نزار قباني.. فارس الشعر الحزين
"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، كلمات المتنبي الراسخة في وجدان وإيمان الكثيرين بالحياة البشرية فليس بالضرورة من كونك شخصا محبا للحياة أن تجني ثمار ذلك الحب فرحا وسرورا دائما.
لم تكن حياة نزار قباني والذي تحل اليوم ذكرى وفاته كجمال وروعة كتاباته كما لم تكن رسالته للحب والرومانسية التي حملها على عاتقه زارعا الأمل والرقي في نفوس محبيه وجمهوره شفيعا له في أن يهنئ بحياة لا تشوبها المتاعب والمآسي وفراق أحبته.
بدأت مآسي شاعر الحب منذ طفولته حينما انتحرت شقيقته وصال، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبّه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسه، وربَّما ساعد في صياغة فلسفته ومفهومه عن صراع المرأة لتحقيق ذاتها.
ولم يكشف عن حقيقة هذه الحادثة في وقت مبكر، و أرجع وفاتها إلى مرض القلب، إلا أن الأديبة السورية كوليت خوري كشفت قصة الانتحار، وهو ما أكدته مذكراته الخاصة.
ودون قباني تفاصيل الحادثة قائلا: "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره"، وفي وصف الحادثة تابع:"صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة".
لم يكتفِ القدر بذلك، بل تبعه في وفاة أعز ما يملك وهو ابنه توفيق والذي أنجبته زوجته الأولى زهراء آقبيق، حيث توفيّ توفيق عام 1973 وكان طالبًا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، حيث ترك وداعه أثرا كبيرا في حياته.
توفيق نزار قباني
كتب قباني في رثاء ابنه قصيدة مؤثرة ومن أبياتها: "إن الأمير الخرافي توفيق مات.. وإن الجبين المسافر بين الكواكب مات.. وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات.. وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات.. فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكات".
ضربته الأحزان مرة أخرى، في محبوبته وعشيقته وزوجته الثانية العراقية بلقيس الراوي، والتي توفيت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقيّة في بيروت حيث كانت تعمل عام 1982.
نزار قباني وزوجته بلقيس الراوي
رثاها نزار قباني والذي تأثر كثيرا لوفاتها من خلال قصيدته الشهيرة بلقيس التي قال فيها أن الجميع كان لهم دورٌ بقتلها، وكان قد أنجب منها ابنيه عمر وزينب ولم يتزوّج بعدها حتى وافته المنية في 30 أبريل من عام 1998 في لندن.