رئيس التحرير
عصام كامل

بـ«الثوم والبقدونس» و90 نوعًا من النباتات أسلحة الفراعنة لمواجهة الأوبئة والفيروسات.. وبردية "اللاهون" أهم مصادر العلاج

أيمن وزيري رئيس قسم
أيمن وزيري رئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار

دائمًا ما يقترن ذكر مصر القديمة بالإنجازات الكبيرة في مجالات العمارة والفنون ولكن تغيب عن الأذهان ماهية الإنجازات الأخرى والتي لا تقل أهمية مثلما هو الحال في مجالات العلوم وأهمها الطب والصيدلة والفلك والرياضيات والهندسة وغيرها.

 

الطب المصري

وقد نال الطب المصري القديم شهرة كبيرة لدى الدول المجاورة مثل «سوريا وبلاد النهرين وفارس وخيتا وفينيقيا»، وهي الدول التي لجأت لمصر لكي تمدها بالمتخصصين في بعض الأمراض لعلاج حالات لديها.

الوثائق المصرية

وفي هذا السياق قال الدكتور أيمن وزيري رئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة الفيوم، نائب رئيس اتحاد الأثريين المصريين: من خلال الوثائق الطبية التي تركها لنا المصري القديم يمكن أن نتبين أنه أبدى اهتمامًا شديدًا بمعرفة أسباب المرض وتشخيصه وعلاجه.

ومنذ بداية ظهور الإنسان على سطح الأرض بدت حاجته واضحة للتعامل مع الأمراض التي تصيبه والتي تتطلب علاجًا يشفى منها. ولقد اهتم بعض ملوك مصر القديمة بعلوم الطب والصيدلة فورد أن الملك «ﭼر» والملك «دن» كانا على اهتمامٍ خاصٍ بعلوم الطب كما ورد أن الملك «عحا» من الأسرة الأولى كان يُلِّم بعلم الصيدلة وكان يمارسه في بعض معابد مصر السفلى مثل معبد باستت (في الزقازيق) حيث كان هناك كاهن يحمل لقب «رئيس الأطباء».

المعبودة سخمت

وورد في برديتي «إدوين سميث» و«إيبرس» أن كاهن المعبودة «سخمت» في «تل بسطة» كان متمرسًا في علوم الطب والصيدلة كما ورد في نفس البرديتين أن « الأصل في الطب هو القلب وعندما تفحص (موجهًا القول للطبيب) أي عضو من أعضاء الجسد فإنك يجب أن تعلم كثيرًا عن القلب».

وتابع: ومن «سايس» (صا الحجر) يقول كبير الأطباء «وجا حر سنب» «أمرني جلالة الملك أن أُعنى بمدرسة الطب بكل فروعها وأننا يجب أن نختار أحسن الطلاب لدراسة هذا العلم وأن نمدهم بكافة احتياجاتهم» ، وفي «هليوبوليس» كما ورد في بردية هرست فإن طبيبًا من «بيت الحياة» كان متخصصًا في علاج الأمراض الناتجة عن السحر والسحرة.

ولقد دلت كلمة Swnw في اللغة المصرية القديمة عن معنى «طبيب» ، وطبقًا لنصوص مصرية قديمة فإن من يحمل هذا اللقب ويشغل هذه الوظيفة كان يجب أن يكون مؤهلًا وموهوبًا إلى حد كبير ، وكان بوسع الطبيب أن يحمل ألقابًا أخرى تمثل أعمالًا أخرى يمارسها إلى جانب الطب مثل «الكهانة».

بردية اللاهون

 ومن أهم المصادر الطبية في مصر القديمة كانت «بردية اللاهون» ، «بردية هرست» ، «بردية إيبرس» ، «بردية برلين» ، «بردية إدوين سميث» ، «بردية لندن» ، «بردية ليدن» ، «بردية كارلسبرج» و«بردية شستر بيتي» ، وجميعها برديات تتضمن معلومات عن العدوى والفيروسات والأمراض المختلفة والوصفات والعلاجات الطبية وإلى جانب ذلك فقد عثر على أطلال بعض المصحَّات.

كما أشير إلى دور البعض الآخر في النصوص المصرية التي وردت على بعض معابد العصور المتأخرة وأخيرًا هناك عشرات الأدوات الطبية التي عثر عليها والتي يحتفظ بها في المتاحف المختلفة بالإضافة إلى ما سجل منها على جدران الآثار المصرية.

خطوات العلاج

وأوضح «وزيري» أنه كانت هناك خطوات للتعامل مع المرض حيث كان يُحدَّد الطبيب المصري القديم لنفسه مجموعة من الخطوات ليصل بها إلى إمكانية التشخيص واقتراح العلاج والتي تكمن في تحديد الحالة الفحص الإكلينيكي بالشم واللمس والضغط بالأيدي والحوار مع المريض والتشخيص وتحديد العلاج أو إجراء جراحة إن كانت هناك ضرورة.

وأخيرًا متابعة الحالة بشكل دوري مبينًا أن البرديات الطبية تضمنت العديد من الأمراض التي أمكن للأطباء تشخيصها والتعامل معها والتي يمكن حصرها فيما يلي: أمراض الرأس ، أمراض الأنف والأذن والحنجرة ، أمراض الأسنان ، أمراض العيون ، الأمراض الباطنية ، أمراض الشرج ، أمراض الأورام ، أمراض النساء ، أمراض القلب ، الأمراض العصبية ، الأمراض الجلدية ، أمراض المسالك البولية ، أمراض الصدر ، أمراض العظام ، أمراض سوء التغذية ، أمراض الأطفال.

العدوى

وفيما يتعلق بمحاربة الفيروسات والعدوى أشار «وزيري» إلى أن المصري القديم استخدم بعض النباتات والأعشاب التي كان من أهمها البصل والثوم والجميز والخيار والبلح وزيت الخروع والدوم والشعير والصمغ الأبيض والبقدونس والزعفران والفجل والقرفة والكمون والمر والنعناع وقد بلغ عدد النباتات والأعشاب المُستخدمة في إعداد العقاقير تسعين نوعًا.

وقد أثبت العلم الحديث مدى فعاليتها في مواجهة الأمراض والفيروسات والعدوى وأنهى حديثه بقوله: التقدم الذي وصل إليه الطب في مصر القديمة ما كان يمكن أن يحدث دون الكثير من العوامل المساعدة وعلى رأسها اهتمام الدولة بصحة مواطنيها ونظافة البيئة التي يعيش فيها الإنسان المصري الأمر الذي حدثتنا عنه بعض النصوص المصرية القديمة وذلك ما ساعد على أن يكون المجتمع صحيحًا معافى.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية