حاتم أحمد يكتب.. الجهل في زمن كورونا
من الطبيعي أن يرى البعض خطر فيروس كورونا الذي تجابهه مصر مبالغا فيه، بالرغم من أن المنظومة الصحية في بلداننا لا ترقى إلى مستوى يليق بأي دولة متقدمة أخرى، إلا أننا نتلمس بعض الإيجابيات في محاولة السيطرة على انتشار الفيروس داخل البلاد، وذلك بفضل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه الجائحة التي انتشرت في أغلب دول العالم.
ومع ذلك فإن الخطر الأكبر الذي تتعرض له مصر والذي أراه أشد بكثير من فيروس كورونا، وهو فيروس الجهل الذي وجد له تربة خصبة بين عقول بعض الفئات أصحاب العقول الجوفاء، التي لا تكلف نفسها وتحاول أن تخرج من ظلمة الجهل الحالكة إلى نور الوعي والإدراك، في زمن اشتد فيه الخطر الغامض الذي يهدد بحصد الأرواح دون تمييز، يصبح فيه الأجل بلا ثمن ولا مجرد وداع.
لم أكن أتوقع أن ينحدر تفكيرنا ويصل بنا حد الجهل إلى ما حدث اليوم في إحدى قرى محافظة الدقهلية، بالتجمهر اعتراضا على دفن الطبيبة شهيدة الواجب وخط الدفاع الوحيد أمام فيروس كورونا اللعين، قدمت حياتها تضحية في سبيل إنقاذ المصابين، ما شهدته قرية شبرا البهو بالدقهلية، يثير الهلع على أحباء، قد يخطفهم قدر مرسوم على وجه الخطر الذي يقترب، برغم حذر وتحوط، وفي النهاية لا يجد حتى من يسمح له بأن يدفن بشكل لائق تكريماً لتضحياته في سبيل إنقاذ حياة الآخرين.
واقعة اعتراض أهالي الدقهلية على دفن الطبيبة ضحية فيروس كورونا، لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقتها بأيام واقعة أخرى ومشابهة لها أيضا في منطقة بولس بكفر الدوار بمحافظة البحيرة، بمنع عدد من المواطنين، أسرة من دفن متوفى مسن متأثرا بإصابته بنفس المرض، بالرغم من التأكيد على أن إجراءات دفن الموتى المصابين بالفيروس تتم بحذر شديد ووفقا للمعايير الصحية، إلا أن الجهل لم يترك لأصحاب العقول الفارغة مجالاً للتفكير بأن الميت له حرمة ويجب التعجيل في دفنه.
في وضع كالذي نعيشه اليوم، نكتشف أننا قد لا نقتل بفيروس كورونا... لكن الجهل قد يقتلنا، في معركة خاسرة أمام من هو أخطر من فيروس كورونا الحالي، فداء كورونا قريب الخلاص منه لكن داء الجهل لا أدري كم نحتاج للقضاء عليه.