دكتورة أماني عبد المنعم تكتب رسالة تحذير للمصريين من قلب عاصفة كورونا في أمريكا
22 يناير 2020 سجلت الولايات المتحدة المتحدة الأمريكية أول إصابة لفيروس كورونا، وأول مارس 2020 أول حالة وفاة نتيجة نفس الفيروس والذي أصبح تحديًا غير مسبوق لأكبر دولة عظمى بل للعالم بأسره. ذلك التحدي الذي سيغير خريطة العالم في توزيع القوى إستراتيجيًا واقتصاديًا.
وبعد ما يقارب من 4 أسابيع من ظهور أول إصابة أصبحت الولايات المتحدة هي الأولى في عدد الإصابات عالميًا بعدد تجاوز المائة ألف مصاب.
وفي خلال هذه المدة أصبحت أمريكا في مواجهة فردية مع العدو غير المرأي والذي أضر ضررًا بليغًا باقتصاد أقوى دولة في العالم.
اتخذت الولايات المتحدة تجاه ذلك إجراءات حاسمة، وتسبب هذا في أضرار بالغة اقتصاديًا في أسواق المال والأعمال، ولكن ذلك قد يكون أقل وطأة مقارنةً بالتبعات إذا لم تتخذ هذه الإجراءات على الإطلاق على المدى البعيد.
مجهز بألف سرير.. مستشفى كومفورت أعجوبة البحرية الأمريكية | صور
وإذا كانت أمريكا بها أكثر الأعداد المصابة بفيروس كورونا في العالم فإن ولاية نيويورك هي الأكثر إصابة في جميع الولايات على الإطلاق وبها حوالي نصف عدد المصابين في الولايات المتحدة بأكملها.
تكبدت أمريكا خسائر مادية طائلة إذ كان المفترض أن يكون التدخل مبكرًا قبل شهرين من أول إصابة مسجلة داخل الولايات المتحدة، ومنذ بداية إصابات الصين ولذلك تعرضت الإدارة الأمريكية حاليًا لانتقادات حادة بسبب هذا التأخير في التعامل قبل حدوث الأزمة.
إلا أنها تعاملت مع الموقف بمنتهى الجدية لهذا الوباء منذ الإعلان عن أول إصابة في عمل تكاملي بين الإدارة و الشعب الأمريكي لأن لكل منهما واجبات ومسئوليات فالكل يعمل بهدف واحد هو سلامة أمريكا الوطن والعائلة والعمل والمستقبل.
وبالتعاون مع الرئيس ترامب منذ البداية وكان أداء حاكم نيويورك السيد/ أندرو كومو هو الأكثر تميزًا فظهرت مهاراته في القيادة وإدارة الأزمة بطريقة غير مسبوقة وبقرارات فورية وحاسمة في تناسق وبتسخير قوة التكنولوجيا والتواصل عن بُعد وقوة الدولة للإعلام وقوة المنظومة الأمريكية الطبية والتي تعد الأكثر تعقيدًا وأكثر تميزًا عالميًا.
نيوزويك الأمريكية تكشف عن بديل ترامب في حالة إصابته بكورونا
كانت الخطة تهدف إلى تقليل الإصابة ومنع العدوى وزيادة سعة المستشفيات لتوفير الرعاية الصحية لجميع المصابين مع الأخذ في الاعتبار المرضى سابقًا لأسباب أخرى غير كورونا. وكانت الأوامر الصادرة من الرئيس ترامب وحاكم نيويورك والأطباء المتخصصين كمستشارين لحملة القضاء على الفيروس متناسقة وتعدت حدود التوقعات للسيطرة على الوباء الذي يهدد الجميع، وكان أولها إصدار المنشورات المرئية والمسموعة والمقروءة باحتياطات الوقاية من العدوى على جميع المستويات والتأكيد والالتزام بذلك.
تعطيل الطيران بين أمريكا والبلاد المصابة وعلى رأسها الصين وجميع بلاد أوروبا فيما عدا المملكة المتحدة وعلى القادمين من خارج أمريكا الخضوع لإجراءات الحجر الصحي في المطارات.
وقرر حاكم نيويورك إجراءات الغلق العام في الولاية يشمل ذلك كافة المدارس والكليات العامة والخاصة وإدارة المناهج عن طريق التعليم عن بُعد شاملة جميع الخدمات الأخرى للطلاب.
ثم إجراءات أكثر جدية خاصة بإغلاق الأعمال وأن تكون 100% من قوة العمل من خلال الإنترنت باستثناء السوبر ماركت، الصيدليات والقطاع الطبي، وعلى الجميع الالتزام بالمنزل وعدم الاختلاط بأسر أخرى، وللتأكيد على ذلك أصبح حتميًا إصدار الغرامات على الأفراد وأصحاب الأعمال في حال اختراق الأوامر.
أغلقت الباركات المفتوحة وذلك لتأكيد على الالتزام بعدم الاختلاط ومنع التجمعات التي تزيد 10 أفراد مع الالتزام بالمسافات المسموح بينهم، إلى جانب حظر التجوال من الساعة الـ 7 مساءً إلى الـ 5 صباحًا.
