لمواجهة فيروس كورونا.. المفتي يطلق مبادرة "كأني اعتمرت".. وتقديرات 800 ألف معتمر لن يتمكنوا من الذهاب إلى مكة هذا العام
أطلق الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، اليوم مبادرة كأني اعتمرت، وذلك في إطار الحرص على دعوة المعتمرين للمساهمة في دعم الفقراء والمحتاجين، والمتضررين من الأوضاع الراهنة والتي تسبب بها فيروس كورونا المستجد، حيث تشير التقديرات إلى وجود 800000 مصري حالت الظروف دون ذهابهم إلى أداء العمرة هذا العام بسبب الفيروس بمبلغ يقدر بـ3 مليارات جنيه.
وقال المفتي في مبادرته: "نتمنى من الله أن تعم وتنتشر ويتم تفعيلها من خلال التبرع بهذا المبلغ أو بجزء منه إلى الدولة أو أعمال الخير لمواجهة فيروس كورونا والثواب سيكون مثل العمرة ويزيد لأن سد حاجة الفقير وإطعام الطعام وتفريج الكربات وهموم الناس في هذا الوقت ثوابه أعظم عند الله".
كما قامت دار الإفتاء المصرية بإطلاق هاشتاج بعنوان #الصدقة_أولى، متضمنًا دعوة تبرع للوطن ولأبنائه من الذين تقدموا لأداء العمرة الرمضانية، وحالت ظروف انتشار فيروس كورونا دون قدرتهم على تحقيق رغبتهم في زيارة بيت الله الحرام ومدينة الرسول عليه السلام، وشددت دار الإفتاء في الهاشتاج الذي أطلقته على أن الصدقة لكفاية وسد حاجة الفقراء والمساكين والذين فقدوا أعمالهم بسبب توقف حركة الحياة له ثواب جزيل من الله تعالى؛ لتحقيقه مقصدًا من المقاصد الشرعية بإحياء النفس، تطبيقًا لقاعدة الساجد قبل المساجد، والإنسان قبل البنيان.
المفتي لمن كانوا ينوون العمرة: الصدقة أولى على المتضررين من فيروس كورونا | فيديو
وفي سياق متصل أكد الدكتور إبراهيم نجم – مستشار مفتي الجمهورية، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم- أن حملة "كأني اعتمرت" التي أطلقتها دار الإفتاء المصرية لمواجهة التداعيات الاقتصادية الأليمة بسبب إجراءات مواجهة فيروس كورونا هي نداء إسلامي مستمد من فلسفة الإسلام الراقية في العبادة.
وأضاف د. نجم أن الحملة تمثل صرخة أصحاب الحاجات لأهل الفضل أن أفيضوا علينا من المال أو مما رزقكم الله، ومحاولة لإعادة الاعتبار لنصوص إسلامية جعلت نفع الآخرين ورفع الحرج عنهم أفضل عند الله من عبادات فردية تشبع رغبات أصحابها ولا يتعدى نفعها إلى غيرهم.
وقال مستشار مفتي الجمهورية: إن هذه الحملة المباركة هي رغبة في إعادة العقل المسلم لفقه الأولويات، هذا الفقه الذي يمثل منهج الإسلام في التعاطي مع مختلف المستجدات، وهو المنهج الذي يجعل الإحساس بالمسلمين وهمومهم واجبًا، فضلًا عن كونه نعمة، لذلك جاء في الحديث النبوي الشريف: "المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره"، فمن ترك مسلمًا يجوع أو يعرى- وما أكثر ما يحدث ذلك هذه الأيام - وهو قادر على إطعامه وكسوته فقد خذله.
وأضاف د. نجم أن هذا نص نبوي يبرهن على المعنى ويوضح المقصود حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجل: سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا".
وأشار إلى أنه بهذا الفهم الراقي نضمن حالة فريدة من التآلف والحب والود داخل المجتمعات المسلمة على وجه الخصوص والإنسانية جمعاء إن هي أخذت بهذا الفهم، حينما يعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل، ليس صلاة ولا صيامًا ولا حجًا ولا عمرة، وإنما يعلق التفضيل ويعلق حبه للعمل على شرط أن يكون نافعًا للغير متعديًا صاحبه في نفعه، "سرور تدخله على مسلم.. تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا".
وأضاف د. إبراهيم نجم أن هذه الحملة ومثيلاتها من الحملات تمثل النزوع الإنساني إلى الخير في أبهى صوره، وتجسد الفهم النبوي الراقي لمهمة المسلم الإيجابية داخل مجتمعه، متسائلًا: ماذا تفعل العبادة لإنسان انعزل عن مجتمعه ولم يعد يشاركه همومه؟! وماذا تفعل العبادة لإنسان أغلق بابه على نفسه وادعى رهبانية لم يكتبها الله عليه؟!