رئيس التحرير
عصام كامل

"الإبرة" حكايات شعبية 1.. لماذا حرَّم المصريون بيع الإبر بعد العصر؟

فيتو

يدور حول الإبرة الكثير من المعتقدات الشعبية المصرية وأخذت هذه الاعتقادات تندثر مع التقدم والارتقاء إلا أنها ما زالت موجودة في بعض القرى البسيطة بشكل أقل حدة من ذي قبل.

ويرصد الباحث أحمد أمين باشا في كتابه "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" ما تمثله الإبرة في حياة المصريين حيث يقول إنه كان عامة المصريين يحرمون بيع الإبر بعد العصر ولا يرضى البائعون بيع الإبر بعد عصر أي يوم وأساس ذلك عندهم خرافة شائعة وهي أن الملائكة الموكلة بقسمة الأرزاق تنزل بعد العصر فتقسم الأرزاق حسب الحالة التي يرون عليها الإنسان فإذا كان في سعة من العيش زادته سعة وإن كان لي ضيق أعطته على قدره، وهم يعتقدون أن حرفة الخياطة من أبأس الحرف وأفقرها ، فهم يكرهون أن تراهم الملائكة على هذا البؤس ، فترزقهم على قدر بؤسهم ، فحرموا من أجل ذلك الخياطة وبيع الإبر بعد العصر.

وعند بعضهم اعتقاد بأن الخياطة بالليل تؤذي الأموات ، فهم يكرهون أن يخيطوا شيئا بالليل ، ولي بعض القرى يتشدد النساء في ذلك، فلا يعرن إبرة لأي سبب بعد العصر ، فإذا دعت الضرورة إلى ذلك وضعتها المعيرة فوق رغيف من الخبز وأعطته لطالبة الإبرة فتأخذ الرغيف وعليه الإبرة ولكن لا تمسها بيدها مباشرة.

وعندهم نوع من الإبر يسمى "الإبرة الغشيمة" وهي الإبرة التي لا عين لها، وهي في الأصل إبرة أخطأت الآلات التي تصنعها فمرت عليها، وكان السبب في الإقبال عليها اعتقاد العجائز أنها تبطل عمل السحر، فهن يأخذنها ويلففنها في خرقة ويضعنها في حجاب من جلد فتمنع العين والسحر.

ودخلت الإبرة في الأدب المصري الشعبي كما دخلت في الأدب العربي ، فهي في الأدب المصري سبة للمرأة ، فإذا رأت امرأة ، امرأة أخرى نحيفة جدا وكانت جلدًا على عظم، عايرتها بأنها إبرة، وكانت هذه سبة فظيعة يوم كان المثل الأعلى للجنال هو السمن، وكان الخلطب يوصي الخاطبة بأن تكون المخطوبة "بيضاء سمينة غنية وشعرها أصفر".

ومن الأمثال العملية في الإبرة "يفتي على الإبرة ويبلع المدرة" ومعنة يفتي على الإبرة أنه يفتي بتحريم الإبرة على غيره، وهو مثل يضرب لمن يحرم الناس من صغار الأمور وهو مع ذلك في نفسه يرتكب كبائرها.

"الإبرة اللي فيها خيطين ما تخيطش" وهو مثل يضرب لتعدد الرؤساء في العمل .. وهو المثل المقابل لـ "المركب اللي بريسين تغرق" .

"بين الغرزة والغرزة ترقد المعزة" ويعنون بذلك أن غرز الخياط ليست منسجمة ولا دقيقة.

"التركي يحفر البير بإبرة" وهو مثل قديم من عقيدة المصريين واقتناعهم أن التركي صبور على نيل غرضه.

وشاع في الأيام الحديثة قول "السياسة وخظ الإبر" أي أن السياسة هي العداء في الخفاء.

الجريدة الرسمية