ومع توقع زيادة الأعداد التي أكدتها ورصدتها اختبارات الكشف عن الفيروس كان لا بد من التحرك السريع لزيادة سعة المستشفيات والحفاظ على الفريق الطبي من العدوى، وذلك من حيث زيادة عدد الأَسِرَةْ، المعدات، اجهزة التنفس الصناعي وجميع أدوات الوقاية ضد التلوث.
وأصبح رصد الأعداد و إظهار الرقم الحقيقي للإصابة من أهم مواجهة الفيروس ومتابعته و إصدار التوقعات بالوصول لذروة العدوى بعد ذلك في فترة زمنية قد تصل من 8-10 أسابيع ثم بداية انخفاض الأعداد المصابة، وكان يستدعي ذلك أولًا رصد الأعداد المصابة بتوفير الاختبارات للجميع ورفع كفاءة الاختبار فنحصل على النتائج في بضع دقائق بدلًا من عدة أيام وهذا شيء مهم أيضًا لرصد جميع الأعداد واستخدامها في أبحاث دراسة الفيروس ودراسة المصل الذي يعمل عليه الباحثون الآن.
تطلب الأمر زيادة في عدد السرائر الطبية من 50 ألفًا إلى 140 ألف سرير، وكذلك زيادة أجهزة التنفس الصناعي من 6 آلاف إلى 50 ألف جهاز في جهود مضنية لمحاولات ناجحة لاستيعاب حاجات المصابين خصص كومو أحد مراكز المؤتمرات إلى مستشفى تحمل 1000 سرير وطالب بـ 4 مستشفيات ميدانية سعة كل منها 250 سريرًا، وتم استدعاء وحدات الحرس الوطني لتحويل 10 آلاف غرفة فندقية وجميع المدارس والكليات إلى مستشفيات عاجلة لاستخدامها عند الضرورة إلى جانب تخصيص مستشفى حربي (سفينة) يتبع أسطول البحرية الأمريكية لترسى بميناء نيويورك سعته 1000 سرير.
الصحة العالمية: عدد المصابين بفيروس "كورونا" في العالم تجاوز 570 ألفا
أعلن أيضًا حاكم نيويورك فتح باب التطوع الآن والذي يكون إجباريًا -إذا استدعى الأمر لمواجهة الأعداد المصابة والمتوقع- لجميع القطاعات من الفريق الطبي ممن وصلوا سن التقاعد وطلبة كليات الطب، وقد قامت اثنتان من أشهر كليات الطب في نيويورك NYU وColumbia بتخريج دفعات مبكرة لضمها للفريق الطبي للإنقاذ العاجل ولمساعدة الفريق الطبي الحالي.
هذا كان الوضع بصورة مجملة ومختصرة في ولاية نيويورك والتي عدد سكانها يتراوح بين 6-8 ملايين نسمة.
وفي الشأن العام واصلت الإدارة الأمريكية الاستجابة لزيادة حزمة المساعدات منذ اندلاع أزمة الفيروس بداية بالموافقة على ميزانية 8.3 مليار دولار ثم إلى 40 مليار دولار ثم وصلت الموافقة على ميزانية وصلت إلى 2 تريليون دولار وصفها الرئيس الأمريكي أنها أكبر حزمة إنقاذ صدرت في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لتغطية جميع التكاليف ومساندة الشعب الذي فقد البعض منه عمله أو توقف إلى أجل غير مسمى ومساندة البورصة التي شهدت هبوطًا حادًا بسبب تداعيات فيروس كورونا.
والآن ويحدث قريبًا أوامر أكثر تعقيدًا، وقد لوَّح بذلك عدة مرات الرئيس ترامب مؤخرًا أن يتم إجراءات الحجر الصحي العام والشامل على ولاية نيويورك وعدة ولايات مجاورة، وهذه محاولات جادة وصارمة لاحتواء الأزمة والسيطرة على العدوى والخروج من الأزمة في أقل وقت ممكن و بأقل الخسائر بالمقارنة إذا ما لم تتخذ هذه الإجراءات أبدا أو التخاذل في تنفيذها.
والرسالة هنا إلى المصريين أن يحملوا على عاتقهم هذه المسئولية الجسيمة، وأن ينصتوا جيدًا إلى النصائح المقدمة لهم من الإدارة المصرية والمتخصصين، وعليهم أن يلتزموا بجميع إجراءات الوقاية وحظر التجوال بجدية وعلى أكمل وجه حتى لا نتعرض لتداعيات مكلفة لا قدر الله قد لا نحتملها ماديًا واقتصاديًا، والحمد لله فقد أشادت منظمة الصحة العالمية أن مصر تأخذ الإجراءات الوقائية والاحترازية بصورة مثالية وآمنة في هذا الشأن، وعلى الشعب المصري أن يتعاون مع الإدارة المصرية في تنفيذ ذلك والمحافظة على أرواحنا وأرواح من نحب والحفاظ على اقتصادنا الذي شهد تقدمًا ملحوظًا قبل أزمة الفيروس.
حفظنا الله الجميع في كل مكان وحفظ لنا مصر وطنًا غاليًا عظيمًا.. د. أماني عبد المنعم، استشاري العلاج الطبيعي والتأهيل نيويورك.