د. حنان طاهر تكتب: أبطال الداخلية.. تضحية.. فداء.. إنسانية
الليل يغلف الأمكنة.. فيما خرج الرجل هائمًا على وجهه.. يتحسس موضع خطاه.. محاولًا الإسراع للوصول إلى مبتغاه.. حاملًا فلذة كبده.. التي لم تناهز بضع سنوات.. تمزق قلبه صرخاتها.. متألمة من لدغة العقرب التي داهمتها على حين غرة.. تنساب دمعة فشل في منعها، على خده.
ما أن وصل إلى "الأسفلت"، حتى استوقفه كمين الشرطة.. طلب منه ضابط الاقتراب.. وسأله أمين الشرطة عما أخرجه في هذه الساعة، أثناء خظر التحرك.. أجابه بصوت متحشرج خفيض: "ابنتي لدغتها عقرب.. ولا أجد “مواصلة” تنقلني إلى المستشفى في البندر".
وبسرعة البرق يصرخ الضابط آمرًا أحد الجنود بأن يأتي بسيارة الشرطة.. ينفذ الجندي في الحال.. يفتح الضابط الباب للأب، ويتناول منه الطفلة، ويشير إليه بالركوب.. ثم يعطيه ابنته، ويغلق الباب خلفه.. يهم السائق بالتحرك، إلا أن إشارة من الضابط تضطره للتوقف لثوانٍ.. كان أثناءها الضابط قد قفز من الباب الآخر ليستقر بجوار الأب وابنته.. وتنطلق السيارة مسرعة.
في الاستقبال بالمستشفى، كان الأب يبكي رافعًا يديه نحو السماء، متمتمًا بدعوات الشكر والحمد لله تعالى على نجاة ابنته، بينما يشكر الضابط الطبيب، ويثني عليه وعلى مجهود طاقم التمريض الذي نجح في إنقاذ حياة الطفلة.
اقرأ أيضًا:
جهود أجهزة الأمن فى فرض حظر التجوال وتعقيم السجون وأقسام الشرطة l فيديو
حدثت هذه الواقعة المشرفة بإحدى قرى محافظة قنا... في الوقت الذي كان فيه عدد من أفراد الأمن بمنطقة المطرية بمحافظة القاهرة يتولون مهمة إنقاذ أرملة وأبنائها من الفاقة، باتباع الإجراءات التي حددتها الحكومة لتسلم المساعدت المادية، بعد أن أحضروا للأسرة الفقيرة كمية معتبرة من الدعم والمواد الغذائية من أحد منافذ "أمان" التابعة لوزارة الداخلية.
وفي نطاق قسم مدينة نصر "أول"، سارع الأبطال باتخاذ الإجراءات التي تحددها وزارة التضامن الاجتماعي لتوصيل المعاش إلى سيدة مسنة استنجدت بوزارة الداخلية؛ بعد أن عجزت عن صرف المعاش الخاص بها.
الأزمة الأخيرة أظهرت جوانب إنسانية، وكشفت عن بطولات خارقة لم تكن تسترعي انتباه الناس والرأي العام والإعلام لدى رجال الأمن، وأثبتت أنهم وهبوا أرواحهم من أجل الوطن والمواطنين.
اقرأ أيضًا:
"الداخلية" تواصل تطهير وتعقيم السجون والأقسام والمراكز والمنشآت الشرطية
وفي وقت سابق، تم توقيع الكشف الطبي على بعض المواطنين بنطاق مستشفى الشرطة بالعجوزة وصرف الأدوية اللازمة لهم بالمجان.
حيث قام قطاع الخدمات الطبية بالتنسيق مع مسئولى بعض المساجد والكنائس، ومراكز الشباب الواقعة بنطاق مستشفى الشرطة بـ"العجوزة "، بتوقيع الكشف الطبى على بعض المواطنين، وصرف الأدوية بالمجان.
