الأزهر للفتوى الإلكترونية: الأخذ بالأسباب عبادة واجبة يجب الأخذ بها
أكد مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية أن الأخذ بالأسباب عبادةٌ واجبةٌ وسُنَّة كونية وشريعة ربانية يجب الأخذ بها مع ضرورة اليقين في الله تعالىٰ وعدم الاعتقاد بأن الأسباب تؤَثِّر بذاتها قال تعالىٰ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧].
وأكد المركز أن وديننا هو دين التوكل لا التواكل، ودين العمل والأمل، لا التواني والكسل. وأشار إلي أنه قد طَبّق الأنبياء والصالحون هذه العبادة الواجبة، والتزموا بها، رغم أن الأنبياء مؤيدون من السماء، ورغم أن الله وعد الأولياء والصالحين بأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ فهذا نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام يأمره ربه أن يصنع سفينة ليحمل فيها من كل زوجين اثنين، ويحمل فيها من آمن معه، فيستجيب لهذا الأمر ويصنعها. قال تعالىٰ:{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} [المؤمنون: ٢٧]، {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود: ٣٨]. {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَيـٰهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [هود: ٤١]. وأوضح أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام يأمره ربه أن يضرب البحر بعصاه حين أتبعه فرعون وجنوده يريدون القضاء عليه وعلىٰ من آمن معه: {فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: ٦٣]. وأخبر القرآن عن ذي القرنين أنه كان يأخذ بالأسباب، فقال: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرض وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. فَأَتْبَعَ سَبَباً} [الكهف: ٨٤-٨٥]. كما أخبر القرآن الكريم عن السيدة مريم عليها السلام وهي في حالة شديدة من أشد حالات ضعف المرأة، وهي حالة المخاض، حين أمرها اللهُ تعالىٰ بالأخذ بالأسباب، فقال:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: ٢٥]. وكان سيدُنا محمد ﷺ خاتمُ الأنبياء مثلًا أعلىٰ في الأخذ بالأسباب، فقد خطط للهجرة تخطيطًا دقيقًا، وأخذ بالحيطَة، واستعان بأهل الخبرة، ودَبَّر الأمور بدقة، رغم يقينه أن الله تعالىٰ لا يخذله، وأنه يؤيده وينصره؛ وفي هذا كله درس لنا بوجوب الأخذ بالأسباب. قَالَ سيدنا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَىٰ اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» [سنن الترمذي].