رئيس التحرير
عصام كامل

من المرسي أبو العباس إلى البوصيري.. مساجد الإسكندرية تتزين بأسماء أقطاب الصوفية.. و"الأنور" تحفة معمارية أنشأها إبراهيم باشا

المرسي أبي العباس
المرسي أبي العباس - صورة أرشيفية

تضم مدينة الإسكندرية العديد من المساجد الشهيرة التي تعد من المزارات السياحية المهمة بالمدينة وتمتاز غالبية تلك المساجد بأنها تحمل أسماء عدد كبير من شيوخ الصوفية خاصة من دول المغرب العربي.

 

السبب 

والسبب في ذلك حسبما أوضحه المؤرخون أنها كانت مركزًا هامًا لاستقبال عدد من أئمة الصوفية قديمًا فنشأوا فيها وبرزت مكانتهم بين الناس حتى أطلق على غالبية مساجدها أسماء هؤلاء المشايخ.

ومن جانبه أوضح الدكتور الحسيني حماد عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بفرع جامعة الأزهر بأسيوط أن الإسكندرية تزخر بعدد من المساجد المهمة ومنها مسجد أبي العباس المرسي نسبة إلى العارف بالله أبي العباس المرسي "ت 686 هـ".

ويقع بمنطقة "الأنفوشي" ويطلق عليه العامة "المرسي أبو العباس" وكان في الأصل مسجدًا صغيًرا ثم جدده جماعة من المغاربة كانوا في طريقهم إلى الحج ثم أكمل نظار أوقاف تجديده وكان يُصرف عليه من ديوان الأوقاف بالإسكندرية.

المرسي أبي العباس 

ويمتاز بمنارته الشاهقة الارتفاع وقبابه الأربعة وقد ظل قبر أبي العباس المرسي قائما عند الميناء الشرقي بالإسكندرية بلا بناء حتى عام 706 هـ فزاره الشيخ زين الدين القطان كبير تجار الإسكندرية وأنشأ الضريح والقبة والمسجد وجعل له منارة مربعة الشكل.

وظل المسجد كذلك حتى أمر الملك فؤاد الأول بإنشاء ميدان فسيح يطلق عليه ميدان المساجد على أن يضم مسجدًا كبيرا لأبي العباس وكان أبو العباس المرسي عاشقًا للقرآن والتفقه في أمور الدين وكان محبًا لعمل الخير واشتهر بالصدق والأمانة وكان رمزًا للتاجر الماهر الأمين وقدوة للشباب في التدين والنجاح في التجارة.

كرامات أبي العباس

وفى عام 640 اعتزم والده الحج بصحبة أخيه وأمه وركبوا البحر وبالقرب من تونس هبت عاصفة واغرقت المركب ومن فيها ماعدا أبو العباس نجا من الغرق فاستقر في تونس ومن بعدها انتقل إلى مصر بعد أن تعرف على الشيخ أبو الحسن الشاذلى.

وهناك أيضا مسجد القائد إبراهيم الذي يقع في منطقة "محطة الرمل" ويطلق عليه – أيضًا- الجامع الأنور وقد بناه إبراهيم باشا سنة 1240هـ وقام بتصميمه مهندس روسى شغل منصب كبير مهندسي الأوقاف.

ويتميز بالزخارف التي من عصور مختلفة وبمآذنه المرتفعة وكان مركزًا لحركة علمية مزدهرة إذ كانت دروس العلم لا تنقطع منه فكان في الإسكندرية كالأزهر في مصر.

 

سيدي بشر

مسجد سيدى بشر هو الآخر واحد من أهم مساجد الإسكندرية وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ بشر بن الحسين الجوهري "ت 528ه" وهو من سلالة آل بشر الذين وفدوا إلى الإسكندرية في أواخر القرن الخامس الهجري أو أوائل القرن السادس الهجري مع من جاء من علماء المغرب والأندلس في تلك الفترة واشتهر بين الناس بصلاحه وتقواه.

مسجد الشوربجي

يقع هذا المسجد بشارع الميدان بالإسكندرية بناه الحاج عبد الباقي بن على الذي كان يعمل شوربجيًا (يوزباشي) في قلعة الركن بثغر الإسكندرية وقد استُغِّل الطابق الأرضي من المسجد في بناء مجموعة من الحوانيت يستغل ريعها في الإنفاق على المسجد المذكور.

وبني المسجد على يد مواطن مغربى يدعى الشيخ عبدالباقى الشوربجى جاء من المغرب إلى الإسكندرية لحبه لمدينة الإسكندرية وذلك عام 1171 هجرية و1758 ميلادية.