وتم استقبال الحالات التى بلغ عددها 24 حالة بالعيادات الخارجية بمستشفى الشرطة بالعجوزة، من الساعة الثانية بعد الظهر، وحتى الساعة الخامسة.. وتم تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم فى التخصصات الطبية المختلفة.
هذا هو الوجه الحقيقي المضيء لرجال الداخلية.. لمم يعد دورهم مقصورًا على مكافجة الجريمة، وحفظ الأمن.. بل كانوا على قدر المسئولية، وأسهموا مع أبطال القوات المسلحة، والأطباء الذين يمثلون الجيش الأبيض، في مكافحة انتشار الفيروس التاجي "كوفيد-19"، والمعروف إعلاميًّا باسم "كورونا"، وكبح جماحه.
وبفضل هذه الجهود الجبارة نجح الأبطال في وقف انتشار العدوى، والحد من الإصابات، وزيادة أعداد المتعافين.
الداخلية أكدت أنها أحد أهم خطوط الدفاع عن الوطن ضد أي غزو.. أيًّا كان نوعه؛ أمنيًّا.. اقتصاديًّا.. اجتماعيًّا.. تكنولوجيًّا.. صحيًّا.
القبض على 39 شخصاً اخترقوا حظر التجوال فى اليوم الثالث عشر
وعلى سبيل المثال، تم إحباط العديد من محاولات بيع الكحول والمطهرات مجهولة المصدر على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك".. والتي يستغل أصحابها الأزمة التي يواجهها المواطنون وزيادة الطلب على المطهرات.
وتمكنت جهود الشرطة من ضبط أكثر من واقعة لترويج مستلزمات طبية وقفازات مجهولة المصدر لبيعها بأزيد من السعر.. بمنطقتي قصر النيل والساحل (بمحافظة القاهرة).
ونجح أبطال الأمن في إحباط محاولات إغراق الأسواق بتلك المواد غير الصالحة، والتي كانت ستهدد أرواح الشعب.
ولم تتوقف الجهود في مكافحة عمليات التهريب وطرح المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك، أو بيعها في السوق السوداء.
وفي مجال آخر، نجحت جهود وزارة الداخلية وخاصة أجهزة الوزارة بالإدارات العامة التابعة لقطاع الأمن الاقتصادى (التموين والتجارة.. شرطة الكهرباء.. مباحث الضرائب والرسوم.. مباحث الأموال العامة) في حفظ الأمن والحد من المخالفات واحتكار السلع وحجبها، والتلاعب بالأسعار، وضبط المخالفين.
اقرأ أيضًا:
إحباط تهريب كميات من الأقمشة المستخدمة فى تصنيع الكمامات بمطار القاهرة
ولم يكن ممكنًا للقرارات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا، أن تنجح، وأن تدخل حيز التطبيق الفعلي إلا بجهود رجال الشرطة الذين راقبوا بحزم تنظيم مواعيد فتح وغلق "المطاعم والمقاهىوالكافيتريات والمراكز التجارية، والأندية الرياضية، والشعبية، ومراكز الشباب"، وتوجيه الحملات بالتنسيق مع الجهات المعنية للتصدى لممارسات إخفاء السلع والتلاعب فى أسعارها، ومواجهة مختلف أشكال الغش التجاري، وذلك من خلال مراقبة الأسواق وتكثيف الحملات على المتاجر والمحلات العامة.. والتأكد من إغلاق مراكز الدروس الخصوصية.
ما قدمته وزارة الداخلية في الأزمة الأخيرة يستحق أن يُدون في سجلات الفخار والشرف بحروف من ذهب.. وبدورنا نرفع القبعة ونحيي كل رجال الأمن الأبطال.. مهما كانت رتبهم، ومراكزهم، ومواقعهم؛ فالبطولة لا تختلف باختلاف الشخصيات أو الأماكن.. البطولة مصرية.. والأبطال هم أبناء مصر الأبرار.