المفتي الأسبق يكشف النتائج المترتبة على الحياء
قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق الدكتور، إن سيدنا النبي ﷺ قال: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"، فكأن هذه العبارة قد جاءت مع كل نبي، وليس فقط مع دين الإسلام، فليس الإسلام وحده هو الذي يدعو إلى الحياء، بل إن الحياء مطلوب منذ آدم وإلى خاتم النبيين محمد ﷺ .
وأوضح، أن الحياء يساوي كنتيجة لهذا الخلق الفطري الذي فطر الله الناس عليه الانتظام والانضباط السير في جماعة يعرف أحدنا واجبه وحقه فيؤدي هذا ويطلب هذا ويكون ذلك برفق ورحمة وتعاون، ويعمل الناس، كما خلقهم الله سبحانه وتعالى، في مجتمع واحد.
وزير الأوقاف يعاقب قيادات مديرية الشرقية للإهمال الوظيفي وأشار إلى أنه في حالة عدم وجود حياء، إذا لم نستحِ فلن يكون هناك انضباط ولا ضابط ولا رابط، وهذا هو الفرق الكبير بين الحرية والانفلات، فالحرية حالة مطلوبة، ويجوز أن نسكن بها الحياء فيكون هناك حرية مع الحياء، يكون هناك حرية مع العقيدة، وفي الانتقال والعمل والرأي.
واستطرد، ليس معنى الحرية، أن أعتدي على غيري، وليس معنى الحرية أن أنفلت أو أن أخرج عما يسمى، عند جميع العقلاء وعند جميع النظم وإلى يومنا هذا، النظام العام والآداب، وتعد مخالفته جريمة، لأنه قد خرج عن حد الحياء، وعن حد الانضباط، ولأنه قد خرج عن مفهوم الحرية التي هي الوجه الثاني والآخر للمسئولية. والحياء هو الذي يجعلنا نصف الحرية بالحرية المقبولة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وأتاحها حتى في العقيدة، {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، ثم جعل العقاب يوم القيامة وليس في هذه الدنيا، {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} فالمسألة بيد الله سبحانه وتعالى في يوم آخر، يحذرنا منه وينبهنا إلى أنه سوف يكون هناك حساب حتى تستقيم سلوكياتنا في هذه الحياة الدنيا، فالنبي ﷺ جاءه رجل يلوم أخاه في الحياء، وقال إنه يستحي، فقال ﷺ: "لا تلمه فإن الحياء خير كله"، ولذلك من العبارات الشائعة الخاطئة التي ننهي عنها (لا حياء في الدين)، عندما يريد أحد أن يسأل سؤالًا في موضوع حساس أو أي شيء آخر، ويريد أن يجعل أخاه يسأل مثلا، فيقول له: يا أخي، لا حياء في الدين أو في العلم، وهذا خطأ، الصحيح أن نقول: لا حرج في الدين، بل الدين كله حياء، والحياء خلق أصيل فيه، والحياء خير كله، والنبي ﷺ يشبه لنا الإيمان على أنه شجرة مورقة, فيقول: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله"، وهي القضية الكبرى، قضية توحيد الإله الخالق، وأدناها إماطة الأذى عن طريق الناس. فإذا وجدت قشرة موز ونحّيتها عن الطريق حتى لا تصيب الناس بالأذى فهذا من الإيمان، “والحياء شعبة من شعب الإيمان”، فلماذا خصص الحياء من جميع الشعب بعد أن عرفنا أعلاها وأدناها، لأنه هو الضابط الرابط. في الحقيقة إذا ارتفع الحياء في مجالات كثيرة فإننا نكون على خطر عظيم, والنبي ﷺ يقول: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".