رئيس التحرير
عصام كامل

من أفلاطون إلى هيباتيا وأرسطو: هنا.. موطن الفلاسفة الأوائل.. عروس البحر تُلهم أصحاب الفكر.. ومنها خرج قادة العالم

مدينة الإسكندرية
مدينة الإسكندرية _ صورة أرشيفية

تعتبر مدينة الإسكندرية من المدن العريقة في مصر، حيث كانت ملجأ للمفكرين والفلاسفة والعلماء على مر التاريخ، كما احتضنت "الإسكندرية" جميع الأديان بمختلف أنواعها على مر العصور.

 

تعدد الثقافات

وقد اشتهرت "الإسكندرية" بأنها مدينة متعددة الثقافات بعد ظهور الكثير من الفلاسفة والعلماء بها منذ نشأتها الأولى، لتصبح مدرسة لتعليم الثقافة والعلوم والفلسفة للجميع، وقد اشتهرت  بالعديد من الفلاسفة.

أفلاطون

والبداية كانت مع أفلاطون وهو فيلسوف يوناني كلاسيكي، رياضياتي، كاتب عدد من الحوارات الفلسفية، ويعتبر مؤسس أكاديمية أثينا التي هي أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي.

وقد وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية والعلوم، كان تلميذًا لسقراط، وتأثر بأفكاره كما تأثر بإعدامه الظالم، وقد ظهر نبوغ أفلاطون وأسلوبه ككاتب واضح في محاوراته السقراطية (نحو ثلاثين محاورة) تتناول مواضيع فلسفية مختلفة: نظرية المعرفة، المنطق، اللغة، الرياضيات،حيث أبدع بها واعتمدها بكل فلسفته حيث على جدار منزله عبارة لا يدخل على من ليس مهندسًا.

الميتافيزيقا، الأخلاق والسياسة وعندما كان أفلاطون في أوائل العشرينات اتجه إلى مصر ليكون شاهدا على عظمة آثارها، وليجتمع بكهنة عين شمس فأعجب بعلومهم وخاصة الفلك وأُقيم حينها بمدينة الإسكندرية، وأسست المدرسة الأفلاطونية، فقد أسس أفلاطون الفلسفة المثالية.

وعرف الفلسفة بأنها السعي الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة التي تستخدم العقل وسيلة لها وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها.

هيباتيا 

أما هيباتيا السكندرية فهي فيلسوفة تخصصت في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، وهي تعد أول امرأة في التاريخ يلمع اسمها كعالمة رياضيات، كما لمعت في تدريس الفلسفة وعلم الفلك.

ولدت عام 370م بالإسكندرية، وكانت تتبع المدرسة الأفلاطونية المحدثة الفلسفية القديمة، لذا كانت تتبع النهج الرياضي لأكاديمية أفلاطون في أثينا، التي مثّلها إيودوكيوس الكنيدوسي، وقد تأثرت هيباتيا بفكر أفلوطين الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، الذي كان يفضّل الدراسة المنطقية والرياضياتية بدلًا من المعرفة التجريبية.

ويرى أن للقانون أفضلية على الطبيعة. حياة العقل لأتباع أفلوطين كان الهدف منها الاتحاد مع الصوفية الإلهية، وكانت بارعة في تحصيل كل العلوم المعاصرة، مما جعلها تتفوق على كل الفلاسفة المعاصرين لها، حيث كانت تقدم تفسيراتها وشروحاتها الفلسفية، خاصة فلسفة أفلاطون لمريديها الذين قدموا من كل المناطق.

كما كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد مسلكها المتواضع المهيب الذي كان يميزها عن سواها، والذي أكسبها احترامهم وتقدير الجميع لها.

الشيخ اليوناني

أما أفْلُوطين أو " الشيخ اليوناني"، فهو فيلسوف يوناني، يُعتبر أبرز ممثلي الأفلاطونية المُحدثة، ولد عام 205 م بمصر، وبدأ دراسته الفلسفية في الـ27 من عمره عام 232 ميلادية، ثم سافر إلى الإسكندرية للدراسة وهناك لم يرض بأي مدرس التقى بها إلى أن اقتُرح عليه أن يستمع إلى أفكار آمّونيوس ساكّاس وبعد الاستماع لمحاضرة واحدة أعلن أفلوطين عن آمّونيوس أن :"هذا من كنت أبحث عنه".

