ذكرى عبد الحميد الديب.. أشهر صعاليك القرن العشرين
أفقر شعراء المحروسة، عاش فقيرا ومات معدما، قضى سنوات عمره هائما على وجهه شاردا شريدا مشردا يصول ويجول فى أزقة وعطوف مصر بلا هدف ، إنه الشاعر عبد الحميد الديب ــ رحل فى أبريل 1943 – أشهر صعاليك الشعر حتى إنه لقب بشاعر البؤس شاعر الحرافيش.
ولد عبد الحميد الديب فى قرية كمشيش منوفية لأسرة فقيرة عام 1898 وتربى على البؤس والحرمان ، كان يعمل مع أبيه صبى جزار فى القرية حتى شب شاعرا حزينا باكيا ، نال شهادة متوسطة من المعهد الأزهرى ثم التحق بمدرسة دار العلوم العليا، لانها كانت تصرف وجبة غذاء وسكن حارة فى قصر الشوق بالقاهرة، وعاش حياة بائسة، وعن حجرته الفقيرة كتب يقول : تعلمت فيها صبر أيوب على الضنى ..وذقت هزال الجوع أكثر من غاندى
جوارك ياربى لمثلي رحمة ..فخذنى إلى النيران لا جنة الخلد
قرأ عبد الحميد الديب أمهات الكتب ، التقى سيد درويش على مقهى فى حى بولاق وهو حائر فى شطر اغنية فأكملها له الديب ( والله تستاهل ياقلبى ..ليه تميل ما كنت خالى ) وأصبحا أصدقاء وانتقل للعيش معه فى مسكنه .
عندما رحل سيد درويش عام 1923 عاد الديب إلى حياة الصعاليك بلا مأوى ولا مورد.
وكتب الديب أول دواوينه بعنوان (ثورة المحروم ) ونظرا لثيابه المهلهلة حكم عليه الناس بالجنون وأودعوه مستشفى الأمراض العقلية .
وصفه الشعراء من زملائه بأنه موهبة ومعجون بالإبداع والعبقرية وله لسان بليغ ، صاحب الكثيرين من علية القوم من سياسيين ووزراء وكتاب وشعراء وأدباء لكنهم لم ينفعوه فى شيء ولم يمد أحد له يد العون ، كان لا كرامة له فى وطنه .
في ذكرى رحيله.. يحيى الطاهر "الجنوبي الذي أفلت من الكرنك إلى القصة”
نعاه زكى مبارك فى حفل تأبينه ونشر نعيه فى كتاب “شاعر الحرافيش “يقول فيه : إن الأديب الحق ليس أسيرا للوطن ولا أجيرا للمجتمع وعبدالحميد الديب لم يقتل نفسه عامدا متعمدا فانتم خدعتموه وضللتموه، ورفضتم أن يستغيث بمعروفكم يا أسخاء قتلتم القتيل ومشيتم فى جنازته (موجها كلامه إلى معارف وأقارب الديب) ويقول ياقاتليه لن ننجيكم من غضبتى عليكم واعلموا أن بكاءكم فى هذا الاحتفال سيمر بلا ثواب .
وقال عنه كامل الشناوى (اليوم مات شاعر تعرى واكتست الأضرحة وجاع وشبعت الكلاب) .