تحية سلام لشاعر الشعب صلاح جاهين في ذكراه
أنا كنت شئ وأصبحت شئ ثم شئ.. شوف ربنا قادر على كل شئ.. هذه إحدى رباعيات أشهر وأهم شاعر فنان ملأ الدنيا بكلماته عن الربيع والنسيم والحب والوطنية الفنان العبقرى المتعدد المواهب.. الشاعر الكاتب الممثل الصحفى الرسام صلاح جاهين الذى تمر اليوم ذكرى رحيله (رحل 21 أبريل 1986).
كانت فلسفته فى الحياة (بكرة أجمل من النهاردة ) ومثله الأعلى شارلى شابلن وهوايته فى وقت الفراغ الأكل والرسم وآخر تشنيعة قالتها عنه أم كلثوم (صلاح بيخس على برة ).
وكما كتبت مجلة الجيل عام1956 تحت عنوان (شاعر الشعب ابن المستشار ) تقول اسمه بالكامل محمد صلاح الدين حلمى وهو نجل بهجت أحمد حلمى المستشار بمحكمة الاستئناف ، واختار اسم صلاح جاهين لأنه اسم جد من أجداده ، وولد عام 1930 ووزنه 109 كيلو جرامات.
وألحقه والده بكلية الحقوق لكن الابن الفنان شعر بعبء ثقيل من الدراسات القانونية الجافة التى تتعارض مع روحه الرقيقة فلم يستطع رأسه أن تستوعب النصوص الجامدة فترك الحقوق ليواصل دراسته فى الفنون الجميلة وكان ملتحقا فى القسم الحر فيها .
وغضب والده من اختياره وإرضاءً لوالده المستشار عاد مرة أخرى إلى كلية الحقوق ، وفى السنة الثالثة أحس بأن كلية الحقوق حالة لا تطاق فتركها وعاد إلى الفنون الجميلة وليكن ما يكون .
شعر صلاح جاهين بالانطلاقة الفنية الحقيقية الكاملة ومعه الاستقلال الاقتصادى عن الأسرة فعمل على كسب رزقه والكفاح بعرق الجبين من العمل فى الصحف ، بدأ حياته الصحفية بالرسم والتوضيب لمجلة صغيرة هى بنت النيل التى كانت ترأسها المناضلةالصحفية درية شفيق ، انتقل بعد ذلك للعمل فى مجلة الرياض بالمملكة العربية السعودية ثم عاد إلى القاهرة.
وكان يرسل رسوماته ونكاته الكاريكاتيرية عن طريق الرسام عبد السميع وكان عبد السميع يشجعه بنشرها فى روز اليوسف فكانت البداية الحقيقية لنبوغ جاهين الفنى فى روز اليوسف .
يقول الكاتب أحمد بهاء الدين إن بداية صلاح جاهين الفنية أنه كان يحس بمواهب دفينة ضخمة فى صلاح جاهين فاختاره للعمل معه فى مجلة صباح الخير التى كانت وليدة فى بداياتها ، وفى المجلة تفتحت مواهبه فى وضوح ثم طلع على الدنيا عام 1955 بديوانه الشعبى (كلمة سلام ) الذى يقول عنه الناقد الأدبى فتحى غانم: إنك تحس وأنت تقرأ هذا الديوان أن صلاح جاهين الذى كان عمره ربع قرن ـــ وقتئذ ـــ أن عمره الحقيقى كمصرى هو آلاف السنين ، إنه يسجل أحداث مصر فى الفترة ماقبل ثورة 23 يوليو وهى تسجيل فنى للاستعمار فى مصر ومعركة القنال ومأساة فلسطين واللاجئين المشردين فى الصحارى والإقطاع وأصحابه من الأمراء الأتراك وأنصاف الآلهة الذين يسكنون القصور الشاهقة.. ثم صور أخرى للفلاحين فى الحقول والصيادين فى البحر والعمال فى المصانع.. اسمه صلاح جاهين.. تذكروا هذا الاسم وراقبوه .
تقول مجلة "الجيل" لم تخب تنبؤات فتحى غانم فقد بدأ نجم صلاح جاهين واسم صلاح جاهين يأخذ مكانه بين الشعب عندما استمع إلى أشعاره الشعبية تغنيها المطربة "أحلام" فى أغنية (ياحمام ) أجمل أغنية كتبت بعد جلاء الإنجليز . وجاءت بعدها أغنية (إحنا الشعب اخترناك من أجل الشعب ) ، ثم أغنية (عدى القنال ).
صلاح جاهين يكتب: الدنيا ربيع والجو بديع
ثم جاءت الأحداث الأخيرة والعدوان الثلاثى وانفجر جاهين فى سرعة خاطفة ليستجيب مع الأحداث وينظم أناشيد شعبية متفردة فى المعنى والأسلوب وفى الكلمة واللفظ وغنت أناشيده أم كلثوم .
وقال عنه كمال الطويل: إن تصوير معانى صلاح بالموسيقى يحتاج إلى عمق وفهم مخلص لها لأن أبرز ما فيها الصدق والعبقرية .