أمين وزراء الداخلية العرب: إنشاء صندوق لتغطية نفقات مصابي الشرطة وأسرهم
تحتفي الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية والذي يُصادف الثاني والعشرين من شهر أبريل من كل عام، وهو نفس التاريخ الذي أعتُمدت فيه الاتفاقية العربيـة لمكافحة الإرهاب من قبل مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب في اجتماعهما المشترك عام 1998م.
وأكد الدكتور محمد بن علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن هذا اليوم يمثل مناسبة متجددة للفت نظر الرأي العام إلى كل ما يتعرض له هؤلاء الضحايا من آلام ومآسٍ، نتيجة الأفعال الإجرامية التي ترتكبها الجماعات والتنظيمات الإرهابية، كما يعتبر فرصة ثمينة لمزيد تشجيع كافة المبادرات الخيرة التي تقوم بها الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربي لتخفيف آلام الضحايا وأسرهم.
وأضاف أن آثار الأعمال الإرهابية النكراء تتعدى الاعتداء على الأنفس والممتلكات إلى تأثيراتها النفسية الحادة وأذاها الاجتماعي العميق وضررها الاقتصادي الكبير؛ مما يجعلها تمثل جرحًا داميًا في عُمق المجتمعات المتضررة يستمر نزيفه لأعوام طويلة، خاصة في ظل ما يُكرّسه الإعلام الإرهابي من تسويقٍ للعمليات الإجرامية، التي خلفت آلاف الضحايا الأبرياء بين قتيل ومُصاب، وشملت الأطفال والنساء وكبار السن.
وفي الوقت الذي نستشعر فيه مرارة آلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية من المواطنين الأبرياء الذين طالتهم يد الغدر الإرهابي، ونستنكر فيه ما تعرضه بعض وسائل الإعلام من صور ومشاهد تحبذ الإرهاب وتروج له، فإننا نشيد بالجهود الحثيثة التي ما فتئت الأجهـزة الأمنية في الدول العربية تبذلها في مكافحة الإرهاب ودحره والنجاح الكبير في الحدِ من جرائمه في الأعوام الأخيرة، وما يقوم به الإعلام الأمني من توفير للمعلومات الصحيحة والبيانات الدقيقة حول العمليات الإرهابية، وجهوده في تبصير الرأي العام بمخلفاتها.
وقد لقي موضوع التوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية عناية فائقة من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب، انطلاقًا من قيمه ومبادئه الرئيسة التي تهدف إلى حماية المواطن العربي من مختلف المخاطر المحتملة، فقد أقر المجلس في دورته الحادية والعشرين التي عقدت في عام 2004م، توصيات المؤتمر العربي السادس للمسئولين عن مكافحة الإرهاب المتضمنة دعوة الجهات المعنية بالدول الأعضاء إلى العمل على وضع التشريعات وإنشاء الآليات الإدارية التي تساعد ضحايا العمليات الإرهابية على الحصول على التعويضات المناسبة لقاء الأضرار التي تلحق بهم.
كما أوصى المؤتمر العربي لمسئولي مكافحة الإرهاب الجهات المختصة في الدول الأعضاء بتأمين التدريب الكافي للموظفين المعنيين من رجال الشرطة والقضاء والصحة والخدمة الاجتماعية لتوعيتهم باحتياجات ضحايا الأعمال الإرهابية، بما يكفل تقديم المعونة اللازمة بشكل سريع ومناسب.
وفي الدورة الرابعة والثلاثين اعتمد المجلس الموقر التوصية الصادرة عن المؤتمر الثاني للمسؤولين عن حقوق الإنسـان في وزارات الداخلية العربية، والتي نصت على: دعوة الدول الأعضاء إلى العمل على تعزيز وحماية حقوق ضحايا الإرهاب وجبر الضرر، وذلك تماشيًا مع قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة 60/158 الصادر في 16/2/2015م.
وفي دورته السادسة والثلاثين المنعقدة عام 2019م، اعتمد المجلس القانون العربي الاسترشادي لمساعدة وحماية ضحايا الأعمال الإرهابية، الذي أعدته لجنة مشتركة من خبراء وممثلي وزارات الداخلية والعدل العربية، والذي يمثل إطارًا قانونيًّا تستهدي به الدول الأعضاء في مجال تعويض المتضررين من الأعمال الإرهابية وتقديم الدعم اللازم لهم.
ولا يسعنا هنا إلا أن نحيي الجهود الكبيرة التي تقوم بها الدول العربية لحماية ضحايا الأعمال الإرهابية من خلال إنشاء لجان وإدارات متخصصة لدعمهم ماديًّا ومعنويًّا والتكفل بعِلاجهم وتقديم العديد من الامتيازات لـهم والتي اشتملت على رواتب شهرية ومنح دراسية لأفراد أسرهم وتقديم أعلى أوسمة الدولة لهم، كما نواصل حثنا لمؤسسات المجتمع المدني لزيادة جهودها في تكريس الوعي بمعاناة الضحايا وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي والمادي لهم، حتى يعيشوا بكرامة وفخر مساهمين في نهضة دولهم.
كما نستغل هذه الفرصة للتذكير بالجهود الكبيرة والتضحيات العظيمة التي بذلها أبطالنا شهداء الواجب من رجال الأمن الذين يقدمون أرواحهم الزكية قربانا للوطن والمواطن، فيستحقون التكريم وتلقي كامل الامتيازات لأفراد أسرهم، تقديرًا وعرفانًا لهم على كل ما بذلوه من جهود لحمايتنا وضمان أمن واستقرار منطقتنا العربية العزيزة.
وفي هذا السياق يجري الآن في نطاق الأمانة العامة النظر في إنشاء صندوق تضامن أمني عربي لتغطية نفقات الإحاطة الطبية والاجتماعية والنفسية بالمصابين من رجال الشرطة والأمن العرب وأسرهم، إذ استعرض قادة الشرطة والأمن العرب في مؤتمرهم الثالث والأربعين المنعقد بتونس يوم 11/12/2019م، مشروع نظام داخلي لهذا الصندوق، وأوصوا بإحالته إلى الدول الأعضاء لإبداء ملاحظاتها بشأنه لتتم صياغته بشكل نهائي، وسيمثل هذا الصندوق خطوة هامة في سبيل توفير الرعاية اللازمة لمنسوبي الأجهزة الأمنية.. الشيء الذي يعكس مدى أهمية التدابير الملموسة التـي يتخذها المجلس للإحاطة الكاملة بضحايا الأعمال الإرهابية من رجال الشرطة والأمن والعناية الشاملة بذويهم.
واختتم المؤتمر توصياته بالتأكيد على أن دماء المواطنين ورجال الشرطة التي امتزجت جراء العمليات الإرهابية تشكل أصدق دليل على أن الإرهاب يستهدف المجتمع ككل، وأن السبيل الوحيد لدحره والثأر لضحاياه هو تكاتف الجميع وإقامة شراكة اجتماعية في مواجهته وتخفيف مآسي وآلام ضحاياه.