مجلس الدولة يصدر حكما قضائيا بوجوب احترام الموتى وصون كرامتهم
أصدر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة حكما قضائيا يفرض احترام الموتى وصون كرامتهم.
وجاء ذلك بعد تجمهر عدد من أهالي قرية شبرا البهو بمحافظة الدقهلية لمنع دفن طبيبة استشهدت خلال مكافحتها لفيروس كورونا.
وقال الحكم القضائي إن النظام القانونى للجبانات والمقابر يفرض احترام حقوق وكرامة الموتى وأن نظرة المصريين منذ فجر التاريخ للقبر على أنه مأوى المرء بعد مماته وداره التى يوارى فيها بعد رحلته الدنيوية.
وعقد القاضى فى الحكم مقارنة بين مصر وبلاد أوروبا عن النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق وكانت القضية تتعلق برفض القاضى طلب أهالى إحدى القرى بمحافظة البحيرة بنقل جثمان تم دفنه من خارج أهل القرية بعد أن تم دفنه دون رغبة منهم.
قال خفاجى فى حكمه أن مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية والإسلام الذى هو دين الدولة المصرية بمبادئ الشريعة الغراء التى عدها المشرع الدستورى المصدر الرئيسى للتشريع يحترم الأديان السماوية ويحترم الموتى وينبذ نبش القبور بما يحمله ذلك من سماحة وسلام أرسى دعائمها رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام الذى بعث للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق وعندما مرت جنازة على الرسول الكريم فوقف احتراماً لها فإذ بأحد الصحابة يقول له : " أنها جنازة يهودى " فقال الرسول الكريم :" أليست نفساً " ، وهذا له دلالته الساطعة على أن الإسلام يحترم الموتى ويسوى بينهم أياً كانوا .
وأضاف" خفاجى " فى حكمة الصادر في ديسمبر 2014 بمحكمة القضاء الإدارى،أنه يتعين المقارنة بين الفقه والقضاء فى كل من فرنسا ومصر بصدد النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق فإن الفقه فى فرنسا ينظر إلى الجبانات والمقابر على أنها تراخيص لها صفة العقود الإدارية وتتسم بطابع الاستقرار مثل التراخيص الخاصة بشغل مساحات محدودة من أراضى الجبانات لإقامة مدافن أو أحواش عليها .
واشار الى ان القضاء الفرنسى يذهب إلى أن حق المرخص له فى الانتفاع بجزء من أراضى الجبانات هو حق عينى عقارى موضوعه الانتفاع بالجزء المخصص فى الأغراض المحددة فى التراخيص , بمراعاة أن رغبة الأسرة هى أن يستقر موتاهم فى المكان الذى خصص لهم .
ولفت " خفاجى "فى حكمه أما فى مصر فإن الترخيص بمثل هذا النوع من الانتفاع يرتبط باعتبارات ومعتقدات دينية وأعراف مقدسة عميقة الجذور فى نفوس المصريين منذ فجر التاريخ ,باعتبار أن القبر هو مأوى المرء بعد مماته وداره التى يوارى فيها بعد انتهاء رحلته الدنيوية ، كل ذلك أضفى على التراخيص بشغل أراضى الجبانات فى مصر منذ وجدت , طابعاً من الثبات والاستقرار لا يزحزحه إلا إنهاء تخصيص المكان للدفن وقلما يتم ذلك إلا فيما يتعلق بالجبانات التى بطل الدفن فيها ودست معالمها .
اقرأ أيضا:
قانوني: عقوبة المشاركين فى منع دفن "ضحية كورونا" بالدقهلية تصل إلى 10 سنوات سجن
و أعربت دوائر مهتمة بشئون حقوق الموتى أن حكم القاضى المصرى يعد وثيقة قضائية كشفت عن تقدير الأمة المصرية لحقوق موتاهم منذ فجر التاريخ وتعبير صادق عن حرمة قبورهم حتى رفاتهم بما يحفظ كرامتهم وهم أموات تقدمت به على قواعد القانون الدولى الإنسانى وجاء تأكيد الحكم القضائى على أن الشرع الإسلامى رتب للموتى مجموعة من الحقوق على الأحياء رحمة ورأفة بهم وإكراما لهم ، في التغسيل والتكفين والإسراع بدفنهم والاستغفار لهم .