حيثيات الحكم في قضية محطة مصر: الإهمال استشرى في أهم مرفق بالدولة
أودعت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالعباسية حيثيات حكمها في قضية حادث محطة مصر والقاضي بمعاقبة علاء فتحي بالسجن ١٥ سنة وإلزامه برد ٨ ملايين جنيه و٨٠٠ ألف جنيه.
كما قضت بالسجن المشدد ١٠ سنوات لأيمن الشحات وعاطف نصر ومحمود فتحي ، والمشدد ٧ سنوات لأيمن أحمد وسامح جرجس ويحيى سعيد وعادل مصطفى ومصطفى عبد الحميد، والمشدد ٥ سنوات للسيد أبو الفتوح والمشدد ٣ سنوات لمحمود حمدي عن تهمة تعاطي المخدرات و١٠ سنوات عن باقي التهم الموجهة إليه.
وجاء في الحيثيات أنه بعد الاطلاع وتلاوة أمر الإحالة وسماع المرافعة والمداولة، حيث إن وقائع الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها استخلاصاً من التحقيقات التي تمت فيها وسائر أوراقها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنها قصة إهمال استشرى في أهم مرفق من مرافق الدولة والذي يقع على كاهله نقل البشر وأموالهم في كل مناكب مصر المحروسة.
وأضافت الحيثيات أنها قصة إهمال تراكمت من عقود انقضت حتى أصبحت مرضا عضالا لا تنفعه أو تجبره مجرد مسكنات اعتادت الهيئة على حقنها في شرايين هذا المرفق الذي وهن ، فمرض ، فعجز عن أداء رسالته ووظيفته على النحو الذي خطط ونفذ من أجله ، فتوالت الحوادث والنكبات التي أبكت العيون وأدمت القلوب على أرواح بريئة مطمئنة أزهقت وأموال أنفقت فاحترقت وتطوير لم يشأ أن يضع بصماته ليواكب التكنولوجيا الحديثة في أهم مرفق من مرافق النقل.
وأشارت الحيثيات إلى أنه منذ تأسيس خطوط السكك الحديدية في مصر عام 1851 والتي تعتبر الثانية على العالم، أصبحت اليوم مترهلة عقيمة نال منها بعض قيادات توالت عليها، وعاملون في أروقتها غير مؤهلين لحمل الأمانة وبث الاطمئنان في نفوس المتعاملين مع هذا المرفق الحيوي الهام ، وبالرغم من التحديث الذي تحاول الدولة جاهدة بذله لرفع مستوى الأداء لهذا المرفق سيظل العنصر البشري هو حجر الزاوية لأي عمل ناجح .
وأكدت الحيثيات أن اختيار القيادة وتوظيف العاملين المؤهلين، وتأهيلهم وتدريبهم المستمر والمحافظة على لياقتهم الصحية والنفسية والعناية بوضعهم المالي وتحسين ظروف العمل وتطبيق قواعد السلامة المنظمة لحياتهم العملية والوظيفية ، هو الطريق القويم للارتقاء بهذا المرفق ، ودونه ، استمرار لنكباته وحوادثه وفقدان للأمن والأمان وضياع للأنفس والأموال .
وأشارت الحيثيات إلى أن غالبية حوادث القطاع كانت نتيجة لاستشراء الإهمال من أولئك العاملين وعدم تأهيلهم وتعليمهم والترقي بمستواهم الصحي والاجتماعي، والضرب على أيدي المخالفين للوائح منهم ، والذي كانت نتائجه هذا الحادث الجلل الذي يمثل صورة مثلى للإهمال الذي ضرب أوصال هذا المرفق.
