطاحة بهم.

العكس هو الصحيح، إنهم منزعجون قلقون مرعوبون مما يخفيه لهم يوم ٣٠ يونيو والأيام التى ستليه، خائفون ليس فقط أن يفقدوا حكما أمسكوا به بعد طول انتظار، ويشدون عليه بالنواجذ الآن، وإنما هم خائفون أيضا إن فقدوا الحكم أن يلقوا مصير الحكام السابقين، وهذا ما عناه واحد من جماعتهم حينما أكد بحسم: «نحن لن نعود إلى السجون مرة أخرى»، باعتبار أن بديل الحكم فى تقديرهم هو السجن.

الخائف هو من يتعين أن نخشاه فما بالكم بمن هو شديد الخوف هكذا، مثل أهل الحكم، فالمرعوب عادة لا يحسن الحساب، ولا يقدر العواقب ويتصرف عادة بتهور ورعونة، ولا يحكم العقل فى تصرفاته، إنه يندفع إلى ممارسة العنف لتصوره خطأ أنه بذلك يحمى نفسه، بينما هو فى الحقيقة يدفع بنفسه إلى التهلكة ويقدمها فريسة سهلة لخصومه.

ولأن أهل الحكم مرعوبون هكذا الآن، فهم سوف يرتكبون شتى جرائم العنف بشكل فج وسافر وفاجر متوهمين أن الحكم سوف يحميهم من المساءلة، وأن القانون لن يطولهم ولديهم نائب عام هم الذين عينوه فى منصبه.

لكن الخطر أن العنف دائما يستدعى مواجهته عنفا مضادا، وهذا يعنى وقوعنا فى دوامة عنف واسعة لن يكون سهلا أن نخرج منها، حيث سيحدث اقتتال أهلى، نظرا لأن أهل الحكم لا يثقون فى حماية الشرطة لهم لذلك سوف يعتمدون على الأهل والعشيرة والأنصار وقبل هؤلاء أعضاء جماعتهم.

صحيح أن قيادات المعارضة وحركة تمرد حريصة على سلمية الاحتجاجات، لكن لا أحد فى مقدوره السيطرة على الأوضاع على الأرض فى ظل محاولات الاستدراج للعنف.

وهكذا.. إن أهل الحكم يقودوننا إلى كارثة دامية تسيل فيها الدماء ويقع الضحايا .

وهذا يعنى أن إنقاذ مصر من قبضة الإخوان التى تمسك بعنقها سيحتاج دفع ثمن باهظ وغالٍ، لكن كل شيء من أجل مصر الحرة الكريمة يهون.
الجريدة الرسمية