دينامو الحجر الصحي بقها يرفض مغادرة المستشفى قبل انتهاء الأزمة.. لم يرَ أبناءه منذ شهر.. ووصية والدته: "لا تعد إلا برأس كورونا"
تضم جدران مستشغيات العزل الصحي بين جنباتها العديد من القصص والمواقف البطولية لجنود مجهولين قدموا تضحيات عرفنا بعضها والغالبية تحفظها الحوائط.. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لتظل المحن منحًا لأصحاب النفوس الذهبية.
أحد الجنود المجهولين بمستشفى الحجر الصحي بقها أو كما يلقبه الطاقم الطبي “دينامو المستشفى”.. رفض أن يغادر الحجر مع الفريق الطبي الأول.. واستمر مع الفريق الطبي الثاني ومستمر مع الثالث بدون العودة لأسرته..
رضا عرفات رئيس قسم الصيانة والأجهزة الطبية بالمستشفى.
هو ليس مختصًا بصيانة الأجهزة فقط وإنما مسئول عن أشياء أخرى.. فهو يعمل نجارا وسباكا وكهربائيا.. وكل ما يحتاجه المستشفى نظرًا لأنه لا يوجد سوى ٣ فقط ضمن أفراد الطاقم من غير الأطباء والممرضين.. منهم محمد إسماعيل أمين المخزن وعامل.. إضافة إلى عرفات.. وبقية أعضاء الفريق أطباء وممرضون.
مستشار الرئيس للصحة: بروتوكول علاج كورونا في مصر الأفضل.. وبدأنا تجارب أفيجان
“أمي أوصتني ألا أرجع إلا برأس كورونا".. في إشارة طريفة منه لوصية والدته التي تهاتفه يوميا للاطمئنان عليه وعلى أولاده الذين لم يرهم منذ أكثر من شهر عند اختياره ضمن الفريق الطبي الأول الخاص بالحجر الصحي.. وليكمل مع الفريق الثاني متطوعا وأيضا تطوع مع الفريق الثالث ولحين التخلص نهائيا من الفيروس والقضاء عليه.
أوضح عرفات أنه عمل بمستشفى قها منذ عام 2006 قبل إعادة تطوير وبناء المستشفى الجديد حاليا.. وهو من أبناء مدينة قها فشعر أن المستشفى بيته الثاني.. وكان لا يحب أن يرى شيئا مكسورا أو مهملا دون أن يقوم بإصلاحه.. كما يفعل في منزله بالضبط.
واستطرد أنه عندما اختارت وزارة الصحة المستشفى كمكان للحجر الصحي شعر بأن عليه مسئولية أكبر.. خاصة أن العمال خارج الأطباء والتمريض ليسوا كثيرين.. لذلك فهو يقوم بإصلاح أعطال السباكة والكهرباء وحل مشكلات الأجهزة الطبيبة.. ويشرف على البوابات أحيانا.. فكل شيء تقتضيه الحاجة يفعله دون تردد.
وأضاف عرفات أنه عند اختياره ضمن الفريق الطبي الأول للحجر الصحي.. والذي انتهى عمله رفض أن يغادر معه واستمر داخل المستشفى لأنه مقتنع برسالته.. مستودعا ما يفعله في خدمة المرضى عند الله.
“أنا كأي أب أشعر بالشوق الشديد لأولادي الذين لم أرهم منذ شهر.. وأنا متطوع في الفريق الطبي الثالث الذي سيبدأ عمله الأسبوع المقبل.. ولا أعرف متى سأراهم وأحدثهم عبر تقنية الفيديو.. ووالدتي أيضا سيدة كبيرة وتدعو لي ولمصر بالخير وتوصيني بالمرضى.. وتؤكد لي أنها راضية عني وأنا هنا أخدم المرضى.. وتطلب مني عدم العودة إلا عندما نقضي على المرض تماما ويرفع الله البلاء.
وأكد أنه متفائل خيرا بشهر رمضان المبارك.. وأن يرفع الله فيه الوباء.. مشيرا إلى أن أهم ما يميز الطاقم الطبي بمستشفى قها أنه يد واحدة ويحرصون على الحالة النفسية للمرضى.. وهو ما ساهم في زيادة نسب الشفاء من الفيروس.
وأوضح عرفات أنه ومعه زملاؤه يفكرون في إسعاد المرضى.. ولذلك قدموا مثلا مبادرة فوانيس الأطفال التي شارك بها لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال داخل الحجر.. مشيرين إلى أنهم أكثر الفئات التي تمس قلوب الطاقم الطبي لأن أعمارهم صغيرة وأمر الحجر لم يستوعبه البعض فيروحون عنهم دائما.
مستشفى العزل بقها توجه رسالة لأطقم العمل: لكل زمن أبطاله وهذا زمانكم
ووجه عرفات رسالة للمواطنيين أن يبقوا في منازلهم ويبتعدوا عن التجمعات لأن الأمر خطير.. ويجب أن ينتبهوا له ولا يأخذوه بالاستهتار فإذا التزم الجميع واتبعوا إجراءات الحكومة سيتم القضاء على الفيروس.