وأضافت الحيثيات أنه في صباح يوم 27 /2 /2019 حيث أشرقت الشمس بأشعتها الذهبية على أرض الكنانة الأبية والمواطنين في حركة دائبة على أرصفة سكك حديد مصر بمحطة القاهرة القلب النابض لهيئة السكة الحديد ، وقعت الواقعة ، فاهتزت لدويها قلوب المصريين في كل مكان ، ودمعت عيونهم على أناس كتب القدر أن يكونوا من ضحاياها دون جريرة أو ذنب سوى أنهم استقلوا قطارات هذا المرفق ، واطمأنوا إلى أنهم في أيد أمينة ترعى الله والوطن ، ولكن أنى يكون ذلك ؟ في مرفق اعتاد العاملون فيه على مخالفة اللوائح وارتكاب الأخطاء والجرائم حتى أصبحت هذه الأخطاء وتلك الجرائم هي قواعد التشغيل التي يتربى عليها العاملون جيلاً بعد جيل.
وأكدت الحيثيات أن المتهم الأول علاء محمد الغار حضر إلى مقر عمله يوم الواقعة الساعة 9 صباحاً في حين أن عمله يبدأ من الساعة 6 صباحاً واستلم الجرار رقم (2302) دون مساعد له لكون المتهم الرابع عشر محمد عبد العزيز محمد على لم يعين له مساعدا مخالفاً بذلك لائحة التشغيل، وانطلق مؤدياً لعمله وبعد أن سحب القطار رقم (973) من على رصيف المحطة إلى حيث حوش أبى غاطس وبعد تحرير عرباته من الجرار حيث كان برفقته المتهم التاسع عامل المناورة محمود حمدي توفيق والذي ثبت تعاطيه للمواد المخدرة "الحشيش" وبإقراره والتحليل المعملي.
وأشارت إلى أنه حال تحركه للانتقال من سكة رقم (1) إلى سكة رقم (2) لإجراء مناورة والتي كان يجب على المتهم الحادي عشر السيد أبو الفتوح يوسف موافي القائم بأعمال ناظر الحوش إبلاغ ملاحظي المناورة وعاملها المتواجدين بحوش بحري أبى غاطس وفقاً لقواعد العمل بها إلا أنه لم يفعل، وصل إلى نقطة التحويلة دون أن يترك المسافة المقررة قبل نقطة الفدو، شاهد الجرار رقم (2305) قيادة المتهم الثاني أيمن الشحات عبد العاطي سليمان والذي استلم الجرار من المتهمين الخامس سامح صبحي بسطورس والثالث عشر مهدي محمد مهدي عبدالعال بالرغم من كونه يعمل مساعداً للسائق الأصلي والمعين لقيادة هذا الجراء وهو المتهم الرابع أيمن أحمد محمد العدس الذي ثبت تغيبه عن العمل في هذا اليوم.
وأضافت الحيثيات أنه شاهده قادماً على نفس الخط الذي يقف عليه وبسرعة تجاوزاً لسرعته المقررة داخل الحوش والمحددة بسرعة 8كم س وبرفقته المتهم الثاني عشر مسعد رشاد علي عامل المناورة والذي كان جالساً بعربة السبنسة الملحقة بالجرار مخالفاً بذلك لائحة التشغيل التي تقضي بوجوب تواجد عامل المناورة بمقدمة الجرار وليس خلفه.
وقالت الحيثيات: ”فما كان من المتهم الأول إلا أن زاد من سرعة الجرار قيادته إلى أقصى درجات السرعة لتفادي المحاشرة إلا أنه لم يفلح وحدثت تلك المحاشرة بين القاطرتين مما نتج عن هذا إتلاف بهما وتعريض لسلامة الأشخاص للخطر ، فنزل المتهم الأول من كبينة القيادة ـ حيث لا مساعد له ـ مترجلاً تاركاً الجرار بعد أن وضع السرعة على أقصاها وبعد نزعه بذراع العاكس عقب جعله على وضع الحركة إلى حيث الاتجاه إلى محطة القاهرة وذلك لكي يعاتب ويتشاجر مع المتهم الثاني دون أن يتخذ إجراءات التأمين المعتادة في مثل هذه الحالة”.
وأضافت الحيثيات أنه لعبثه بجهاز الأمان "رجل الميت" بتعطيله وفقد منفعته وجعله غير صالح للعمل ، مما أدى إلى انفلات الجرار من المحاشرة والانطلاق بأقصى سرعة متجهاً إلى رصيف رقم (6) حيث كان المتهم العاشر محمود فتحي أمين مراقب برج الشمال واضعاً إبرة السقوط رقم (105) على الوضع الطوالي وليس على وضع السقوط مخالفاً بذلك التعليمات فاصطدم الجرار بالرصيف وأحدث انفجاراً أدى إلى نشوب حريق.
وتوفي على إثر الحريق كل من محمد عبد الدايم أحمد وعماد الدين صفوت عبد الله وبيشوي فتحي كامل معوض وأيمن ممدوح عبد العزيز محمد وسمير لوط لويس وأحمد حمدي محمود أحمد وعاطف قطب حسان ومحمد جودة محمد وإبراهيم محمد محمد عبد المجيد ، ومحمد هشام فتحي حافظ ويسري فتحي صباح ومحمد على إبراهيم وأحمد محمد عبد الرحيم عبد المبدئ ووسام حنفي محمود إبراهيم وإيفون عياد بطرس عبد الملاك ومروة هشام فتحي حافظ ومحمود فوزي محمد وسامية محمود عليوة ومكاريوس راضي وديد ونادية محمد السيد حيدر ووحيد قديس ملاك وهدير مدحت عبد الحميد وخالد محمد عبد النعيم وناهد عبد العال إسماعيل .
كما توفي منصور محمد عمارة وعاطف محمد ذكي وراوية أحمد السيد وهشام فتحي حافظ ومحمد رضا مبروك أبو الخير وعبد الباسط على أمين وحسن محمد محمود درويش وطفل مجهول الهوية لتفحم جثته.
وأصيب في الحادث كل من حنان سعيد حسن وإسماعيل محمد محمد سيد وعاطف عبد الله إسماعيل واحمد حسن سيد عبد الغني وأشرف راغب محمود عبش ، وصلاح عصمت عبد الرحيم وهدى شعبان محمد ومحمد عادل عودة ومحمد مجدي عبد الظاهر ومحمد عادل إبراهيم وإسماعيل محمد منصور وسوسنا الامير رزق الله ومحمد محمود مبروك حسبو .
كما أصيب : منى عبد الفتاح احمد البغدادي ومحمد كرم احمد ومحمد محمود محمد عبد الهادي وشريف حسين طه حسن وهاني واصف سويحه وأبانوب خليل برسي خليل ومحمد عادل إبراهيم محمد وذلك نتيجة الإصابات التي لحقت بهم من جراء الحريق والمبينة بالتقارير الطبية المرفقة كما ترتب على الحريق فقد منفعة الجرار رقم (2302) وإتلاف بالمبنى المجاور للرصيف رقم (6) وقد بلغت قيمة التلفيات ثمانية ملايين وثمانمائة وثمانية وثمانين ألف جنيه.
وقالت الحيثيات إنه استمراراً لمسلسل الجرائم المقترفة من المتهمين فقد اعتاد المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن وبصفتهم موظفين عموميين على ارتكاب تزوير محررات رسمية إذ اشترك المتهمون فيما بينهم بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب تزوير في دفتري الحضور والانصراف الخاصين بتوزيع السائقين والمساعدين على القطارات وكذا عمال المناورة.
اقرأ أيضا:
إحالة أمين عهدة للمحاكمة لاتهامه بالاستيلاء على ١٤١ ألف جنيه
وأشارت إلى أن المتهم الثاني وضع بالاتفاق مع المتهم الرابع توقيعه بما يفيد استلام الأخير لمهام عمله على خلاف الحقيقة كمساعد لسائق الجرار رقم (2305) وذلك بدفتر توزيع السائقين والمساعدين وساعدهما في ذلك المتهم الخامس الذي أمدهما بالدفتر عهدته ، في حين وضع المتهم الثالث توقيعه ونسبه زوراً للمتهم الثامن بما يفيد على خلاف الحقيقة حضور الأخير واستلام مهام عمله في المواعيد المقررة وذلك بدفتر حضور وانصراف عمال وملاحظي المناورة وذلك بالاشتراك مع المتهمين السادس والسابع بأن ساعدا المتهم الثالث بالتوقيع نيابة عن المتهم الثامن وبتحريض منهما على ارتكاب جريمة التزوير.