الدكتور هانى الناظر: قدمت استشارات طبية مجانية لـ 1.5 مليون مريض .. وأتواصل إلكترونيا مع المرضى ولو فى الفجر| حوار
» تعلمت حب الخير من والدى.. ودعوات المرضى أفضل من أموال الدنيا
» لا أستطيع النوم إلا بعد مراجعة أسئلة الحالات.. وابنى كان فى غرفة العمليات وأنا فى الخارج أجاوب على الاستفسارات
خدمة فريدة من نوعها يقدمها الدكتور هانى الناظر أستاذ الأمراض الجلدية، لمتابعيه على فيس بوك، حيث تحولت صفحته إلى مستشفى افتراضى يقصدها مئات الآلاف من الأشخاص للحصول على استشارة طبية ترفع الألم وتساعد فى الشفاء لكثير من المرضى.
يخصص الناظر جل وقته للإجابة على استفسارات المرضى، ويرى فى ذلك متعته الوحيدة فى الحياة، ويقول إنه تعلم فعل الخير من والده الذى كان هو الآخر أستاذا فى الأمراض الجلدية.
"الناظر" أكد فى حوار لـ "فيتو" أنه قدم استشارات طبية مجانية لما يقرب من مليون ونصف المليون مريض، مشيرا إلى أنه يحلم بتأسيس مستشفى أهلي لعلاج الأمراض الجلدية بالمجان على غرار معهد القلب بأسوان وإلى نص الحوار:
*كيف كانت البداية التى خلقت هذا الطبيب الإنسان الذى يخصص حسابه الإلكترونى للرد على آلاف التساؤلات والاستشارات الطبية يوميا مجانا؟
كان والدى طبيب أمراض جلدية وكنت دائما معه فكان بالنسبة لى مثلى الأعلى ليس فقط فى الطب لكن أيضا فى العلاقات الاجتماعية وعلاقته بالأسرة والآخرين، فكان يحب أن يخدم الناس دائما ويحب عمل الخير مما أثر فينا، وأنا بطبيعتى أحب مساعدة الآخرين ولا أتأخر عن خدمة أي شخص، وفى السنوات الأخيرة ظهر "فيس بوك" وكان بالنسبة لى تكنولوجيا جديدة يجب أن أنظر للجانب المفيد فيها باعتبارى باحثا فى المركز القومى للبحوث، فوجدت منه نافذة يمكننى من خلالها التواصل مع الناس، خاصة أن هناك مرضى لا يقدرون على المجىء إلى عيادتى نظرا لبعد سكنهم أو لعدم مقدرتهم ماديا، فاخترت أن أذهب أنا إليهم من خلال الرد على تساؤلات الحالات وإعطائهم العلاج المناسب وبهذا أكون وفرت عليهم الوقت ومصاريف الكشف، حتى أصبحت أقدم هذه الخدمة لأكثر من مليون و500 ألف إنسان.
*ما المبدأ الذى تسير عليه ودفعك نحو خدمة الإنسانية؟ مبدئى هو أنه ليس شرطا أن تكون ذو منصب كبير حتى تتمكن من خدمة الناس، فأى شخص يمكنه خدمة الإنسانية بمليون طريقة، فأنا أشعر بخدمتى هذه أننى أرد الجميل للناس وللوطن فأنا أستاذ بالمركز القومى للبحوث والمرتب الذى أتقاضاه يدفعه المواطن من الضرائب التى تؤخذ من راتبه لذا أحاول أن أقدم شيئا مفيدا للمجتمع، كما أننى مؤمن أن العلم الذى رزقنى الله إياه لا يجب أن أبخل به على الغير.
*فى بداية ممارستك لمهنة الطب هل كنت تتوقع ذلك النجاح المدوى الذى وصلت له وحب الناس الشديد لك؟ كنت أحلم به لكنى لم أتوقعه، فكنت أحلم أن أساعد الكثير من المرضى وحمدا لله على استجابته لدعائى.
