التعايش مع كورونا.. إيطاليا تبلع "حبة الدواء المر" لإنقاذ الدولة من الخراب الأكبر
دفعت المخاوف من انهيار الأوضاع الافتصادية إيطاليا إلى التوجه نحو رفع الحظر التدريجى المفروض على القطاع الصناعى والعقارى يوم 4 مايو المقبل.
وبالرغم من معاناة البلد الأوروبى من الجائحة بصورة مخيفة جرائ فيروس كورونا، على صعيد الإصابات والوفيات، قررت التعايش مع الفيروس الفتاك والسماح بفتح المصانع ومواقع البناء كمرحلة أولى من خطة تهدف لإنهاء القيود المفروضة. وفى هذا الشأن قال رئيس وزراء إيطاليا جوزيبى كونتى الأحد أن إيطاليا ستسمح للمصانع ومواقع البناء بإعادة فتح أبوابها اعتبارا من الرابع من مايو قبل السماح لمزيد من الشركات والأعمال بالعودة للعمل فى الأسابيع المقبلة فى إطار الاستعدادات لإنهاء تدريجى لأطول إجراءات للعزل الصحى بسبب كورونا فى أوروبا.
وبعد أكثر من شهرين من ظهور أول حالة إصابة بمرض كوفيد-19 فى بلدة صغيرة خارج ميلانو وبعد أسابيع من إجراءات العزل العام، تتطلع إيطاليا للمرحلة الثانية من الأزمة والتى تحاول فيها إعادة عجلة الاقتصاد للدوران دون المجازفة بإطلاق العنان لموجة ثانية من المرض.
وقال كونتى وهو يحدد معالم خارطة الطريق لاستئناف الأنشطة المعطلة فى البلاد منذ أوائل مارس”نتوقع تحديا بالغ التعقيد... سنتعايش مع الفيروس وسنضطر للتكيف مع كل إجراء احترازى ممكن“.
وأضاف أن خطة العمل ستعلن الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، لكن على المؤسسات أن "تطبق بروتوكولات السلامة بصرامة " كالتباعد الاجتماعى أو وضع الكمامات.
وأشار كونتى تحديدا إلى أن "الأنشطة الإنتاجية والصناعية المخصصة للتصدير" لأنها أمام خطر الانقطاع عن الشبكات العالمية.
فى تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية نهاية مارس الماضى، قال الكاتب ديزموند لاكمان: أنه فى خضم أزمة الديون السيادية الإيطالية لعام 2012 أنقذ ماريو دراجى اليورو من خلال ترديده جملته الشهيرة "البنك المركزى الأوروبى سيفعل كل ما يتطلبه الأمر للحفاظ على سلامة اليورو".
ومع تحول إيطاليا إلى بؤرة لوباء فيروس كورونا فى العالم فإن اختبار متانة اليورو مرة أخرى من خلال أزمة الديون السيادية الإيطالية الكاملة يبدو مسألة وقت لا غير.
ولمصلحة كل من الاقتصاد الإيطالى والعالمى يجب أن نأمل أن تتمتع أوروبا بالإرادة السياسية هذه المرة للقيام بكل ما يتطلبه الأمر لإنقاذ اليورو على الرغم من التكلفة المالية المرتفعة المحتملة لذلك.
وأفاد الكاتب بأن هشاشة اقتصاد إيطاليا وضعف ماليتها العامة ونظامها المصرفى السيئ -الذى يعود إلى فترة ما قبل انتشار فيروس كورونا- يجعلنا نفكر فى أنها معرضة بشدة لجولة أخرى من أزمة الديون السيادية.
وبعد الركود الاقتصادى خلال العقد الماضى دخل الاقتصاد الإيطالى مرة أخرى فى حالة ركود بحلول نهاية عام 2019.
وفى الوقت نفسه، كانت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى قد بلغت 135٪، أي أعلى مما كانت عليه فى عام 2012، بينما ظلت ميزانيات مصارفها مثقلة بالقروض العاطلة والسندات الحكومية الإيطالية، يقول الكاتب ديزموند لاكمان.
وأضاف "لا شك أن هذا الوباء سيلحق أضرارا بالغة بكل من المالية العامة لإيطاليا ونظامها المصرفى، مما سيسقط البلاد فى أعمق ركود اقتصادى لها فى فترة ما بعد الحرب".
وهذا من شأنه أن يتسبب فى تضخم عجز الميزانية فى إيطاليا، فضلا عن ارتفاع معدل القروض المتعثرة فى نظامها المصرفى مع إعلان المزيد من الأسر والشركات عن إفلأسهما، يتابع الكاتب.
إيطاليا تبدأ رفع إجراءات العزل بسبب كورونا.. مايو المقبل
وأوضح الكاتب أنه من المرجح أن يكون الاقتصاد الإيطالى الأكثر تضررا فى أوروبا، نظرا لكون البلاد تمثل بؤرة للوباء.
ويقول التقرير إن إيطاليا تبقى عالقة فى قيود اليورو، إذ لم يبق لها سوى القليل من إجراءات السياسة النقدية المجدية وبعض إجراءات السياسة المالية التى يمكنها اتخاذها، وهذا ما يؤكد احتمال انكماش الاقتصاد الإيطالى بنسبة 10٪ على أقل تقدير فى عام 2020، وهو العامل الذى سيثير تساؤلات جديدة بشأن استدامة ماليتها العامة وسلامة نظامها المصرفى.