نظرة هيلين كيلر.. للحياة
من كلمات هيلين كيلر، المهمة التي نطالعها فى كتبها: "يتعجب كثير من الناس عندما أقول لهم إني سعيدة، فهم يتخيلون أن النقص في حواسي عبء كبير على ذهني، يربطني دائما بصخرة اليأس، ومع ذلك فإنه يبدو لي أن علاقة السعادة بالحواس صغيرة جدا، فإننا إذا قررنا في أذهاننا أن هذا العالم تافه يسير جزافا بلا غاية.. فإنه يبقى كذلك ولن تتبدل صورته، بينما نحن إذا اعتقدنا أن هذا العالم لنا خاصة أن الشمس والقمر يتعلقان في الفضاء لنتمتع بهما، فإن هذا الاعتقاد يملأنا سرورا، لأن نفوسنا تتمجد بالخلق وتسرّ به، كأنها نفس رجل الفن والحق، إنه مما يكسب هذه الحياة كرامة ووجاهة أن نعتقد أننا ولدنا لكي نؤدي أغراضا سامية، وأن لنا حظا يتجاوز الحياة المادية".
وتقول هيلين، التى فقدت حاستى السمع والبصر: "إذا اعترض علىّ شخص متسائلا: ألا تسأمين من وحدة الأشياء التي تمسينها وأنت لا ترين اختلاف الضوء والظلام عليها؟ أليست الأيام كلها سواء لديك"؟
سوف أقول: "كلا .. إن أيامي كلها مختلفة، فليست هناك ساعة تشبه أخرى عندي، فإني بحاسة اللمس أشعر بجميع التغيرات التي تطرأ على الجو، وإني متأكدة أن الأيام تختلف عندي بمقدار اختلافها عند الذين ينظرون إلى السماء ولا يبالون بجمالها بل يرصدونها ليقفوا منها.. هل تمطر أم لا، وفي بعض الأيام تنسكب الشمس في مكتبي فأشعر بأن مسرات الحياة قد احتشدت في كل شعاع من أشعتها، وهناك أيام ينزل فيها المطر، فأشعر كأن ظلا يتعلق بي وتنتشر رائحة الأرض الرطبة في كل مكان، وهناك أيام الصيف المخدرة حين يهب النسيم العليل ويغريني بالخروج إلى مظلتي.. حيث أتمدد وأحلم بالزهر يغشاه النحل وهناك ساعات العجلة والازدحام.. حين تحتشد الخطابات على منضدتي ثم ساعات لا نهاية لها تختلف وتتفق مع المفكرين والشعراء، وكيف أسأم ما دامت الكتب حولي".
كما تتحدث هيلين عن حاسة الشم لديها فتقول: "إن حاسة الشم لدىّ من أثمن وأهم ما أملكه في حياتي اليومية، فإن الجو ممتلئ بالروائح التي لا حصر لها أعرف منها الأماكن والأشياء".
من خلال وصف هيلين للأشياء وإحساسها بها.. نجد مقدار إحساسها العالي بالعالم حولها ووصفها الدقيق له بطريقة من الممكن للإنسان العادي الطبيعي الذي يمتلك كل حواسه أن يعجز عن وصفها، وترجع في النهاية للنظر إلى عظمة الخالق وقدرته العالية وحكمته التي وجدناها في هيلين، فعلى الرغم من أن فقدانها لعدد من حواسها إلا أنها ملكت من القدرة والمثابرة أن تغير حياتها ولا تستسلم لليأس والظلام والسكون.. ونكمل غدًا.