*هل تسببت تلك الإنسانية فى مشكلات واجهتك على المستوى العملى أو الشخصى؟ ليست مشكلات تحزن لكن أصبح علىّ ضغط كبير جدا، فأنا لا أستطيع النوم ليلا إلا بعدما أراجع كل أسئلة الحالات على صفحتى خوفا من أن أكون نسيت أحدها سهوا، فأصبح لدى مسئولية تسبب لى نوع من التوتر والشد العصبى، فعندما كنت رئيسا للمركز القومى للبحوث لم يكن لدى حجم المسئولية الموجودة عندى حاليا، فأنا تقريبا أعمل 75% من اليوم، ويتبقى الفترة من الساعة الواحدة ليلا حتى الفجر التى أنام فيها، ولو أنى أحيانا عندما أقوم لصلاة الفجر أجيب على بعض الأسئلة الموجودة أيضا على الصفحة من الحالات، فأصبحت الناس معتمدة أننى سأرد عليهم لذا لا يمكننى أن أتجاهلهم أو أخذلهم فأشعر دائما أننى مثل التلميذ الذى يؤدى واجبه اليومى ولا يمكن أن يقصر فيه، فلا يعلم الناس أن ابنى كان داخل غرفة العمليات تُجرى له عملية جراحية دقيقة وأنا أمام الغرفة أجاوب على أسئلة الحالات، فأنا مع الناس 24 ساعة وأجاوب على استفساراتهم بدون ضيق أو سأم.
*كيف تستمر فى جبر خواطر هذا العدد الكبير من الحالات سواء الذين يأتون إلى العيادة أو يستشيرونك على صفحتك على فيس بوك دون ملل أو تعب؟ بالطبع يوجد مجهود كبير لكن دعاء الناس يخفف عنى التعب، فأنا أجد متعة كبيرة فيما أفعله، فحينما أقدم خدمة لشخص ما وأجده يدعو لى فهذا عندى أعظم من أموال الدنيا كلها.
*هل تواجه صعوبة فى غرس فكرة صناعة الأمل داخل المرضى ذوى الحالات الحرجة؟ تترك معظم الأمراض الجلدية لدى المرضى أثر نفسى صعب فمنها أمراض مزمنة خطيرة وتظهر للآخرين لذا فهى تمثل عبئا نفسيا عند كثيرين منهم، ولهذا فهناك جزء كبير من العلاج يكون عبارة عن تأهيل نفسى للمريض والتخفيف عنه وجبر خاطره.
*هل أصبحت هناك أزمة أخلاقية تواجه قطاعات كبيرة من المصريين من وجهة نظرك فقد أصبحوا ينبهرون بالنماذج الإنسانية وكأنها شيء نادر الحدوث أو استثناء على الرغم من أنه يجب أن تكون تلك هى القاعدة والأمر المألوف وليس العكس؟
إذا أردت الإصلاح فابدأ بنفسك، فأنا أحاول تقديم نفسى كنموذج لتلامذتى وللشباب، فالناس عندما ترى شخصا يفعل شيئا ما وله رد فعل جيد تحاول أن تقلده، فلا يمكن أن تطالبى الناس أن يفعلوا هذا أو ذاك لكن عندما تفعل هذا الشىء أمامهم سيفعلون مثلك، وهذا ما بدأ يحدث بالفعل ففى هذه المحنة التى تواجهنا الآن ظهرت "جروبات" كبيرة للأطباء تطالب الناس بالمكوث فى منازلهم وانهم سيردون على أسئلتهم واستفساراتهم عبر الإنترنت، فيمكن أن تكون هذه مقدمة لأن تتسع تلك الفكرة.
*ما هو التحدى الأكبر أمام الدكتور هانى الناظر الآن؟ قبل الأزمة التى تواجهنا حاليا أطلقنا مبادرة بالتعاون مع مؤسسة صناع الخير تهدف إلى توفير العلاج المجانى لبعض الأمراض الجلدية المزمنة التى تصيب حديثى الولادة وتظل مرافقة لهم طوال العمر، واخترنا مرض تحلل الجلد الفقاعى ومرض قشر السمكة، أما عن حلمى الذى لا زلت أسعى لتحقيقه هو أن يكون لدينا فى مصر مستشفى أهلي لعلاج الأمراض الجلدية مثل مستشفى سرطان الأطفال ومستشفى مجدى يعقوب وغيرهم، بحيث تستقبل تلك المستشفى الأطفال ذوى الأمراض الجلدية وتعطيهم العلاج مجانا وتكون غير هادفة للربح.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"