محمد كريم

أما مسجد محمد كريم فهو أحد أقدم وأشهر مساجد الإسكندرية في مصر قام بتصميمه المهندس الإيطالي ماريو روسي قرب قصر رأس التين ليصبح ثالث المساجد التي صممها في الإسكندرية بعد مسجدي القائد إبراهيم والمرسي أبي العباس.

يتميز المسجد بقبته المنشأة على هيئة زهرة تحيط بدائرة أشبه بقرص الشمس وكذلك مئذنته المرتفعة التي صمم رأسها على شكل مظلة خشبية «جوسق» وفوقها وضع قبة صغيرة على شكل عمامة.

البوصيري

وهناك كذلك مسجد البوصيري محمد بن سعيد بن حماد ابن هاجى البوصيري الذي اشتهر بمدح النبى وأشهر أعماله "الكواكب الدرية في مدح خير البرية" ويأتى إلى ضريحه داخل ميدان المسجد بالإسكندرية العديد من المواطنين لقراءة الفاتحة والاقتداء به في حبه للنبى.

ويقع هذا المسجد في مواجهة مسجد أبي العباس المرسي وكان في الأصل زاوية صغيرة ثم توالت عليه أيادي الإصلاح والترميم وكان ممن جدده محمد سعيد باشا فأعاد بناءه ورتب له ما تقام به شعائره وأوقف عليه أوقافًا عديدة منها أراض واسعة عليها بناء بجوار سراي رأس التين ورتب فيه دروسًا دائمة.

ياقوت العرشي

ومن أشهر مساجد الإسكندرية أيضا مسجد ياقوت العرشي نسبة إلى العارف بالله ياقوت العرشي المتوفى عام "707 ه" كان متهدمًا مهجورًا فأعاد بناءه أحمد بك الدخاخني شيخ طائفة البنائين بالإسكندرية عام 1280م وأقام شعائره ووقف عليه أوقافًا وهناك أيضا مسجد ابن هرمز الذي يقع في شارع رأس التين.

وكانت أرضه في الأصل مقبرة تضم ضريح الشيخ عبد الرحمن بن هرمز المحدث المشهور والتابعي الجليل ( ت 117هـ / 735م ) وبناه رجلٌ من أثرياء المدينة يسمى درويش أبو سن وجعل في داخله ضريح الشيخ المذكور.

العمري

ورغم حداثة بناء مسجد مسجد العمرى في السبعينيات إلا أن بعض المؤرخين يرجحون وجود مكان مسجد قديم على اسم الخليفة عمرو بن العاص بني خلال الفتح الإسلامي للإسكندرية الذي استمر لثلاثة أشهر حيث استقر معسكر عمرو بن العاص خارج أسوار المدينة بالقرب من عمود السواري ومثل أي مجتمع إسلامي احتاج المسلمون مسجدا فأقيم المسجد القديم الذي لم يتبق منه شيئًا الآن.

وينسب مسجد النبي دانيال للعارف بالله الشيخ محمد دانيال الموصلي أحد شيوخ المذهب الشافعي وكان قد قدم إلى مدينة الإسكندرية في نهاية القرن الثامن الهجري واتخذ منها مكانا لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية وظل بالمدينة حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس ولا صحة نسبته للنبي دانيال الذي أجمعت المصادر العربية وكتب المعاجم على وجود قبره بمدينة "سوس" بإيران ولكن تشابه الاسمين جعل العامة في العصور اللاحقة يعتقدون نسبته للنبي دانيال.

وقد بني المسجد عام 1790م وجدده والي مصر محمد على باشا عام 1238 ه وقام بتجديد المسجد محمد على باشا عام 1822 وتوسعته والتي اختلف عليها المؤرخون بأن الطراز الذي تم التجديد به المسجد ليس على الطراز المعروف لدى عصر محمد على باشا وصدرت مجلات عديدة وتم الاختلاف عليها في هذا الشأن وبه مدفن خاص بالعائلة الخديوية وقد دفن به محمد سعيد باشا وابنه الأمير طوسون وغيرهما.

وهو مزار للعديد من السائحين خاصة الآسيويين الذين يحرصون على زيارة الضريح الموجود أسفل المسجد الذي يعتقدون أنه للنبي دانيال كما توجد بالإسكندرية العديد من المساجد الشهيرة الأخرى مثل مسجد القبارى ومسجد سيدي جابر ومسجد العطارين ومسجد سيدي تمراز ومسجد تربانة ومسجد الإمام الشاطبي.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية