بالأرقام.. سوق النشر في أمريكا يعيش "مقامرة خاسرة" بسبب كورونا
كساد اقتصادي كبير في سوق النشر، يعاني منه العالم بعد انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، وبعد تصدر الولايات المتحدة الأمريكية إحصائية أعداد المصابين بالفيروس على مستوى العالم، تبدو صناعة الكتب فيها تعاني من مخاض لم تشهد مثله من قبل .
الأمر الذي تناولته جريدة نيويورك تايمز في تحدى تقاريرها عن وضع صناعة النشر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوضح التقرير أن معظم دور النشر أجرت تعديلات في جدولة نشر كتبها التي كانت على قائمة الانتظار، وأدخلتها في قائمة انتظار جديدة، نظرًا لما يخشاه أصحاب دور النشر والكتاب من فقدان إصداراتهم الجديدة وسط طوفان الأخبار الصحية حول تطور فيروس كورونا، وهو ما اضطرهم إلي تأجيل عناوين الربيع للصيف والخريف على أمل انتهاء الفيروس خلال الاشهر القليلة المقبلة واعادة فتح المكتبات .
وأكد تقرير نيويورك تايمز أن الخطوات التي يتخذها صناع النشر في أمريكا تعتبر "مقامرة" نظرًا لعدم اليقين المحيط بمسار الوباء وما سيترتب عليه من أزمة اقتصادية، خاصة مع خوف الناشرين من استمرار إغلاق المطابع ومراكز التوزيع، ونقص مخزون الورق، الذي يضطر مجموعة من الناشرين للجوء إليه لتسليم المنتجات الأساسية، مشيرين إلي أن الوضع مؤسف للغاية بالنسبة للناشرين والكتاب، حيث يعمل الكاتب على منتجه على مدار سنة أو سنتين ليفاجئ أنه من الممكن خروجه للنور في زمن الطاعون .
وأكد التقرير أن هناك بعض العلامات المشجعة للناشرين، حيث ظلت مبيعات الكتب المطبوعة ثابتة في الأسبوع المنتهي في 21 مارس، بعد انخفاضها بنسبة 10 بالمائة في الأسبوع السابق، وفقًا لـ NPD BookScan. كانت مبيعات القصص الواقعية للأطفال قوية بشكل خاص، حيث ارتفعت بنسبة 70٪ تقريبًا في ذلك الأسبوع، وهو ارتفاع نجم عن ملايين الأطفال المضطرين للمكوث في المنازل بعد تعليق المدارس.. ولكن كلما طال أمد أزمة الاقتصاد والصحة العامة، كلما زادت صعوبة الأمر على الناشرين وتجار التجزئة .
وتعرض التقرير إلي مدينة نيويورك التي أصبحت مركز تفشي فيروس كورونا في امريكا، فهي بمثابة مركز أدبي وموطن أكبر دور النشر والوكالات الأدبية.. وتعتبر نيويورك حاليا مثال صارخ على الخسائر التي يلحقها الوباء بهذه الصناعة، حيث تم تحويل مركز مؤتمرات Jacob K. Javits ، الذي يجتمع فيه عشرات الآلاف من الناشرين وأمناء المكتبات والكتاب عادةً في BookExpo، وهو أكبر مؤتمر سنوي لصناعة النشر إلى مستشفى مؤقت، كما تم تأجيل BookExpo حتى أواخر شهر يوليو المقبل، وهو أمر غير مبشر خاصة مع انسحاب العديد من شركات النشر الكبرى من المؤتمر .
فيما بدأ بعض الناشرين الأصغر في تسريح الموظفين، ومنهم شركة Skyhorse Publishing التي قامت بتسريح 30 بالمائة من موظفيها هذا الأسبوع، نتيجة لانخفاض المبيعات وخسارة الإيرادات .
ويأمل الناشرون وبائعو الكتب في أن يساعد ارتفاع المبيعات عبر الإنترنت والكتب الإلكترونية في تعويض الخسائر الناجمة عن إغلاق المتاجر، حيث شهد موقع Bookshop، وهو موقع جديد للتجارة الإلكترونية حيث يمكن للعملاء شراء الكتب المطبوعة مباشرة من المتاجر المستقلة، ارتفاعًا في المبيعات منذ تفشي الفيروس التاجي إلى 380 ألف دولار في المبيعات هذا الأسبوع، حيث يضم الموقع 350 مكتبة مستقلة، ويتم شحن الكتب مباشرة إاي العملاء، مما يسمح للمتاجر ببيع الكتب حتى عندما تكون منافذ بيعها مغلقة.
على الرغم من أن المبيعات عبر الإنترنت قد توفر شريان حياة مؤقت ، إلا أن الكثيرين في الصناعة قلقون من الخسارة المتبقية للعالم الأدبي حيث تختفي المهرجانات ومعارض الكتب في المستقبل.