الأديب نجيب محفوظ: التصوف رفض للحياة
فى حوار أجرته مجلة الإذاعة مع الأديب الراحل نجيب محفوظ عام 1962 حول عاداته الأدبية وآرائه فى الحياة قال فيه: أنا أقرأ كثيرا وفجأة تخطر ببالى فكرة ما لا أدرى كيف تشكلت ولا كيف جاءت هل كانت مخزونة فى اللاوعى ثم ظهرت فى ذهنى الواعى.. أم أنها نمت من خلال القراءة ..لا أدرى ولكنى أتمسك بهذه الفكرة وأبدأ فى تطويرها ثم أضعها على الورق وكم تستغرق مدة تبلورها.. لا أدرى.
وأضاف أعمل صباحا لا سيما وأنا محال إلى المعاش ولا أحضر إلى مكتبى بجريدة الأهرام إلا يوم الخميس فقط أستيقظ فى الخامسة صباحا ثم ارتدى ثيابى وأخرج لأتمشى على النيل حتى السادسة والنصف أعود بعدها إلى البيت فأتصفح الجرائد ثم أبدأ عملى فى الكتابة.
الكتابة تأتى من حيث لا تتوقع فالفكرة تأتى من الفراغ وكل عمل أو تجربة تصور ، ولكل سن تصور معين ، إن مانسميه الواقع الواحد هو واقع متعدد ، أو العديد من الواقع وليس واقعا واحدا . إننا نحاول الوصول إليه بالخيال ، فلا واقع فى الأدب أو الفن إلا بالخيال.
إلا أن الكتابة التاريخية فى الأدب نوع من الإفلاس ، والتاريخ "بنك" أتجه إليه بحثا عن موضوع حين أفلس أنا من موضوعات الواقع. وأنا مشغول منذ زمن بعيد بما عشته فى الواقع وبما أعيشه فالأدب ينبع من الداخل أساسا.. من الذاكرة وأنا موجود بقوة فى رواياتى "حديث الصباح والمساء" و "صباح الورد" و"قشتمر" ، وأنا الذى أتكلم وأروى فى رواية قشتمر خاصة.
وأعتبر التصوف واحة جميلة أستريح فيها من الحر.. من حر الحياة ، لكن لا أؤمن به أبدا ، والمتصوفون عندى حكماء لكنهم ينسحبون من الحياة نادمين عليها ، فالتصوف الحقيقى رفض للحياة وأنا لا يمكن أن أرفض الحياة.. أنا لا أدعو إلى رفض الحياة ولا إلى الانسحاب منها .بل على العكس أعشق الحياة وأفضل معايشتها .فأنا أدعو إلى الانغماس فى الحياة بل وبقوة ، فمن العجيب جدا أن نمنح الحياة وأن نوجد فيها فتكون فلسفتنا هى رفضها ، ولكن لأن التصوف رقيق ولأنه يرفض فقط لأسباب روحية جميلة فإنى أستريح إلى قراءته .أقرأ التصوف كالشعر الجميل ،
صلاح فضل: نجيب محفوظ حذر المصريين من الإخوان
وأضاف الأديب الكبير: من بين رواياتى أنا أعتز بالثلاثية ـــ بين القصرين، قصر الشوق ، السكرية ــــ جدا وتمثل مرحلة أدبية خاصة فى حياتى ، ولكنى لا أضع رواية "أولاد حارتنا "فى المكانة نفسها أما "الحرافيش” فهى فى مستوى الثلاثية وأكثر و"ليالى ألف ليلة وليلة " أيضا .