في مواجهة أيام الحظر.. أب يشارك أولاده صناعة الطائرات الورقية| صور
تطيب الحياة لمن يقتنص منها الفرص ولو كانت بسيطة ليزرع السعادة في قلبه وقلب من حوله، مهما بالغت الظروف في قسوتها وشدتها، ففي ظل أجواء ثقيلة يمر بها العالم أجمع شرقًا وغربًا في صراع لا ينتهي مع الفيروس القاتل كوفيد -19 أو فيروس كورونا المستجد، الذي تعد أهم أسلحة مواجهته هي العزلة في المنزل والابتعاد عن كافة أشكال التجمعات، كان مهندس الغزل والنسيج ابن منطقة شبرا الخيمة بالقليوبية "حسن سيد" 59 عاما على موعد مع اقتناص تلك السعادة من فم هذا الوحش، فحول هو وعائلته أيام الحجر المنزلي والعزلة الإجبارية التي فرضت عليه وعلى الأسر المصرية إلى ورشة يقوم فيها الكبير قبل الصغير بصناعة الطائرات الورقية!
يعود حسن للوراء لأكثر من خمسين عاما، حينما كان في عامه السادس يتعلم للمرة الأولى كيف يمسك بخيط الطيارة الرقيق ويعقده في شكل معين حتى يثبت جسم الطائرة مع الورق المقوى المصنوعة منه.
ابتسامة الطفولة تفتش عن مكان لها في وجه رب الأسرة المكونة من ستة أفراد، يجمع المواد المكونة للطائرة في صالة المنزل متوسطة المساحة، بجواره يجلس الابن الأصغر محاولا مساعدته في عمل "السبعاوية و الميزان" بحرفية شديدة يقف الابن أمامها مشدوها :" بنسترجع ذكريات زمان أيام ما كنا بنطيرها وإحنا عيال فوق السطوح والشوارع، وكنا ننزل الأراضي الزراعية الفسيحة ونطيرها لمسافات بعيدة. عرفت إزاي يطيرها وعملت له السبعاوية والميزان وعلمته يقعد في كابينة الطيارة" يتحدث حسن ضاحكًا.
يسابق الأب والابن وزوجة الابن الأكبر وبقية أفراد الأسرة الزمن انتظارا لاستكمال عملية صناعة الطائرة، تمضي الساعات دون ان يشعر أي منهم بالملل الذي أصبح التيمة الأساسية لدى الكثيرين بعد أن أصبح لزامًا عليهم البقاء في المنازل لساعات طويلة، فكان المهرب الوحيد للأب الذي يشارف على إتمام سن التقاعد عن العمل، هو أن يعود إلى عمر الثانوية العامة مرة أخرى تلك المرة الأخيرة التي أمسك فيها بخيط الطائرة في وسط إحدى الأراضي الزراعية وطيرها لمسافة بعيدة متمنيا لو بإمكانه التحليق معها !
"لحد ما كنت في الثانوية كنت بحب أعمل طيارات ورق وأطيرها، وقلت الواحد نسي متوقعتش إني لسه فاكر تفاصيل صناعتها..أيامنا مكنش فيه بلاستيك وزينة تدخل في صناعة الطيارة الورق، كنا بنعملها بورق القزّاز أو السلوفان أو ورق الجرائد أيامها كنا مش شايلين هم حاجة و كل واحد سايب حمله على غيره!" يبدو أن العودة إلى الماضي حملت معها تيارا من الحنين الجارف للأصدقاء الذين شاركوا حسن صناعة الطائرات والتحليق بها بعيدا
" كنا بنعمل الطيارة النجمة أقل طول متر في متر عشان كنا صغيرين وتسحبنا كنا بنطيرها في الشارع والأراضي الزراعية موجودة كتير وكان قدامنا براح، كنت بتجمع أنا و صديق عمري الله يرحمه مجدي وابن عمي وإخواتي ونلعب بيها بالساعات".
الكثير منا قضى معظم طفولته إما في تعلم صناعة الطائرة الورقية أو في المشاركة في الإمساك بحبلها المتين بطريقة سليمة حتى يتسنى للطائرة التحليق بحرية، فلم يكن حسن وحده هو الذي استخدم الطائرة الورقية في التغلب على ساعات الحجر الكئيبة فكذلك فعل بقية الجيران من الرجال الذين تتعدى أعمارهم ربما الأربعين والخمسين، وهكذا أيضا فعلت هاجر إسلام زوجة الابن الأكبر لحسن،
"أول سنة اعمل طيارات ورق من أيام ما كنت صغيرة، حبيت أسلي نفسي وأضيع وقتي خلال اليوم، بعمل له السبعاوية أقطع الأكياس واركبها لهم في الخيط"، عادة توقفت عنها هاجر منذ سنوات وهاهي تعود إليها مرة اخرى فرحة بالحالة التي صنعها الأب في المنزل.