وبدأ بدراسة مكثفة تحت إرشاد هذا المعلم الجديد. كما تأثر أفلوطين أيضًا بأعمال ألكزندر الأفروديسي، فـكتابات أفلوطين في الميتافيزقيا كان لها تأثير كبير على العديد من الفلسفات والأديان : الوثنية، اليهودية، المسيحية، الإسلام، الصوفية.

وكان أفلوطين شديد النفور وعدم الثقة في الأمور المادية (ورث هذه النزعة من الأفلاطونية)، هكذا آمن بأن كل عنصر دنيوي هو صورة فقيرة أو زائفة لمثيله الحقيقي الأعظم والأسمى، هذه الفكرة تمتد إلى جسده الشخصي، حيث كان يرفض دائمًا رسم صورة شخصية له.

كما لم يناقش أبدًا أصوله العائلية أو طفولته أو محل ميلاده، لكن حياته عمومًا كانت مثالًا للروحانية والفضيلة، وقد قضى أفلوطين 11 عامًا في الإسكندرية، ولكن عند بلوغه الثامنة والثلاثين قرر أن يبدأ في دراسة تعاليم الفلاسفة الفرس والهنود لأجل هذا ترك الإسكندرية والتحق بجيش غورديان الثالث.

ارسطو 

أما الفيلسوف اليوناني أرسطو، تلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر، والذي يعتبر واحدا من عظماء المفكرين، فتغطي كتاباته مجالات عدة، منها الفيزياء و‌الميتافيزيقيا و‌الشعر و‌المسرح و‌الموسيقى و‌المنطق و‌البلاغة و‌اللغويات و‌السياسة و‌الحكومة و‌الأخلاقيات و‌علم الأحياء و‌علم الحيوان. وهو واحد من أهم مؤسسي الفلسفة الغربية.

وقد جاء أرسطو مع الإسكندر الأكبر الذي غزا الإسكندرية إلى مدينة الإسكندرية بمصر، وتشير بعض الكتب إلى أن أرسطو تعلم في مصر، ومن ثم عاد إلى أيونية بآسيا الوسطى التي كانت مقرا للطقوس الدينية السرية المصرية وتعاليمها.

ويعتبر أرسطو هو ثاني فلاسفة الغرب قدرا بعد أفلاطون ومؤسس علم المنطق، وصاحب الفضل الأول في دراستنا اليوم للعلوم الطبيعية، والفيزياء الحديثة، أفكاره حول الميتافيزيقيا ما زالت هي محور النقاش الأول بين النقاشات الفلسفية في مختلف العصور، وهو مبتدع علم الاخلاق الذي مازال من المواضيع التي لم يكف البشر عن مناقشتها مهما تقدمت العصور، ويمتد تأثير أرسطو لأكثر من النظريات الفلسفية، فهو مؤسس البيولوجيا (علم الأحياء) بشهادة داروين نفسه، وهو المرجع الأكبر في هذا المجال.

وأضاف أمونيوس بن هرمياس، للعلم والفلسفة في شروحه التي كتبها على مؤلفات أرسطو، والتي كان لها تـأثير كبير في تشكيل المنهج العلمي السكندري طوال القرن السادس وبداية القرن السابع الميلادي، فكان لفلسفة أمونيوس تأثير مهم في الفلسفة والتراث الإسلامي، فعرفه العرب وذكروه في تراجمهم، وترجموا بعض مؤلفاته، وكان لأفكاره تأثير في آراء الفلاسفة والمفكرين المسلمين.

وهو فيلسوف استوعب السابق الأرسطي والأفلاطوني الذي ضم بين جنباته كل التراث اليوناني السابق عليه، وعمد إلى نقله وتوضيحه وتفهيمه لتلاميذه في صورة الشرح، وفلسفة "أمونيوس بن هرمياس" مؤسس مدرسة الإسكندرية الفلسفية المتأخرة، وانتقال المدرسة وتأثيرها في الفلسفة الإسلامية عام.

نقلًا عن العدد الورقي..،

الجريدة الرسمية